مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في قرى حدودية في جنوب لبنان “دمار شامل” بعد انسحاب إسرائيل

afp_tickers

غيّرت أكوام الركام والحقول المجروفة معالم الأحياء التي كانت تضجّ بالحياة قبل اندلاع الحرب في العديسة الحدودية في جنوب لبنان التي دخلها علي قشمر سيرا على الأقدام الثلاثاء بعد الانسحاب الإسرائيلي منها ليقف مذهولا أمام ركام ومبنى مدمّر كان يقع فيه منزله.

ويقول قشمر (74 عاما) “هذا منزلي. كان عبارة عن بناء من ثلاثة طوابق، كنت أقطنه مع أولادي. لقد سويّ تماما بالأرض”.

ويشير الى منازل قريبة انهارت جدرانها أو تصدّعت قائلا “هذه منازل أشقائي، كلّها مدمرة”.

ويضيف “جلنا القرية كلها سيرا على الأقدام. لا يمكن للسيارات الدخول اليها”.

 في الطرق التي اختفت آثارها وفي أماكن هنا وهناك، ركام، ودمار. ويواجه منزل قشمر بلدة مسكاف عام الإسرائيلية التي خلت من أي حركة لجنود إسرائيليين الثلاثاء، وفق مراسل لوكالة فرانس برس.

ويقول قشمر الذي ترك مع أولاده وعائلاتهم العديسة منذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر 2023، “جئنا لنشتمّ رائحة الأرض ورائحة القرية، (…) المهجورة والخالية تماما، لكن الدمار شامل ولا مكان يأوينا”.

في العديسة كما في الطيبة وحولا وميس الجبل، يروي سكان أنهم لم يتمكّنوا من التعرّف الى منازلهم وأحيائهم من شدة الدمار.

ونفّذت القوات الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية عمليات تفجير ضخمة في القرى الحدودية، محدثة دمارا هائلا. وقالت إنها تدمّر بنى تحتية لحزب الله.

وأدّت المواجهة بين حزب الله واسرائيل، وفق تقرير للبنك الدولي صدر منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، الى تضرّر نحو مئة ألف وحدة سكنية، تدمّر نحو 18 في المئة منها بالكامل.

في الطريق الى بلدة العديسة، كما هي الحال الى كفركلا وميس الجبل ومركبا وحولا وسواها من البلدات الحدودية التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية مع انتهاء المهلة المحددة لانسحابها من جنوب لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، يتكرّر مشهد الدمار، وفق ما أفاد مراسلون ومصوّرون لفرانس برس.

وكانت طوابير سيارات طويلة اصطفت منذ ساعات الصباح الأولى في انتظار سماح الجيش اللبناني للسكان بالدخول الى بلداتهم. وانتشرت وحدات من الجيش اللبناني منذ ليل الإثنين داخل 11 قرية، وأزالت سواتر ترابية من الطرق كان أقامها الجيش الإسرائيلي خلال سيطرته على المنطقة.

ولم تتحمّل عائلات كثيرة الانتظار، فأكملت طريقها سيرا على الأقدام لتفاجأ بهول الدمار الذي طال المنازل والطرق والحقول الزراعية المجروفة على نطاق واسع.

– “لا تقترب” –

وبدأ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار برعاية أميركية فرنسية في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد أكثر من عام من المواجهة بين حزب الله وإسرائيل. ونصّ الاتفاق على وقف العمليات القتالية وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، وانسحاب حزب الله حتى نهر الليطاني، أي على بعد قرابة ثلاثين كيلومترا من الحدود.

إلا أن إسرائيل أعلنت مع انسحاب قوات لها الاثنين، الإبقاء على تواجدها في “خمس نقاط استراتيجية مرتفعة”. 

وتقع إحدى تلك النقاط على الطريق الفاصل بين بلدتي العديسة وكفركلا، وشاهد مراسل لفرانس برس بالقرب منها سواتر ترابية مرتفعة، من دون أن يتمكّن من رصد أي تحركات لجنود اسرائيليين.

ولا يأبه محمّد مويسي ببقاء القوات الإسرائيلية على مقربة من بلدته.

ويقول لفرانس برس بانفعال “سنعود الى قريتنا، شاؤوا أم أبوا، سنرجع رغما عنهم”.

واستبق عناصر الجيش اللبناني دخول الأهالي الى بلداتهم بفتح الطرق والتأكد من عدم وجود أجسام متفجرة. وعلّق الجيش ملصقات تحذّر من مخاطر الأجسام المتفجرة تحت الركام، وجاء فيها “لا تقترب، لا تلمس، بلّغ فورا”.

وقتل أكثر من أربعة آلاف شخص في لبنان، بينهم المئات من مقاتلي حزب الله خلال قرابة سنة من تبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله. ولا تزال عائلات مقاتلين من حزب الله تنتظر سحب جثثهم من تحت الركام. وشاهد مصوّرو فرانس برس سيارات إسعاف تدخل الى عدد من البلدات الحدودية.

ومنذ ساعات الصباح، حضرت سميرة جمعة الى بلدة كفركلا، وسارت مع عشرات الأهالي الذين حمل بعضهم صور أبنائه ورايات حزب الله الصفراء.

وتقول لفرانس برس “جئت بحثا عن أخي الشهيد في كفركلا، جاء إلى هنا مع رفاقه (…) ولا نعرف عنهم شيئا”.

وتضيف “نحن على يقين أنهم استشهدوا، لكن نأمل أن نعلم شيئا عنهم”.

بور-ستر/لار/رض

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية