قلق أممي من تدهور الأوضاع الإنسانية في دارفور والعراق وغزة
عبر يان إيغلاند، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، عن القلق الكبير حول تدهور الأوضاع الإنسانية في كل من دارفور والعراق وقطاع غزة.
وأمام خطورة الأوضاع وتعذر إحراز تحسن بطرق تقليدية، وجه إيغلاند من جنيف نداء إلى القادة الروحيين والسياسيين والشخصيات الثقافية من أجل التدخل للتخفيف عن المتضررين.
عرض منسق الأمم المتحدة في مجال المساعدة الإنسانية يان إيغلاند في لقاء مع الصحافة في جنيف صباح الأربعاء 11 اكتوبر 2006، صورة قاتمة عما وصلت إليه الأوضاع الإنسانية في كل من دارفور والعراق وقطاع غزة.
فمن قتال بين الميليشيات في دارفور بتواطؤ حكومي، إلى عجز دولي خلف أكثر من 200 الف قتيل ومليوني نازح، وقتل بدوافع طائفية في العراق يخلف أكثر من 100 قتيل يوميا، إضافة إلى حصار لقطاع غزة جعل المنطقة تتحول الى “قنبلة موقوتة”، على حد تعبيره.
تدهور مأساوي في دارفور
السيد يان إيغلاند أشار إلى أن “تدهور الأوضاع لا زال مستمرا في دارفور” وإلى أن “الأربعة عشر الف عامل إغاثة الذين يقومون بعمل بطولي لإبقاء حوالي 3 مليون نازح على قيد الحياة، يتعرضون لمضايقات يومية ويتم احتجاز ممتلكاتهم”، وقال “لقد فقدنا عددا منهم منذ بداية عمليات الإغاثة في دارفور”.
ويقول السيد إيغلاند “إن طبيعة العنف بدأت تتغير عما كانت عليه في البداية، فإذا كان افراد الميليشياتات المورطة في عمليات الاقتتال في دارفور في البداية يتنقلون على ظهور الجياد والإبل، فإنهم يستخدمون اليوم السيارات ذات الدفع الرباعي والأسلحة الأوتوماتيكية وقاذفات القنابل، وهم أكثر عنفا من ذي قبل”.
وأفاد أيضا بأن عدد الميليشيات ازداد بسبب انقسامات وقعت في بعض منها وحتى داخل مجموعة جيش تحرير الشعب السوداني التي وقعت على اتفاق سلام مع الحكومة.
وفي معرض حديثه عن منطقة “جريدة” التي قال إنه زارها في بداية العام، اتضح أن عدد النازحين إليها قد ازداد من 90 ألف الى 150 الف حاليا، وأضحت المخيم الذي يعرف أكثر كثافة سكانية في العالم. ونتيجة لعمليات القتال الدائرة، اضطر اغلب عمال الإغاثة للهروب من المنطقة، كما تم ترحيل 80 من عمال الإغاثة الأمميين والتابعين لمنظمات غير حكومية.
أما في منطقة “مهجرية”، التي قال عنها، إن قوات الاتحاد الإفريقي كانت قد قامت بعمل جبار لتأمين الأمن فيها في عام 2005، فقد حول القتال الدائر فيها حاليا أكثر من 170 ألف نازح الى رهائن بين أيدي الميليشيات المتقاتلة.
ورغم الجهود المبذولة من قبل منظمات إنسانية، وبالأخص من طرف برنامج الغذاء العالمي، وبسبب هذا التدهور الأمني، يقول السيد إيغلاند إن عدد المتضررين الذين لم نعد قادرين على الوصول إليهم يفوق ربع مليون شخص، وأن أكثر من 150 ألف مرحل ظلوا بدون مساعدات منذ عدة أشهر.
عنف طائفي وعمليات عسكرية
وعن العراق، قال المنسق الأممي للشؤون الإنسانية، إن الأوضاع تدهورت بشكل كبير خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، مضيفا أن “العنف الطائفي والعمليات العسكرية أدت الى نزوح أكثر من 315 الف شخص خلال الثمانية أشهر الماضية”.
ووصف القصف الذي تعرضت له المراكز الدينية الشيعية في سامراء في فبراير الماضي “بنقطة التحول في مستوى العنف بالعراق”. وكان من نتائج ذلك “ان تسعة ألاف شخص يضطرون للنزوح أسبوعيا، وما هو أتعس أن أكثر من 100 شخص من رجال شرطة ومجندي الجيش وقضاة ومحامين وصحفيين، وبشكل متزايد من النساء، يقتلون يوميا”، إما رميا بالرصاص او بسبب التعذيب. ويذهب السيد إيغلاند إلى أن المتسبب في هذا القتل، هو “العنف الطائفي والميليشيات المسلحة وفرق الموت”.
في سياق متصل، بلغ عدد العراقيين اللاجئين في الدول المجاورة – حسب تقديرات الأمم المتحدة – الى ما بين 1،2 و1،5 مليون لاجئ عراقي وأن عدد العراقيين الذين يعبرون الحدود يوميا في اتجاه سوريا يفوق المائتي شخص، وهو ما أدى إلى فقدان الجامعات والمستشفيات العراقية لحوالي 80% من إطاراتها وكوادرها.
وقد عبر السيد يان إيغلاند عن القلق تجاه هشاشة الخدمات الاجتماعية المقدمة لحوالي 1،5 مليون مرحل داخلي في العراق، مذكرا بما تقوم به الأمم المتحدة في هذا الإطار. لكن المسؤول الأممي حذر من أن المنظمات الإنسانية على وشك الإنتهاء من إنفاق الأموال التي تم توفيرها بعد نداء 2003.
وعن حجم الأموال المطلوبة لتمويل برامج الأمم المتحدة في المستقبل في العراق، قال السيد إيغلاند إن هناك عملية إعادة تقييم جارية في الوقت الحالي، نتيجة للوضع الجديد للمرحلين ولأن فئات جديدة تضررت من تفاقم الأوضاع.
قنبلة موقوتة في غزة
أما عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد وصفها السيد يان إيغلاند بأنها عبارة عن” قنبلة موقوتة”، واعتبر أن إمكانية المرور الى قطاع غزة أصبحت غير موجودة او متعذرة.
وقد اقترح المنسق الأممي للشؤون الإنسانية “طريقة جديدة للتعامل مع إسرائيل، للسماح بتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة والسماح للقطاع الاقتصادي هناك بتصدير منتجاته للخارج”. وقال “إن الإسرائيليين يدرسون هذا الاقتراح ويدرسون إمكانية تعزيز المراقبين لضمان أن ما يتم تمريره لا يمس أمن إسرائيل”.
دعوة لجهود دبلوماسية واسعة
في سياق نداء موجه للمجموعة الدولية حول دارفور، وبالأخص إلى الدول العربية والإسلامية، قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “إن ما ندعو إليه اليوم، هو القيام بتحرك دبلوماسي واسع، إذ لا يكفي ان تدفع بعض الدول الغربية من أجل إقامة قوات تدخل أممية”. وقال: “لقد حان الوقت لإقناع حكومة السودان بان قوات أممية هي قوات شاملة تضم عربا وأفارقة وآسيويين وليست قوات غربية”.
ويرى إيغلاند أن هذه القوة الأممية التي عليها ضمان وصول المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين، يجب أن تدعمها الدول الآسيوية والإفريقية والعربية والإسلامية، مشددا على أن “الكل يجب ان يشعر بالقلق تجاه تكاثر الانتهاكات التي يتعرض إليها المدنيون وتجاه اختطاف واغتصاب النساء وعمليات القتل التي قامت بها ميليشيات الجنجويد في الأيام الأخيرة”.
وبخصوص العراق قال المسؤول الأممي “إننا نوجه نداء لكل من بإمكانه أن يضع حدا لأعمال العنف، من زعماء دينيين وشيوخ قبائل وشخصيات ثقافية”. ويرى ان الأقليات العرقية في بعض المناطق أصبحت في خطر، وان عمليات النزوح في تزايد مستمر، وأكد على “أنه يجب وضع حد لهذا، لأنه واجب على كل من بإمكانه القيام بذلك”.
أما عن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيرى السيد يان إيغلاند أن ما وصفه بالقنبلة الموقوتة “قد ينفجر بمزيد من العنف في يوم من الأيام ويمس الجميع، بما في ذلك إسرائيل، لأنه لا يمكن لمليون ونصف من البشر الاستمرار في العيش فيما يشبه السجن، خصوصا وأن نصف السكان من الشباب”.
ويرى المسؤول الأممي أن الحل يكمن “في ضرورة تدخل طرف ثالث لمراقبة الحدود بين الطرفين للسماح للاقتصاد الفلسطيني بالتصدير، لأنه من غير صالح الجميع، بما في ذلك إسرائيل، الاستمرار في خنق الاقتصاد الفلسطيني”.
استجداء للحس الديني
ولم يتردد المنسق الأممي من مخاطبة الحس الديني لدى الأطراف المتصارعة في هذه المناطق من أجل احترام حلول مناسبات روحية للالتزام بهدنة، لتمكين المساعدات الإنسانية من الوصول إلى مستحقيها.
فقد قال إنه اقترح على كل الأطراف المشاركة في حرب دارفور، بما في ذلك الحكومة والميليشيات السبع “الالتزام بوقف لإطلاق النار بمناسبة حلول شهر رمضان”.
كما صرح بأن حلول يوم الغفران بالنسبة لليهود قد يشكل فرصة “لفتح الحدود والسماح لسكان غزة بالتنقل”، وردا على سؤال طرحته سويس إنفو عما إذا كان فرض القانون الدولي وحقوق الإنسان قد فشل كلية لكي يتم التوجه الى شخصيات دينية وثقافية لمحاولة التدخل لحل الصراعات، أجاب المنسق ألأممي للشؤون الإنسانية يان إيغلاند “في الواقع، إن تطبيق القانون هو عرضة للهجمات في شتى المناطق وأن عام 2006 سجل تحولا في هذا الإطار، ولكن لا يمكن القول أن تطبيق القانون هو في تراجع تام في العالم”.
وأوضح السيد إيغلاند أن المناطق التي تم التطرق لها، أي دارفور والعراق وفلسطين “تشكل أقلية بالنظر الى باقي أنحاء العالم التي عرفت تحسنا خلال الخمسة عشر عاما الماضية”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
الأزمة اللبنانية
النداء الأولي: 155 مليون دولار – النداء النهائي:97 مليون – الإستجابة الدولية: 102 مليون – نسبة الاستجابة 102%
الاراضي الفلسطينية المحتلة
النداء الأولي:215 مليون دولار – النداء النهائي: 384 مليون – الإستجابة الدولية:175 مليون – نسبة الإستجابة:46%
السودان
النداء الأولي: 1،525 مليار دولار – النداء النهائي: 1،603 مليار – الاستجابة الدولية:942 مليون – نسبة الإستجابة:59%
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.