كالمي – ري تردُّ على الانتقادات الأمريكية
دافعت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي - ري يوم 18 مارس في برن بعد عودتها من إيران عن شرعية عقد استيراد الغاز الطبيعي، الذي حضرت توقيعه في طهران، بين شركة الكهرباء السويسرية في لاوفنبورغ (EGL) بكانتون زيورخ، والشركة الوطنية الإيرانية لتصدير الغاز.
وردا على الانتقادات الشديدة التي وجهتها الولايات المتحدة لبرن على إثر توقيع الاتفاق، أكدت الوزيرة أن سويسرا لا تحتاج إلى ترخيص لأجل ضمان استقلالها في مجال الطاقة.
شددت وزيرة الخارجية السويسرية خلال المؤتمر الصحفي، الذي عقدته بعد ظهر الثلاثاء في العاصمة الفدرالية إثر عودتها من إيران، على حق سويسرا في ضمان مصالحها الإستراتيجية في مجال الطاقة. كما أبرزت “التعاون الجيد بين الدبلوماسية والاقتصاد السويسريين”.
وأكدت السيدة كالمي – ري أمام الصحافيين أنها لا ترى “ما الذي يعطي رسالة خاطئة في العقد الذي وقعته شركة الكهرباء السويسرية في لاوفنبورغ (EGL) مع طهران” يوم الإثنين 17 مارس الجاري في العاصمة الإيرانية.
ولأن إيران طرف في هذه الصفقة، لم يتأخّـر الردّ الأمريكي على هذا الاتفاق، فقد اعتبرت السفارة الأمريكية في برن – في بيان رسمي وزع مساء الإثنين في العاصمة السويسرية – أن “الاتفاق ينتهك روح العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران”، مضيفة أن “الاتفاق يبعث برسالة خاطئة لإيران، في وقت لا تزال فيه طهران تتحدّى قرارات مجلس الأمن الداعية إلى الإيقاف الفوري لعمليات تخصيب اليورانيوم”.
كما أكدت أن قانون العقوبات الأمريكية ضد إيران يسمح لواشنطن باتخاذ “إجراءات عقابية ضد الشركات الأجنبية التي تستثمر في قطاع الوقود والمحروقات في هذا البلد”.
الانتقادات الامريكية “كانت مُتوقعة”
وقد رددت السيدة كالمي – ري أمام الصحافة يوم الثلاثاء أن الاتفاق يتوافق مع العقوبات المفروضة على إيران من قبل مجلس الأمن الدولي. وأضافت الوزيرة أن الانتقادات الامريكية حول توافق العقد مع العقوبات المفروضة على طهران “كانت مُتوقعة”، مؤكدة قناعتها بأن الأمور تمت بـ”شكل صحيح”، وأنه تم تدارس ذلك التوافق بعناية فائقة من طرف الخبراء القانونيين للكنفدرالية، وخاصة كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية.
ولم يفاجِـئ ردّ الفعل الأمريكي هذا الجِـهات السويسرية، حيث قالت ليلّي فراي، الناطقة باسم شركة EGL السويسرية المبرمة للعقد، في تصريحات لوكالة الأنباء السويسرية مساء الإثنين: “نحن نحترم القوانين السويسرية والقوانين الدولية، لكننا لسنا ملزمين بالخضوع للقوانين الأمريكية”.
ورفضت الإقرار بأن الاتفاق ينتهك القوانين الدولية، وقالت في تصريح لوكالة الأنباء السويسرية: “ليس لدينا أي استثمارات مباشرة في إيران، والعقد مع طهران لا يتعلق إلا بشراء الغاز”.
وقد سبق لوزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري نفسها أن أوضحت من طهران أن “هذه الصفقة لا تخالف القوانين الدولية ولا العقوبات التي يفرضها المجتمع الدولي على إيران بسبب برنامجها النووي”.
تعزيز تنويع مصادر التزود بالطاقة
ويذكر أن الغاز الإيراني سيُضخ إلى إيطاليا عبر خط أنابيب عابر للبحر الأدرياتيكي، الذي تسعى شركة الكهرباء في لاوفنبورغ بكانتون زيورخ إلى استكمال بنائه بحلول 2011.
ويُـستغل ذلك الغاز في محطات لتوليد الطاقة الكهربائية الخاضعة لإدارة شركة EGL التابعة لمشروعات Axpo النشطة في سوق الطاقة الكهربائية على مستوى أوروبا. وفي المقابل، تحصل إيران على 18 مليار فرنك سويسري على الأقل.
وتعزّز هذه الصّـفقة جهود سويسرا لتنويع مصادر التزوّد بالطاقة، كما تخفف من تبعيَـتها للغاز الروسي، لكن الدعم الحكومي للشركات الوطنية العاملة في مجال الطاقة لن يتوقف عند حدود إيران، إذ من المنتظر أن يزور باسكال كوشبان، رئيس الكنفدرالية الحالي، في منتصف شهر مايو القادم، آذربيجان، البلد الذي وقّـعت معه سويسرا بروتوكول اتفاق في مجال الطاقة في شهر أكتوبر الماضي.
“سويسرا مستعدة لتقديم مساعيها الحميدة”
وكانت الزيارة إلى إيران أيضا فُـرصة لإجراء مباحثات بين وزيريْ خارجية البلدين، ميشلين كالمي – ري ومنوشهر متّـكي حول العديد من القضايا، كان على رأسها ملفا حقوق الإنسان والمجال النووي.
وفيما يتعلق بحقوق الإنسان، اتّـفق المسؤولان على ضرورة استمرار الحوار الذي انطلق منذ خمس سنوات بين البلدين، وعلى أن ينصب مستقبلا على البحث في قضايا ملموسة. وأثارت الوزيرة مع نظيرها الإيراني قضية أحكام الإعدام المطبّـقة في إيران، وخاصة في حق القصّـر، وكذلك العقوبات الجسدية، كالرجم وقطع الأطراف.
وسمحت الزيارة أيضا بالتباحث بشأن الملف النووي؛ وأعربت كالمي – ري في هذا الصدد عن اقتناعها بأن الجهود الدبلوماسية لم تستنفذ بعدُ، وأن سويسرا مستعدة لتقديم مساعيها الحميدة. كما دعت طهران للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية من أجل استعادة ثقة المجتمع الدولي في الطابع السِّـلمي لبرنامجها النووي.
من جهته، وصف وزير الخارجية الإيراني العقوبات الدولية المسلّـطة على بلاده بغير العادلة، مذكِّـرا بتقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية الأخير، الذي أكد على أن إيران قد أوفَـت بالتزاماتها.
وأقرّت ميشلين كالمي – ري عقِـب المحادثات بوجود اختلاف في وِجهات النظر بين الطرفين فيما يتعلق بالخطاب الإيراني المعادي لإسرائيل، وأضافت أنه “من غير المقبول بالنسبة لسويسرا، أن يرفض عضو بالأمم المتحدة الاعتراف بوجود دولة أخرى”. وكانت تشير بذلك إلى تصريحات الرئيس أحمدي نجاد التي دعا فيها: “إلى شطب إسرائيل من الوجود”.
سويس انفو مع الوكالات
توظف الصناعة السويسرية للغاز الطبيعي (الميثان) 1700 عامل، ويبلغ رقم مبيعاتها 1.7 مليار فرنك سويسري، وتمتد شبكة التوزيع على مسافة 16.000 كلم. وعلى خلاف البلدان الأوروبية، لا تزال السوق الداخلية في مجال الغاز الطبيعي في سويسرا، تابعة للحكومة.
وتتكفل حوالي مائة شركة، في غالبيتها مؤسسات حكومية، بتزويد السكان بهذا النوع من الطاقة، وتتزوّد تلك الشركات بدورها من الخارج بواسطة أربعة شركات محلية مجتمعة داخل مؤسسة مركزية تسمى “سويسرا للغاز” Swissgaz.
ويزداد استهلاك سويسرا من الغاز الطبيعي أكثر فأكثر، مثلها مثل بقية البلدان، (تضاعف الاستهلاك العالمي من الغاز مرتين ما بين 1980 و2006)، ويمثل الغاز لوحده 12% من الاحتياجات السويسرية من مصادر الطاقة، كما يمثل الإستهلاك المنزلي بمفرده 40% من تلك النسبة والقطاع الصناعي 33%، والنسبة المتبقية (27%)، تخصص لقطاعيْ الخدمات والنقل.
تأتي كل احتياجات سويسرا من الغاز الطبيعي من الخارج وتربطها بشبكة خطوط أنابيب التوزيع الأوروبية 12 نقطة للتزوّد. وتغطي هذه الشبكة مسافة طولها 190.000 كلم، تمتد من بحر البلطيق شمالا إلى البحر الأبيض المتوسط جنوبا، ومن المحيط الأطلسي غربا إلى منطقة سيبيريا شرقا. ويزداد مع الوقت تحويل الغاز الطبيعي إلى سائل لينقل بواسطة أساطيل نقل الغاز المسال (LNG).
وتغطي عقودا أبمرتها سويسرا، وتتراوح مدتها بين 20 أو 25 سنة، ثلاثة أرباع احتياجات البلاد. ويقدر المكتب الفدرالي للطاقة أن 95% من الإستهلاك السويسري من الغاز الطبيعي مصدره هولندا وروسيا والنرويج وألمانيا والجزائر.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.