مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في مدينة حلب في شمال سوريا تطمينات من الفصائل المعارضة الى المسيحيين

afp_tickers

على غرار عادتها كل عام، شاركت تيريز كالاغاسي في قداس عيد القديسة بربارة في الكنيسة في مدينتها حلب، رغم القلق الذي يعتري الأقلية المسيحية مع خروج المدينة عن سيطرة القوات الحكومية وسيطرة فصائل معارضة عليها.

وقالت كلاغاسي (60 عاما) من كنيسة القديسة بربارة لطائفة الأرمن الكاثوليك في حي السليمانية في حلب، “رغم الظروف لدينا في حلب، أحببنا أن نكرر معايدتنا للقديسة بربارة التي يعدّ عيدها مباركا في طائفتنا ونحتفل به كل عام”.

وتوافد العشرات من المصلين مساء الأربعاء الى الكنيسة لإحياء ذكرى القديسة بربارة والتي تحتفل العديد من الطوائف المسيحية بعيدها في الرابع من كانون الثاني/يناير.

وجاء الاحتفال بعد أيام من سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) على غالبية أحياء مدينة حلب، لتصبح المدينة بأكملها خارج سيطرة القوات الحكومية لأول مرة منذ اندلاع النزاع في العام 2011.

ويقدّم الرئيس بشار الأسد نفسه حاميا للأقليات. وتدين شريحة واسعة من مسيحيي سوريا بالولاء لدمشق، وقد طُردوا أو هُجّروا على أيدي مجموعات إسلامية متطرفة خصوصا من مناطق عدة خلال سنوات النزاع.

ورغم القلق الذي يسود المدينة، تقول كالاغاسي “يبقى العيد عيدا رغم الظروف، ونصلّي لمناسبة هذا العيد العظيم أن يعمّ السلام في بلادنا”. 

على مقاعد الكنيسة الفسيحة، توزّع المصلّون.

وطمأن رئيس أساقفة حلب للأرمن الكاثوليك المطران بطرس مراياتي في عظته المسيحيين بالقول “لا تخافوا…، وصلتنا تطمينات من الجهات كافة +أكملوا حياتكم وكل شيء سيكون كما كان وأفضل+”.

– “دهشة” –

قبل اندلاع النزاع الذي عاشت حلب فصولا مرعبة منها بين عامي 2012 و2016، شكّلت المدينة الرئة الاقتصادية للبلاد. 

وكان يقطنها نحو مليوني نسمة، وفقا للتقديرات، غالبيتهم مسلمون لكنها ضمّت أقلية مسيحية قُدرت بمئتي الف شخص بينهم خمسون ألف أرمني.

لكن مع احتدام المعارك، تراجع عدد المسيحيين تباعا إلى 30 ألفا بينهم 10 آلاف أرمني بسبب الهجرة، خصوصا إلى الغرب، وفقا لمصادر داخل الطائفة.

وأثار دخول هيئة تحرير الشام، الفصيل المتشدّد، مع حلفائه الى المدينة قلقا بين المسيحيين. لكن ممثلين عن الفصائل توجهوا إلى دير ومستشفى يديرهما رجال دين مسيحيون وأكّدوا لهم أنهم لن يتعرضوا لهم، بحسب المصادر ذاتها.

وقال أحد سكان المدينة المسيحيين لفرانس برس عبر الهاتف، من دون ذكر هويته، “ما أثار دهشتنا هو أن سلوك محتلي حلب الجدد يختلف تماما عمّا توقعناه”. 

وأضاف “كل الإشارات التي يرسلونها تهدف إلى القول إنهم ليسوا هنا لجعلنا نعاني. إنهم هنا لمساعدتنا. ويقولون +كل ما نريده هو إسقاط نظام الأسد+”.

وسارع زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني الى طمأنة المسيحيين في المدن والبلدات التي تتقدم قواته اليها، بينها مدينة حلب.

وخاطب في بيان نشره حساب قيادة الفصائل على منصة “تلغرام”، المقاتلين بالقول “هدّئوا من روع أهلنا من كافة الطوائف، فإن حلب كانت دائما وما تزال ملتقى للحضارات والثقافات ولديها تاريخ طويل من التنوع الثقافي والديني”.

ودعا الأربعاء أهالي مدينة محردة ذات الغالبية المسيحية الواقعة شمال غرب مدينة حماة، والتي دخلها مقاتلوه، الى الامتناع عن النزوح. وقال “سنحرص على حمايتكم والحفاظ على ممتلكاتكم”.

وطالبت جهات عدة، بينها منظمات حقوقية ورجال دين، أطراف النزاع في شمال سوريا بحماية المدنيين، خصوصا في حلب.

وفي مقابلة مع وسيلة إعلام إيطالية، دعا السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري الى تحييد المدنيين العزل، لافتا الى أن الكنيسة فقدت – خلال سنوات الحرب – ثلثي المسيحيين، مع هجرة عشرات الآلاف منهم.

ستر-لار-اط/رض

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية