قوة سويسرا في انضمامها الى الأمم المتحدة
ترى أغلبية الطبقة السياسية في سويسرا بأن الكنفدرالية عززت موقعها الدولي منذ انضمامها الى الأمم المتحدة قبل عامين.
وباستثناء حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد، تثمن أهم التشكيلات السياسية السويسرية نشاط سويسرا داخل المنظمة وتتوقع منها مزيدا من الحضور والالتزام.
بعد عامين من الانضمام، يتحسر الداعون إلى مزيد من الالتزام السويسري داخل منظمة الأمم المتحدة على عدم حصول هذا المطلب على دعم الغالبية داخل البرلمان الفدرالي، ومن بين هؤلاء النائبة الاشتراكية ليليان موري باسكيي.
وترى النائبة (وهي عضوة في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب) بأن “بعض المنظمات غير الحكومية ترغب في أن يكون لسويسرا نشاط أكثر داخل المنظمة وأن تسخر لهذا النشاط مزيدا من الأموال والإطارات”، إلا أن النائبة تعترف في الوقت نفسه بأن “سويسرا قد لا تقوى على توفير الأموال الضرورية للقيام بالمهام التي توكلها إليها منظمة الأمم المتحدة”.
ومن المؤكد أن من بين المهام الأممية التي تعنيها النائبة الاشتراكية في كلامها، إسناد الجمعية العامة للأمم المتحدة لسويسرا مهمة القيام بمشاورات موسعة حول إقامة الجدار الإسرائيلي العازل وحول احترام القانون الإنساني الدولي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واعتزام إسناد مهمة مراقبة تطبيق اتفاق السلام في جنوب السودان لشخصية سويسرية، وهي المسألة التي لم تحسم بعد.
لكن هذا الالتزام المتزايد لسويسرا على المستوى الدولي، يأتي في وقت تعاني فيه الكنفدرالية من تخفيضات متزايدة في ميزانيتها، مما يشكل عائقا بوجه هذه الرغبة في مزيد من الحضور والفعالية على الصعيد العالمي.
انتقادات حزب الشعب
لكن زميلها في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان من حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد، اوليريخ شولر، يرى أن “إسناد مهمة إجراء مشاورات حول الجدار قد يمس بمبدأ الحياد الذي تلتزم به سويسرا”، ويذهب في نفس الوقت إلى أن الكنفدرالية “لم تف بالوعود التي رددتها أثناء حملة الانضمام الى منظمة الأمم المتحدة” مذكرا بأن الحكومة الفدرالية “وعدت بالضغط من أجل تحقيق الإصلاحات داخل المنظومة الأممية وبالأخص إصلاح مجلس الأمن الدولي، وهذا ما لم يتحقق شيء يذكر فيه”، حسب قول اولريخ شولر.
وعلى العكس من ذلك، يرى الممثل البرلماني من الحزب الليبرالي جاك سيمون إيجلي أن سويسرا “نشطة بالفعل في مجال إصلاح منظمة الأمم المتحدة”، ويدعمه في ذلك زميله في لجنة العلاقات الخارجية من حزب الخضر جيري موللر بالقول: “إن حزب الشعب السويسري غير جدي عند توجيهه مثل هذه الانتقادات، لأنه يعرف جيدا أن إصلاح مجلس الأمن الدولي يتطلب الكثير من الوقت”.
ولا يرفض النائب البرلماني عن كانتون آرغوفيا مثل هذا النقاش بل يعتبر أن على البرلمان أن “يعزز اهتمامه بمنظمة الأمم المتحدة وأن يصدر ردود فعل على المواضيع التي تناقش داخل هذا المحفل الدولي”.
لكن البرلمان الفدرالي السويسري يكتفي لحد الآن بتقييم نشاط الحكومة داخل منظمة الأمم المتحدة تارة بالمصادقة وتارة أخرى بمعارضة ما تنوي القيام به من إجراءات.
القانون الإنساني، نقطة القوة والضعف
في مجال القانون الإنساني الدولي، تجمع أغلبية الأحزاب السياسية على تثمين نشاط سويسرا في هذا الميدان. إذ يرى النائب الراديكالي جون ديبرا، عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان أن “تعيين القانوني السويسري من مدينة فريبورغ نيكولا ميشال كمستشار قانوني للامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، هو بمثابة اعتراف بهذا الدور”.
في مقابل ذلك، يصر ممثل حزب الشعب أولريخ شولر على اعتبار ان القانون الإنساني الدولي، ومعاهدات جنيف – التي ترعاها سويسرا- “لم تكن قادرة على التصدي للإرهاب او للأساليب الجديدة التي أصبحت تتخذها الحروب”. وهي نفس الانتقادات التي صدرت في بادئ الأمر عن أوساط المحافظين الجدد في الولايات المتحدة.
على العكس من ذلك، ترى منظمات حقوقية على غرار منظمة العفو الدولية أن سويسرا “ذكرت داخل المحفل الدولي بصلاحية القانون الإنساني الدولي الحالي في التصدي لمثل هذه الحروب الجديدة”.
وما هو مؤكد لدى اهم التجمعات السياسية السويسرية – باستثناء حزب الشعب السويسري- أنها تدعم النهج المتبع من قبل الحكومة الفدرالية داخل منظمة الأمم المتحدة. وترى أيضا ان سويسرا عرفت كيف تستفيد من عملية الانضمام، وهو ما يلخصه الأمين العام للحزب الديمقراطي المسيحي ريتو ناوزي بقوله: “ان هذا عمل على تعزيز سمعة سويسرا ومصداقية جنيف الدولية”.
إسهام سويسري مطلوب
وفيما يعتبر أمين عام الحزب الديمقراطي المسيحي أن سويسرا بانضمامها إلى الأمم المتحدة بعضوية كاملة، قد “عززت دور المساعي الحميدة الذي تقوم به للوساطة في صراعات مسلحة”، يعارض كورت جاستايجر، الخبير في معهد الدراسات الدولية العليا بجنيف هذه الرؤية ويقول: “إن دور المساعي الحميدة تقلص خلال السنوات الأخيرة، من ناحية لأن القوى المتصارعة تتفاوض بصورة مباشرة، ولأن وسطاء آخرين من دول لها ثقل أكبر، يرغبون في القيام بذلك”.
هذا التحليل دفع بالسيد جزافيي كونتيس، المسؤول الروماندي عن هيئة “المستقبل السويسري” (وهي هيئة تفكير وتحليل ممولة من قبل الصناعة السويسرية)، إلى التعبير عن “ضرورة بحث الدبلوماسية السويسرية عن سبل جديدة للوساطة”. ويرى أن تواجد أكثر من 700 منظمة غير حكومية في جنيف، الى جانب المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، ومناقشتها لشتى المواضيع ذات الأهمية العالمية، قبل عرضها رسميا، “يخول لسويسرا إمكانية الإسهام في بلورة هذه الأفكار” حسب قوله.
فريدريك بورنون- سويس إنفو- جنيف (نقله إلى العربية محمد شريف)
3 مارس 2002، صوت الشعب السويسري لصالح انضمام سويسرا لمنظمة الأمم المتحدة
صوت لصالح الانضمام 54،6% وعارضه 45و4% من الناخبين
كما قبلته 12 دويلة وعارضته 11 دويلة
اصبحت سويسرا في 10 سبتمبر 2002 الدولة العضو ال 190
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.