مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كوفي أنان… الأمين العام “المتميّز” للأمم المتحدة

كوفي أنان في باريس في كانون الأول/ديسمبر 2017 afp_tickers

تولى كوفي أنان، الذي توفي السبت عن 80 عاما، منصب أمين عام الأمم المتحدة خلال فترة انقسامات حالكة على خلفية حرب العراق وصدمة اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001.

وأنان المولود في غانا هو أول أمين عام للمنظمة من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، ويُنسب إليه الفضل في تعزيز مكانة الأمم المتحدة خلال توليه الأمانة العامة لولايتين من كانون الثاني/يناير 1997 إلى كانون الأول/ديسمبر 2006.

وطبع أنان صاحب الشخصية الجذابة والخطيب الهادئ الطباع في الأذهان صورة الأمين العام “النجم” للأمم المتحدة، وربما صورة القائد الأكثر شعبية للمنظمة الأممية.

لكن عهد هذا المسؤول المؤتمن على مهمات حفظ السلام في العالم إثر توليه منصب مساعد الأمين العام لعمليات حفظ السلام شهد فصلين هما من الأكثر سوداوية في تاريخ المنظمة: الإبادة الجماعية في رواندا وحرب البوسنة.

وقال أنان في خطاب ألقاه في 2001 لدى تسلّمه جائزة نوبل للسلام “سعيت لجعل الانسان محور كل ما نقوم به، من منع نشوب النزاعات إلى تعزيز حقوق الإنسان”.

حينها، وفي وقت كان العالم يرزح تحت وطأة اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر تم تكريم أنان والمنظمة “للجهود المبذولة من أجل عالم أكثر سلمية وأكثر تنظيما”.

– ترق داخل المنظمة –

وأنان، الأمين العام السابع للأمم المتحدة، عمل بتفان على مدى أربعة عقود في المنظمة الأممية، وهو أول من تولى هذا المنصب بعد ان ترقى داخل أروقة المنظمة.

وبعد أن تولى إدارة الموارد البشرية في المنظمة، ومن ثم مكتب الموازنة فيها، تم تعيينه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام إلى ان عُيّن أمينا عاما للأمم المتحدة لولاية من أربع سنوات.

ومؤخرا عاد أنان إلى الساحة الدبلوماسية بترؤسه لجنة استشارية حول الأزمة في ولاية راخين في بورما.

وطالب أنان الحكومة البورمية بمنح الجنسية لأقلية الروهينغا المسلمة. وشهدت الولاية فرار أكثر من 700 ألف من الروهينغا هربا من حملة قمع شنها الجيش البورمي العام الماضي.

وأنشأ مؤسسة تحمل اسمه تعنى بتسوية النزاعات كما انضم إلى مجموعة “الحكماء” التي تضم شخصيات دولية تولي اهتماما بالقضايا الدولية.

– إخفاق الأمم المتحدة –

كتب أنان في سيرته الذاتية بعنوان “تدخلات: حياة خلال الحرب والسلم” أنه ينظر إلى الأمم المتحدة على أنها في خدمة “الشعوب وليس فقط الدول”، ويرى فيها “منتدى لمحاسبة الحكومات في تعاملها مع شعوبها”.

وتابع أنان أن فشل الأمم المتحدة في الوفاء بتعهداتها في رواندا والبوسنة حدد الخطوط العريضة للمهام الملقاة على عاتقه كأمين عام للأمم المتحدة.

وانسحبت قوة حفظ السلام “القبعات الزرق” من رواندا في 1994 خلال اضطرابات دامية. وفي سريبرينيتسا لم تتمكن المنظمة من حماية “المنطقة الآمنة” التي أقامتها عندما قتلت قوات من صرب البوسنة آلاف المسلمين من الرجال والأطفال.

وأضاف في سيرته الذاتية أن هذين الإخفاقين “شكلا أكبر تحد لي كأمين عام للأمم المتحدة: إيجاد تفاهم جديد حول شرعية التدخل من أجل التصدي لانتهاكات كبرى لحقوق الانسان وضرورته”.

– “نجم دبلوماسي” –

لكن على الرغم من نكستي رواندا وسريبرينيتسا اللتين ألقتا بظلالهما على ولايته كمساعد للأمين العام لعمليات حفظ السلام، تمكن أنان من الفوز بسهولة بمنصب الأمين العام للمنظمة.

وسرعان ما احتل شاشات التلفزة وتصدر اسمه عناوين الصحف، كما تسابقت المنظمات لدعوته إلى مناسباتها وحفلاتها.

وغالبا ما وصف بأنه “نجم دبلوماسي”.

ويدين أنان في توليه منصب الأمين العام للامم المتحدة إلى اعتراض الولايات المتحدة على تجديد ولاية الأمين العام المصري بطرس بطرس غالي، لكنه أثبت مرارا استقلاليته عن القوى الكبرى.

وأثار أنان غضب الولايات المتحدة عندما قال إن اجتياح العراق في 2003 “غير شرعي” لأنه لم يحظَ بدعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

واتُّهم أنان لاحقا بالفساد في فضيحة النفط مقابل الغذاء في العراق، وكانت تلك إحدى أصعب الأزمات التي شهدتها ولايته.

واعتبر البعض أن أنان دفع ثمن تلك التصريحات بعد أن فُتح تحقيق بحقه وبحق نجله في 2005.

وبرأت لجنة تحقيق أنان من التهم الأساسية الموجهة إليه، لكنها اشارت إلى وجود أخطاء أخلاقية وإدارية مرتبطة بعلاقة نجله كوجو مع شركة سويسرية فازت بعقود لبيع النفط مقابل الغذاء.

وأقر أنان لاحقا بأن الفضيحة كانت بمثابة اختبار له ليس فقط كأمين عام للأمم المتحدة بل أيضا كأب.

– من غانا إلى جنيف –

ولد أنان في كوماسي عاصمة منطقة أشانتي في غانا، لوالد يعمل مديرا لـ”إفريقيا المتحدة” وهي شركة تجارية أوروبية، تابعة لمجموعة “يونيليفر” البريطانية-الهولندية.

ويصف في سيرته الذاتية مرحلة النضج والحركة الاستقلالية في غانا بأنها حقبة “تغيير شامل في الثقافة والمجتمع”.

وارتاد أنان مدرسة داخلية بعمر 13 عاما كما حصّل تعليمه الأكاديمي في جامعة كوماسي قبل أن يحصل على منحة للدراسة في الولايات المتحدة.

ودرس علوم الاقتصاد في كلية مكاليستر في مينيسوتا، والإدارة في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا.

كذلك التحق أنان بالمعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف.

وفي 1965 تزوج أنان من تيتي ألاكيجا المولودة لأسرة نيجيرية ميسورة. ورزقا بابنة “أما” وبابن “كوجو”، لكنهما انفصلا أواخر سبعينات القرن الماضي.

وتزوج أنان ثانية في 1984 من السويدية ناني لاغرغرين التي تعمل محامية في الأمم المتحدة وهي حفيدة راوول فالنبرغ، وريث إمبراطورية فالنبرغ الصناعية والمالية، ورزقا بابنة سمياها “نينا”.

وبعد انتهاء ولايته الثانية كأمين عام للأمم المتحدة أدى أنان أدوار وساطة في كينيا وسوريا.

وحقق نجاحا نسبيا بإنهاء أزمة أعقبت الانتخابات في كينيا في 2007، لكنه استقال من مهمة السلام في سوريا.

واشتكى أنان من الانقسامات بين الدول الكبرى داخل مجلس الأمن، والتي جعلت عمله كمبعوث إلى سوريا “مهمة مستحيلة”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية