قضية الصحراء.. عقبة مزمنة في طريق المغاربيين
عادة ما يتجنب المغاربيون التطرق إلى القضية الأساسية التي تُـعيق مسار اتحادهم منذ تأسيسه قبل 18 عاما، ولا زالوا يتحركون في محيطها، يقتربون ويبتعدون..
.. لكن لا أحد منهم يعلق الجرس ويقول “هنا مربط الفرس” ولا داعي للذهاب بعيدا والبحث عن الحلول خارج المنطقة.
“قضية القضايا” المغاربية هي نزاع الصحراء الغربية المتفجر منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، دون أن يظهر حل لها في الأفق، وكل طرف من أطراف النزاع يقترح ويقدم مبادرات تحمل رؤيته، دون عناء البحث مع الطرف الآخر عن قواسم مشتركة، وكل ما يبحث عنه هو دعم دولي يجعل مقترحه أو مبادرته مرجعية لقرار صادر عن مجلس الأمن يفرض على الطرف الآخر.
نزاع الصحراء الغربية هو قضية القضايا لأن طرفيه (بغضّ النظر ماذا يقوله كل واحد منهما) أي الجزائر والمغرب، هما الدولتان الأكبر والأقوى في المنطقة، ووفاقهما دافعا لتوحيد دولها وتنافهما دافعا للتباعد فيما بينها.
ومنذ منتصف السبعينات، أخذ التوتر المستمر بينهما منذ استقلالهما، عنوان “الصحراء الغربية”، ووضعت في ملف القضية كل أوراق ملفات التوتر السابقة من قضايا حدود إلى ممتلكات مواطنين، هنا أو هناك، أو اتفاقيات لم تنفّـذ وغيرها من الملفات التي كانت تعطي تنافسا على النفوذ في الإقليم.
قادة الدول المغاربية حين التقوا في مراكش يوم 17 فبراير 1989، ليوقعوا ميثاق اتحادهم، كانوا يدركون عقدة قضية الصحراء الغربية في المسار التاريخي الحديث لمنطقتهم، وحاول بعضهم الإيحاء بذلك لَـعل القضية تُـطرح للنقاش في ظل وئام مغربي جزائري كان سائدا حينها قدر البعض أنه قد يساعد على إيجاد حل نهائي للنزاع.
لكن الملك المغربي الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، تعهّـدوا لزملائهم أن هذه القضية لن تشغل المغاربيين عن مسارهم الوحدوي وأنهما في تفاهم للإسراع في إغلاق هذا الملف نهائيا.
بهذا التفاؤل المستمد من روح مغاربية، لكن أيضا من مؤشرات لقاءات كانت تعرفها مراكش والجزائر وفاس، أعلن الاتحاد المغاربي وجال قادة الدول الخمس في شوارع مراكش في سيارة مكشوفة متوجّـهين إلى جامع الكُـتبية لأداء صلاة الجمعة.
لكن، ككل شيء جميل في هذا الزمن العربي، لم تطل فرحة المغاربيين، إذ دخلت الجزائر في معمعة حربها الداخلية لتتبعها ليبيا في أزمة حصارها الجوي والعسكري بسبب أزمة لوكربي، وخفتت جذوة الحماس المغاربي، لأن كلا من الجزائر وليبيا شعرتا أن شركاءها المغاربيين تعاملوا مع أزمتها بحيادية وبُـرود، وأحيانا ببعض التشفّـي، وأدى خفوت الروح المغاربية إلى إيقاظ الأزمات السابقة وإنعاشها، فعادت قضية الصحراء الغربية لتُـهيمن على المشهد المغاربي، وتعتبر رسميا منذ 1995 الحائل دون عودة الروح إلى الاتحاد، الذي تغنت به أطرافه كثيرا.
الاتحاد المغاربي في غرفة الإنعاش
وإذا كان الإعلان عن وفاة الاتحاد المغاربي لم يتم رسميا حتى الآن، ويحاول المغاربيون في كل المناسبات التأكيد على ضرورته “الإستراتيجية”، فإن الشعور السائد أن الأزمات التي تعصف ببقايا الاتحاد، وإذا كانت لم تعصف بهياكله، فإنها على الأقل تمنع عودة الروح إليه وإخراجه من غرفة الإنعاش التي أطال المكوث فيها.
في هذه السنة، يحيي المغاربيون الذكرى الثامنة عشر لتأسيس اتحادهم، اتحاد المغرب العربي، والعلاقات المغاربية الثنائية أو الجماعية تعيش حالات توتر وفتور، بعضها آني مثل ذلك الذي أنتجه القرار الليبي بفرض التأشيرة على مواطني دول الاتحاد ورد الفعل الجزائري على هذا القرار، وبعضها دائم وأساسا نزاع الصحراء الغربية، الذي لا زال يُـراوح مكانه في أروقة الأمم المتحدة، يُـنفخ عنه الغُـبار كل ستة أشهر لاتخاذ قرار جديد يمدّد ولاية قوات الأمم المتحدة المنتشرة في منطقة النزاع.
وللتذكير باستمرار الحياة في اتحادهم، عقد وزراء خارجية الدول الخمس دورة لمجلسهم السياسي حملت الرقم 23 ونجحوا في إقرار البنك المغاربي، الذي سيكون مقره في تونس وإصدار قرار لدعم لليبيا في أزمة الممرضات البلغاريات، والتأكيد على توافق مواقف الدول الخمس من مجموعة قضايا إقليمية وعربية ودولية.
وكما جرت العادة، لم يبحث الوزراء نزاع الصحراء وتطوّراته، رغم أنهم حينما كانوا مجتمعين في الرباط، كان هناك وفد وزاري مغربي كبير وهام يزور باريس ومدريد ليشرح للمسؤولين هناك، في إطار جولة وتحرك دبلوماسي، يشمل عددا من عواصم الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، المبادرة المغربية لحلّ سِـلمي لنزاع الصحراء الغربية، والقائم على منح الصحراويين حُـكما ذاتيا تحت السيادة المغربية.
ويسعى المغرب بتحركه والاستماع إلى ملاحظات الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى بلورة مبادرته واقتراحه ليقدّم صيغتها النهائية إلى دول المجلس قبل موفى شهر أبريل القادم، على أمل أن يلحظها قرار المجلس الجديد، ويشملها في نصوصه كإطار لحل سِـلمي، النزاع، يحفظ لجميع الأطراف مصالحها.
أفكار مغربية جديدة بخصوص الصحراء
رسميا، لم يكشف عن تفاصيل المبادرة، بل إن مسؤولا مغربيا قال إن الوفد في لقائه مع المسؤولين في مدريد وباريس لم يقدم وثيقة مكتوبة، بل أفكارا للنقاش والتطوير.
ما رشح من هذه الأفكار أنها تتضمن تشكيل حكومة محلية للحكم الذاتي الصحراوي يختار الملك رئيسها من بين أغلبية برلمانية، تفرزها انتخابات وتتكوّن السلطة التشريعية من مجلسين، ينتخب الأول من السكان، فيما يضم الثاني وجهاء وأعيان وشيوخ قبائل المنطقة، وتحدد الأفكار صلاحيات واسعة لسلطات الحكم الذاتي، التي عليها أن تحافظ على العلم المغربي والعُـملة المتداولة، بالإضافة إلى الجيش الوطني.
والمبادرة المغربية جاءت نتاج أفكار ومقترحات قدّمتها الأحزاب السياسية المغربية والمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، وتتم بلورتها مع عواصم الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فيما تبقى الأطراف المعنية أساسا بالملف بعيدة عن هذه الحوارات. إذ يتجاهل المغرب شركائه في اتحاد المغرب العربي، إما لأنهم أطراف في النزاع أو لأنهم نأوا بأنفسهم عن الدخول فيه.
فالجزائر تتبنّى موقف جبهة البوليساريو برفض المبادرة المغربية فور الإعلان عنها واعتبارها التفافا على قرارات مجلس الأمم الدولي ذات الصلة والتي تؤكّـد على منح الصحراويين حق تقرير المصير. أما موريتانيا، رغم أنها معنية بالنزاع وِفق قرارات الأمم المتحدة بحكم موقعها التاريخي والجغرافي والسياسي، مشغولة بانتخاباتها وإنهاء مرحلتها الانتقالية.
أما ليبيا وتونس، اللتين ابتعدتا منذ الثمانينات عن اتخاذ أي موقف من النزاع وأطرافه، فإنهما يشعران بارتياح لاستبعادهما من هذه المشاورات وتُـدركان أنه إذا كان النزاع الصحراوي المستمر منذ أكثر من 20 عاما قد حرم شعوب المنطقة من حُـلمها في وِحدة أو تعاون وتكامل على الأقل، فإن حل هذا النزاع، أضحى – وفق إرادة أطرافه – خارج المنطقة وبيد الدول التي قبِـل أطراف النزاع توكيلها بحله.
محمود معروف – الرباط
الجزائر (رويترز) – اتهمت جبهة بوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية أسبانيا يوم السبت 10 فبراير بالتخطيط لتزويد المغرب بعربات مدرعة قائلة ان هذه الخطوة ستضر بقدرة أسبانيا على المساعدة في انهاء اقدم نزاع اقليمي في افريقيا.
وقالت وزارة خارجية الحكومة التي اعلنت من جانب واحد في المنفى والتي تقودها جبهة بوليساريو في بيان ان عملية البيع المفترضة من قبل القوة الاستعمارية السابقة للصحراء الغربية ستسهم في تهيئة مناخ حرب.
وقالت ان تسليح الحكومة الاسبانية لقوات الجيش المغربي في ظل ظروف تتطلب مواصلة جهود السلام وتعزيزها امر يؤسف له بشدة بسبب عواقبه العسكرية والدبلوماسية.
واضافت ان ذلك يجعل اسبانيا تبعد نفسها عن مجموعة الدول التي تدعم عملية السلام كما يؤدي الى استبعادها من اي وساطة في المستقبل في الصراع.
وقالت ان اسبانيا لا تعرقل باتخاذها هذا القرار جهود السلام التي يقوم بها المجتمع الدولي فحسب بل تساعد ايضا في تهيئة اجواء حرب نفسية.
ولم يرد اي تأكيد رسمي من اسبانيا عن الصفقة ولم يتسن الحصول على تعليق من المسؤولين بوزارة الدفاع الاسبانية في مدريد.
واحتج الحزب اليساري المتحد المعارض في اسبانيا لدى البرلمان الوطني وفي بروكسل على ما وصفه باتفاق ابرم مع المغرب في نوفمبر تشرين الثاني 2006 لتسليمه 1200 عربة مدرعة و800 شاحنة عسكرية وعشرة قوارب دورية.
وذكرت صحيفة الباييس الاسبوع الماضي ان الاتفاق الذي تقول تقارير اخبارية ان قيمته تصل الى 200 مليون يورو (260 مليون دولار) سيمثل تقريبا نصف اجمالي صادرات اسبانيا العسكرية خلال 2005.
وكانت الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا من بين الدول الرئيسة التي تزود المغرب بالعتاد الحربي في الماضي.
ويعيش عشرات الالاف من اللاجئين في مخيمات بالصحراء المترامية الاطراف منذ عام 1975 عندما سيطر المغرب على معظم الاراضي الصحراوية الغنية بالمعادن لدى انسحاب اسبانيا.
واعلنت بوليساريو ما يسمى بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في عام 1976 لكن سنوات الحرب التي اعقبتها سنوات اخرى من الدبلوماسية المدعومة من الامم المتحدة بمشاركة لم تتح خروج دولة مستقلة الى حيز الوجود.
وانتهت حرب عصابات في عام 1991 عندما توسطت الامم المتحدة في التوصل الى هدنة وأرسلت قوات حفظ سلام استعدادا لاجراء استفتاء لتقرير المصير. ولم يجر الاستفتاء في الوقت الذي يؤكد فيه المغرب حاليا على أن أقصى ما يمكن أن يقدمه هو حكم ذاتي في الاقليم.
وتقول جبهة بوليساريو ومقرها الجزائر ان اجراء استفتاء على الاستقلال هو الوسيلة الوحيدة لانهاء الصراع.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 10 فبراير 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.