قرار تاريخي لمحاربة التدخين
صادقت الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية على أول اتفاقية لمحاربة التبغ فيما وصفته المديرة العامة للمنظمة جرو هارليم برونتلاند بالقرار التاريخي
ومن بين ما تستهدفه الاتفاقية،الحد من الاشهار لمواد التبغ في محاولة لحماية الشباب ومحاربة عمليات التهريب والتحايل على صحة المواطن.
بتصفيق حار، صادق ممثلو البلدان الأعضاء الـ 190 في منظمة الصحة العالمية على أول اتفاقية إطارية لمحاربة التبغ، كخطوة أولى في مجال محاربة أضرار التدخين.
وقالت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية السيدة جرو هارليم برونتلاند بعد المصادقة “إنها لحظة تاريخية في مجال الصحة العامة”.
وستعرض الاتفاقية بعد اعتمادها يوم الأربعاء في جنيف على الدول الأعضاء للمصادقة عليها، وذلك بداية من يوم 16 يونيو، وتُصبح سارية المفعول بعد 90 يوما من مصادقة 40 دولة عليها.
حل وسط قد لا يرض الجميع
الاتفاقية التي تم التوصل إليها بعد 7 سنوات من النقاش و4 سنوات من المفاوضات حول صيغتها النهائية، تمثل حلا وسطا بين الراغبين في محاربة صارمة للتدخين، وأغلبهم من البلدان النامية، ومن المنظمات غير الحكومية النشيطة في مجال محاربة التدخين، وبالأخص في الولايات المتحدة من جهة، وبين الدول المنتجة للتبغ او التي بها جماعات ضغط خاضعة لنفوذ كبريات شركات صناعة التبغ من جهة أخرى.
ولاشك أن اكبر نقاط الخلاف بين التيارين، مسالة الحد من الإشهار والدعاية لمنتجات التبغ. حول هذه النقطة تركت الاتفاقية القرار النهائي بين أيدي الدول لتحديد إجراءات منع الدعاية والإشهار وفقا لدساتيرها وقوانينها.
وقد ترك للدول التي لا تسمح دساتيرها بهذا الحظر الشامل على وسائل الدعاية لمنتجات التبغ، أن تعمل على الأقل على الحد من حرية هذا الإشهار في وسائل إعلامها بعد خمس سنوات من دخول المعاهدة حيز التطبيق.
أما فيما يتعلق بالدعاية العابرة للحدود، في إشارة إلى الفضائيات ووسائل البث الأخرى، فتنص الاتفاقية الإطارية على ضرورة فرض حظر فعلي على هذا النوع من الإشهار بعد خمس سنوات من دخول المعاهدة حيز التطبيق.
ومن الممارسات التي تهدف الاتفاقية إلى إلغائها او تقليصها، بيع منتجات التبغ في المناطق الحرة كالمطارات والموانئ بأسعار غير خاضعة للرسوم، وحماية أكثر لغير المدخنين في أماكن العمل المغلقة او في الأماكن العمومية ووسائل النقل.
التحذير من مضار التدخين بشكل أكثر وضوحا
ومن المواصفات التي تفرض الاتفاقية الإطارية ضرورة توفرها في علب السجائر بعد دخول المعاهدة حيز التطبيق، تجنب المعلومات المغلوطة كوصف المنتوج بأنه أقل ضررا في إشارة إلى الأنواع التي توصف بالخفيف او Light، أو تلك التي تدعي احتوائها نسبة أقل من القار.
كما تنص اتفاقية محاربة التبغ على ضرورة توضيح التحذير من مخاطر التدخين بخط واضح، وأن يحتل التحذير ما بين 30 و50% من حجم العلبة. وفي ذلك محاولة لمنع التحايل بلجوء البعض إلى تدوين التحذير في أماكن غير مرئية وبخط صغير الحجم.
وإذا كان التحذير يتوجه بالدرجة الأولى لحماية الأحداث، فإنه يترك المجال أمام الدول لفرض حظر على استعمال الموزعات الأوتوماتيكية لمواد التبغ في محاولة للحيلولة دون وصول الأحداث ما دون سن الثامنة عشرة إلى شراء التبغ.
وللحد من عمليات التهريب التي تسود أسواق التبغ، نصت الاتفاقية على ضرورة وضع علامات مميزة على مواد التبغ لتسهيل اقتفاء أثرها واكتشاف مصادر تهريبها.
نعم للحظر، ولكن ما البديل؟
ولئن توصّـلت الاتفاقية الإطارية إلى تليين المواقف بين المناهضين للتدخين والراغبين في تفادي ذلك كنوع من الحفاظ على الحرية الفردية، فإن البديل المعروض على مزارعي التبغ لمساعدتهم على التحول إلى زراعة أخرى لم يتم الاتفاق بشأنه، وقد تُرك هذا الأمر لكي يعالج في أول اجتماع مراجعة سيعقد بعد عام من دخول المعاهدة حيز التطبيق.
وسيتم خلال مؤتمر المراجعة هذا، مناقشة إمكانية إقامة صندوق عالمي لمساعدة الدول النامية. لكن ترك إمكانية المشاركة في هذا الصندوق على أساس طوعي معناه أن الصندوق قد يجد صعوبة في الحصول على التمويل الضروري.
وتتجه كل الأنظار إلى لولايات المتحدة التي حاولت بشتى الوسائل عرقلة المفاوضات، والتي أعلنت خلال الأيام الأخيرة عن رغبتها في التوقيع على الاتفاقية. وسواء كان هذا الإعلان لأغراض انتخابية، ام تعبيرا عن رغبة حقيقية، فإن جدية هذه المعاهدة مرهونة بشكل او بأخر بموقف الولايات المتحدة منها.
سويسرا لن تصادق قبل 2006
سويسرا التي اتهمتها بعض المنظمات غير الحكومية بأنها من بين الدول التي حاولت فرملة التوصل إلى هذه الاتفاقية، أعلن ممثلها في اجتماع منظمة الصحة العالمية توماس زيلتنر، “أنها سوف لن تستطيع المصادقة على الاتفاقية الإطارية قبل عام 2006”.
ويعلل مدير المكتب الفدرالي للصحة هذا التأخر في مصادقة سويسرا على الاتفاقية “كون أن المعاهدة وضعت المعايير في مستوى لا يمكن سويسرا من المصادقة على الاتفاقية قبل عام 2006”.
ومن النقاط التي تمثل صعوبات بالنسبة لسويسرا حسب السيد زيلتنر، بند فرض حظر على الدعاية والإشهار، وحماية غير المدخنين، وتغيير طريقة تغليف علب السجائر، ومنع الأحداث من شرائها.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
يقضي التدخين حاليا على 5 ملايين شخص سنويا
قد يرتفع العدد في حدود عام 2020 الى عشرة ملايين
لدخول الاتفاقية حيز التطبيق يتطلب الأمر توقيع 40 دولة
سويسرا سوف لن تصادق عليها قبل عام 2006
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.