قمة تونس بين الإنفراج والتوتر
تستعد العاصمة التونسية لافتتاح المرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات وسط أجواء متوترة بسبب المواجهة القائمة بين السلطات التونسية وقسم من ممثلي مجتمعها المدني.
في المقابل، تم إنجاز تقدم غير منتظر في حل مشكلة إدارة الإنترنت في اللحظة الأخيرة مما ينبئ باحتمال إنقاذ الجانب المضموني من القمة.
لم تدخر تونس جهدا في الإعداد لاستقبال حوالي 26 ألف مشارك في المرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات التي تفتتح يوم الأربعاء 16 نوفمبر وتستمر إلى يوم الجمعة المقبل.
لافتات الترحيب بضيوف قمة مجتمع المعلومات علقت في كل ركن وزاوية، وعبارات الترحيب تسمعها على كل الأفواه، وهو ما يعكس بلا ريب كرم الضيافة العربي الذي يشتهر به الشعب التونسي.
لكن المواجهات والمضايقات التي تعرض لها مؤخرا عدد من ممثلي المجتمع المدني التونسي المستقل أو غير المعترف به رسميا، والعراقيل والتهديدات والاعتداءات التي تعرض لها عدد من النشطاء الذين حاولوا تنظيم مؤتمر مواز (أو بديل) يحمل شعار “قمة المواطنين” قد تعكر صفو قمة بذلت السلطات التونسية أقصى جهودها لتبرهن على قدرة هذا البلد النامي على احتضان مؤتمرات دولية تعالج قضايا تكنولوجية هامة من قبيل الهوة الرقمية بين بلدان الشمال والجنوب.
أمر غير مقبول
سويسرا التي احتضنت المرحلة الأولى من القمة، ترى على لسان نائب قسم حقوق الإنسان بوزارة الخارجية سيمون آمان أن الطريقة التي تدخلت بها قوات الأمن التونسية لمنع تنظيم اجتماع لممثلي عدد من منظمات المجتمع المدني التونسية والدولية في مقر مؤسسة غوته Goethe الألمانية الثقافية وبحضور السفير الألماني يوم الاثنين 14 نوفمبر، تعتبر “أمرا غير مقبول وضد حرية التعبير”.
وقد علمت سويس إنفو أن سويسرا والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد قدمت احتجاجا للسلطات التونسية بهذا الخصوص.
وفيما عللت السلطات التونسية موقفها بأن “هذا الاجتماع غير مرخص به”، صرح السيد مارك فورر، مسؤول العمليات في الوفد السويسري إلى القمة لسويس إنفو تعقيبا على ذلك بقوله: “إن لدى اختصاص في القانون لكن يبدو ان فهمنا للقانون وللشرعية يختلف”.
جدل مبدئي
في المقابل، أشار السيد سيمون أمّـان، المسؤول عن ملف حقوق الانسان بوزارة الخارجية السويسرية إلى أنه يجب التوضيح بأن ما يجري في مقر انعاقد فعاليات المؤتمر (الذي وُضع تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة) قد تم فيه احترام حرية التعبير لحد الآن”. ومع ذلك، شدد مسؤول حقوق الإنسان بوزارة الخارجية السويسرية على أنه “حتى النشاطات الجانبية للقمة والتي تتم في مدينة تونس يجب أن تحترم فيها تلك الحرية”.
المشكلة المطروحة بالنسبة لمشاركة منظمات المجتمع المدني التونسية غير المعترف بها من قبل الحكومة التونسية في قمة مجتمع المعلومات تكمن في أن قمة عالمية تنظمها الأمم المتحدة لا يمكنها اعتماد منظمات لا تعترف بها الدول التي تنتمي إليها. ويبقى الحل المتاح أمام هذه المنظمات النشيطة في مجال حقوق الإنسان للمشاركة في القمة متمثلا في حصولها على الإعتماد القانوني من خلال منظمات غير حكومية دولية.
وفي معرض الرد على تساؤل السيد سيمون أمّـان، مسؤول حقوق الإنسان بوزارة الخارجية السويسرية، عن سبب عدم لجوء ممثلي المجتمع المدني التونسيين الى استغلال هذه الوسيلة للتعبير عن مطالبهم في هذه القمة، صرح عدد من ممثلي المنظمات التونسية المدافعة عن حقوق الإنسان وغير المعترف بها من قبل السلطات: “كيف نقبل بتجريدنا من هويتنا والعمل تحت هوية أخرى رغم كل هذه المطالب المشروعة؟”.
والسؤال المطروح بخصوص هذا الجدل القائم بين السلطات التونسية وبين قسم من مجتمعها المدني هو، هل سيجرؤ بعض المسؤولين الغربيين المشاركين في القمة ومن ضمنهم رئيس الكنفدرالية السويسرية، أو المتدخلون الأمميون وفي مقدمتهم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان على التلميح في خطبهم الرسمية إلى هذا الموضوع الذي طغى على تغطية وسائل الإعلام ويكاد أن ينسي بأن القمة المزمع عقدها، الى جانب معالجتها للجانب التكنولوجي لمجتمع المعلومات، أكدت في تعهدات المرحلة الأولى في جنيف عام 2003 على أن “قيام مجتمع معلومات لا يمكن ان يتم بدون احترام للحريات”.
انفراج في ملف التحكم؟
على صعيد آخر، تم التوصل قبل ساعات من افتتاح القمة إلى اتفاق مبدئي حول مسألة التحكم في شبكة الإنترنت وهو ما يجنب حصول قطيعة بين الولايات المتحدة التي تعارض أي شكل من أشكال الرقابة الدولية على الشبكة وبين بقية دول العالم.
فبعد ثلاثة أيام من النقاشات المضنية، اتفق مفاوضون في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء 15 نوفمبر على إقامة منتدى عالمي لمناقشة المسائل المتعلقة بالإنترنت لكن دون المس بالوضع الحالي لهيئة ICANN، وهي شركة تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها وتشرف حصريا على نظام تسمية المواقع الذي يوجه الحركة داخل الانترنت.
وفيما سعت أغلبية الدول المشاركة في قمة تونس إلى فرض إنشاء هيئة دولية فوق هيئة ICANN الخاضعة قانونيا لإشراف وزارة التجارة الأمريكية، إلا أن ضغوط واشنطن وممثلي القطاع الخاص حالت دون ذلك وأدت إلى إقرار المفاوضين لحل وسط يبدو أنه قريب من المقترحات التي تقدمت بها الرئاسة البريطانية للإتحاد الأوروبي.
وطبقا لصيغة الإتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه، سوف يدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى اجتماع للمنتدى لبحث قضايا متنوعة جدا تشمل البريد الإلكتروني غير المرغوب فيه والفيروسات الألكترونية وجرائم الإنترنت. وتشير المعلومات المتوفرة حاليا إلى أن الجلسة الأولى للمنتدى قد تلتئم في غضون النصف الأول من عام 2006 في اليونان التي عرضت احتضان أشغاله.
محمد شريف – سويس إنفو – تونس
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.