قلق سويسري وترقب لتقييم الأوضاع في غزة
ابدت الخارجية السويسرية قلقها تجاه ما يجري في قطاع غزة، معبرة عن الأمل في عودة الفلسطينيين الى حوار وطني والى تطبيق مبادئ اتفاق مكة.
ميدانيا، يرى المسؤول عن مكتب الاتصال السويسري في الأراضي الفلسطينية، أن الحصار الدولي لحكومة حماس، الذي لم تشارك فيه سويسرا، كان خطأ استراتيجيا، وإذا كان متفائلا بخصوص تحسن الأوضاع في الضفة الغربية، فإنه يتساءل عن مدى بقاء قطاع غزة منفتحا على العالم وعلى احترام المعايير الدولية.
الأحداث التي عرفها قطاع غزة خلال الأسبوع الماضي، والتي وصفها الرئيس الفلسطيني محمود عباس “بانقلاب حماس” ووصفتها حركة حماس “بتطهير غزة من عملاء فتح”، اثارت قلقا في الأوساط السويسرية، السياسية منها والتنموية على حد السواء.
دعوة للعودة لحوار وطني
فقد عبرت وزارة الخارجية السويسرية في بيان صادر يوم الأحد 17 يونيو 2007 عن “القلق تجاه الأوضاع في قطاع غزة ومقدمة تعازيها لعائلات الضحايا”.
وإذا كانت الخارجية قد اكتفت بالقول بأنها “أخذت علما” بتعيين حكومة طوارئ من قبل الرئيس محمود عباس، فإنها عبرت عن “دعمها لجهوده الرامية الى إيجاد مخرج سلمي للأزمة”.
وقد عبرت الخارجية عن قناعتها من أن أمل عودة الأطراف المتصارعة الى حوار وطني ولتطبيق مبادئ اتفاق مكة المبرم في شهر فبراير 2007، “أمر ممكن”.
وإذا كانت الخارجية السويسرية قد شجعت الرئيس محمود عباس على مواصلة جهوده الرامية للتوصل الى تسوية سلمية للازمة، تأخذ بعين الاعتبار مصالح كل الفلسطينيين والفلسطينيات، فإنها طالبت كافة الأطراف بالعدول عن العنف ولاحترام القانون الإنساني الدولي احتراما كاملا.
الحرص على الوحدة الترابية
بيان الخارجية السويسرية في تأكيده على ضرورة استئناف الحوار الوطني بين الأطراف الفلسطينية، شدد على ضرورة العمل على “استتباب الأمن والنظام في قطاع غزة والحفاظ على وحدة التراب الفلسطيني”، كما عبرت الخارجية السويسرية عن القلق من التأثيرات الإنسانية لأحداث غزة على السكان المدنيين.
وفي هذا الإطار، شددت على “ضرورة ضمان مرور المساعدة الإنسانية الى قطاع غزة الغذائية منها والطبية، كما طالبت بعدم اعتراض عمل المنظمات الإنسانية الدولية.
“خطأ استراتيجي”
في حديث لصحيفة لوتون السويسرية (تصدر في جنيف)، عبر ماريو كاريرا، المسؤول عن مشاريع المساعدة السويسرية في الضفة والقطاع، عن تقيمه للأوضاع، سواء التنموية منها او السياسية عقب التطورات الأخيرة التي تمت بعد استيلاء حركة حماس كلية على قطاع غزة.
ويرى السيد كاريرا أن “الحصار الدولي، الذي تم تطبيقه بعد فوز حركة حماس، كان بمثابة خطأ استراتيجي، وعمل على تضخيم التوترات المتزايدة بين الأطراف المختلفة، والتي كان لها أن تقود في يوم من الأيام الى الانفجار”.
ويقول المسؤول السويسري “إن هذا الحصار، إذا كان البعض يرغب من ورائه في الضغط على الحركة الإسلامية لدفعها الى تليين مواقفها، فإن النتيجة تمثلت بالدرجة الأولى في إفقار عام للسكان، وإضعاف للسلطة الفلسطينية وتضخيم الشقاقات والصراعات الداخلية وتأزم الأوضاع الإنسانية”.
انفراد الموقف السويسري
وعن الموقف الذي اتخذته سويسرا بالتعامل مع كافة الأطراف بعد فوز حركة حماس في الانتخابات في يناير 2006، ذكر السيد ماريو كاريرا “بأن سويسرا لم تشارك في الحصار، وقد قبلنا الاختيار الحر للشعب الفلسطيني وواصلنا التعامل مع العديد من الوزارات”.
وعن هذا الموقف السويسري، يقول ماريو كاريرا “إن النرويجيين التحقوا بنا فيما بعد وأن العديد من الأوروبيين كانوا يعترفون في دوائر خاصة بأننا كنا محقين في انتهاجه”.
ويعتبر المسؤول السويسري أن تصرف المجموعة الدولية كان مؤثرا” لو تم ربط تقديم المساعدة بتطورات إيجابية، بدل وقفها كلية، لتشجيع الجناح المعتدل في حماس الذي يبدو مستعدا ضمنيا للاعتراف بإسرائيل، لو قامت هي من جانبها بعمل مماثل”.
تفاؤل في الضفة وترقب في غزة
وعن مصير نشاط المساعدة السويسرية المقدمة لأراضي السلطة الفلسطينية، أبدى ماريو كاريرا، ممثل الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في الضفة والقطاع تفاؤلا بخصوص الضفة الغربية، وترقبا لمعرفة تصرف حماس في قطاع غزة.
إذ أوضح بخصوص الضفة الغربية أن “الأوضاع الأمنية هدأت نوعا ما… وأن المساعدات المعلقة، لو تم تسريحها مثلما يعد الأمريكيون والأوروبيون، فإن ديناميكية جديدة قد تظهر في الضفة الغربية، بما في ذلك استئناف الاتصالات بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، إذا ما تم الاعتراف بها من جديد كشريك”.
وعن قطاع غزة، أشار السيد كاريرا الى ضرورة عدم نسيان قطاع غزة، الذي يشهد تأزما إنسانيا، وتساءل عن “المخاطر التي قد يعرفها القطاع في مجالات الصحة والغذاء، في حال تعذر مباشرة السلطة الفلسطينية لصلاحياتها في المنطقة”.
وعن قدرة الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في مواصلة نشاطها في قطاع غزة، أوضح المسؤول السويسري بأن “ذلك كان ممكنا حتى الآن، لأن مجالا للحريات كان متاحا… لكن يبدو أن مكبرات للصوت بدأت تردد بأن القرآن هو القانون الوحيد الذي سيتبع من الآن فصاعدا”، وهذا قبل أن يختتم “لقد باشرنا نشاطنا دوما في جو متعدد، ولن نستطيع الاستمرار إلا بهذا الشرط من أجل ضمان الدفاع عن حقوق الإنسان والترويج لحقوق المرأة، ومن أجل ضمان نظام تعليم منفتح”.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
تساهم سويسرا في دعم مشاريع التنمية والمشاريع الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال فرع الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (التابعة لوزارة الخارجية) في الأراضي الفلسطينية (مقره رام الله).
تدعم الوكالة في غزة الأنشطة الإنسانية للأمم المتحدة (عبر برنامج الغذاء العالمي ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) كما تتعاون بشكل وثيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقد خصصت لهذا الغرض في عام 2007 حوالي 20 مليون فرنك سويسري.
يشرف على إدارة هذا التعاون، مكتب الاتصال في رام اللالذي ه يرعى مصالح حوالي ستين سويسريا مقيمين في الضفة والقطاع، يشتغل نصفهم لحساب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
تدعم الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، العديد من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الفلسطينية، التي تعمل في مجال التعليم والصحة العقلية وحقوق الإنسان، استنادا إلى برامج وميزانيات شفافة، يتم تقييمها بشكل جدّي.
اضطر كل الشركاء الفلسطينيين للوكالة إلى وقف الجزء الأكبر من أنشطتهم وإغلاق مراكزهم في غزة، بسبب العنف السائد.
ذكرت وزارة الخارجية المواطنين السويسريين، بأن جميع السفرات والتنقلات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، غير منصوح بها.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.