كنوز مخفية في النفايات السويسرية
تحت شعار "البحث عن الكنز"، انتظمت في مختلف أنحاء سويسرا يومي 27 و28 مايو الجاري حملة دعت السكان لاكتشاف ما تختزنه حاويات ملايين أطنان النفايات من كنوز.
وكمل هذا التحرك الأول من نوعه على المستوى الوطني حملة التنظيف الربيعية التي تقام للمرة الرابعة في سويسرا الروماندية المتحدثة بالفرنسية.
لا شك أن اقتران كلمة “النفايات” بـ”الكنز” أثار استغراب وفضول سكان سويسرا الذين تزن نفاياتهم السنوية ما لا يقل عن 15 مليون طن!
فماهي يا تُرى الكنوز التي يستغنون عنها للإلقاء بها في حاويات النفايات في مختلف أرجاء البلاد؟ وكيف يمكن الاستفادة منها لدى العثور عليها مجددا؟
للإجابة عن هذا النوع من الأسئلة، دُعي سكان الكنفدرالية إلى المشاركة في عملية “البحث عن الكنز” يومي 27 و28 مايو. وتمت هذه التظاهرة برعاية المكتب الفدرالي للبيئة والغابات والمناظر الطبيعية، وبدعم مكاتب حماية البيئة في الكانتونات وعدد من الشركاء الاقتصاديين. أما عمليات التنسيق فتشرف عليها مؤسسة الممارسة البيئية في سويسرا “Pusch”.
وجاءت عملية “البحث عن الكنز” -التي شارك فيها أكثر من 10 ألف شخص من مختلف أنحاء البلاد- كتكملة لحملة التنظيف الربيعية “Coup de balai printanier” التي تُنظم في سويسرا الروماندية للمرة الرابعة. وقد تسجلت في هذه الحملة الهادفة إلى تنظيف الأماكن العامة 133 بلدية من كانتونات فو ونوشاتيل وجورا وفربيورغ وفالي.
زهاء 2 طن نفايات لكل ساكن
المشرفون عن عملية “البحث عن الكنز” و”حملة التنظيف الربيعية” زودوا الجمهور بأرقام لا يمكن إلا أن تحث المواطنين على إعادة النظر في سلوك تخلصهم من النفايات وفي كيفية الاستفادة منها مجددا.
فكل ساكن في سويسرا ينتج سنويا قرابة 2 طن من النفايات، أي ما يعادل 5 إلى 6 كيلوغراما في اليوم الواحد – علما أن عدد سكان سويسرا يتجاوز بقليل 7 مليون نسمة. أما الكمية الإجمالية للنفايات التي تنتجها البلاد عموما والتي تتطلب المعالجة فهي هائلة وتشمل:
11,1 مليون طن من نفايات مواد البناء، 1,6 مليون طن من الورق والورق المقوى (كرتون)، 1,3 مليون طن من النفايات العضوية (بقايا الطعام، نباتات، فضلات…)، 315 ألف طن من المواد الزجاجية، 82 ألف طن من النفايات الكهربائية والالكترونية.
وتدعو عملية “البحث عن الكنز” المواطنين إلى اكتشاف الكنوز المُخبأة في ملايين أطنان النفايات التي يعتبرها المنظمون “موارد محلية يمكن أن تُستخرج منها منتجات ذات جودة”، مثل المواد المستعملة وسماد المزرعة والإسمنت المعاد استعماله والبطاريات وغيرها.
نشاطات مسلية ومفيدة
وتجري عملية البحث في إطار أنشطة تم تحديدها من قبل المنظمين الذين حرصوا على توفير جو ممتع ومسل ومفيد لكافة المشاركين، إذ يضم برنامج اليومين زيارة إلى معمل لحرق النفايات المنزلية، وعملية تنظيف وسط الغابة، ومتابعة مراحل إعادة استعمال المواد القابلة للـ”رسكلة”، وزيارة لسوق المواد القديمة المستعملة، وصيانة مكان للألعاب.
ويجد المشاركون خلال هذه الزيارات إجابات لأسئلتهم العملية مثل: هل يمكن وضع مصباح عادي (لمبة) في سلة النفايات؟ كم يتطلب عقب سيجارة من الوقت ليتحلل في الطبيعة؟ أين يمكن إصلاح قرص مدمج (CD) أصيب بشرخ؟
عادات استهلاكية مضرة
وقد شدد المنظمون على أن كمية النفايات تتزايد في وقت ترتفع فيه الاحتياجات من المواد الخام والطاقة إلى أعلى المستويات في سويسرا والعالم، مما يؤثر سلبا على البيئة التي تتضرر أكثر فأكثر من العادات الاستهلاكية الجديدة لشريحة كبيرة من سكان العالم ومن فترة صلاحية المواد الاستهلاكية التي تتقلص باستمرار.
وينوه المشرفون على الحملة إلى أن المجتمع السويسري بات يعاني أيضا من مشكلة النفايات “البرية”، أي تلك التي تملأ شوارع المدن أو تلك التي يرمى بها في الطبيعة.
ويقول المنظمون إن “هذا السلوك الجديد يسيء إلى جودة المساحات العامة ويضاعف عبثا النفقات التي تتحملها البلديات”.
مقترحات عملية
ومن أجل إدارة أفضل للموارد والمنتجات والنفايات، تعرض حملة “البحث عن الكنز” أربعة خطوط عريضة: أولا، استعمال المواد الأولية بشح. ثانيا، الاستهلاك دون التبذير. ثالثا، إعادة استعمال المواد القابلة للرسكلة وأخيرا، التخلص من النفايات بشكل صحيح وعدم الإلقاء بها في أي مكان.
ويقول المنظمون إن أفضل سبيل لتفادي تكوم ركام النفايات هو عدم إنتاجها أصلا، لكن ذلك يظل بطبيعة الحال بعيدا عن معطيات الواقع. وفي هذا السياق، يُذَكِّر المشرفون على الحملة بأن عددا كبيرا من المواد الأولية غير قابل للتجديد وأن استغلالها مكلف جدا ويـُلحق أضرار خطيرة بالبيئة. لذلك يرون أن إدارتها بشكل مستديم أمر بات يفرض نفسه بإلحاح.
ويطرح المنظمون قاعدة يطالبون بتطبيقها على كل النفايات: عندما يتوقف استعمال أي منتوج، يجب أن نجد له استخدام آخر، وفي حال استحالة ذلك، يجب أن يتم إعادة استعمال المواد الثمينة التي يحتوي عليها والتخلص بشكل صحيح من البقايا، سواء تعلق الأمر بمنتوج يدوي أو منزلي، أو صحف قديمة أو أعقاب السجائر التي يلقى بها في الأماكن العامة.
لكل كنوزه!
المثير في حملة “البحث عن الكنز” هو أنها تتم في بلد تربى فيه المواطن أصلا في معظم أنحاء البلاد على فرز النفايات لتسهيل إعادة الاستفادة منها. فكل حي يتوفر على حاويات لقنينات البلاستيك وأخرى لعلب الألومينيوم، واخرى للورق وأخرى للزجاج (الذي يوضع في حاويات مختلفة حسب اللون، أخضر، بني…).
فإذا كان بلد مثل سويسرا بات يتطلب حملات للتوعية في مجال التخلص من النفايات -مع أن الوعي منتشر فيها منذ سنوات بالمزايا البيئية والاقتصادية لإعادة استعمال النفايات- فمابالك بالوضع في بلدان كثيرة حول العالم مازال يعيش فيها أناس وسط القمامة وآخرون مازالوا يعتبرون ما يمكن أن يقتاتون به من الزبالة كنزا؟
لكل كنوزه ويبدو جليا أن الهوة بين دول الشمال وطموحاتها ودول الجنوب ومحنها مازالت شاسعة جدا…
إصلاح بخات – سويس انفو
عاما بعد عام، تنتج سويسرا كميات هائلة من النفايات التي يجب معالجتها:
11,1 مليون طن من نفايات البناء
1,6 مليون طن من الورق والورق المقوى (كرتون)
1,3 مليون طن من النفايات العضوية (بقايا الطعام، نباتات…)
315 ألف طن من الزجاج
82 ألف طن من النفايات الكهربائية والالكترونية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.