لاجئون سوريون في أوروبا.. فرحة بسقوط الأسد وخوف من العودة
من كارولينا تاجاريس وإدوارد مكاليستر ورهام الكوسى
أثينا/برلين (رويترز) – شعر نجم الموسى بسعادة غامرة وهو يتابع نبأ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد على شاشات التلفزيون في شقته الصغيرة في العاصمة اليونانية أثينا.
لكن سرعان ما لاحقته مخاوف وأسئلة تتعلق بما إذا كان سقوط الأسد يعني أنه وعائلته سيضطرون إلى العودة إلى سوريا التي فروا منها قبل تسع سنوات.
وشهدت الأحداث في سوريا تحولا جذريا يوم الأحد الماضي حين زحف مقاتلو المعارضة على دمشق بعد هجوم خاطف أجبر الأسد على الفرار إلى روسيا وأحيا آمال إنهاء حرب أهلية طاحنة درات رحاها 13 عاما وتركت البلاد أرضا خرابا.
والآن يخشى كثيرون أن يضطروا إلى العودة بينما تعيد الدول الأوروبية النظر في سياسات اللجوء الخاصة بالسوريين في ضوء هذه التطورات.
وقال الموسى، المحامي الذي يعمل طاهيا في أثينا والذي ظل يتابع الأخبار منبهرا بما يسمعه ويراه على مدار أيام “بالبداية انبسطنا لأنه شفنا (رأينا)… الشيء الوحيد اللي خلانا نكون مبسوطين، شفنا أن الناس اللي كانت مأسورة (أسرى) كيف طلعت واتحررت بعد ما كانت مأسورة سنين طويلة بالسجون لكن اللي عم ما بيخلينا نكون مرتاحين إن نرجع نشوف الأشكال اللي كنا خايفين منها لما غادرنا سوريا”.
وأضاف “أجمل شيء وأكتر شيء صار معانا باليونان الكرامة والحقوق والمساعدات، يعني بشكل عام الحياة اللي خدناها باليونان، دولتي ما قدرت تقدم لي إياها، اليونان قدمت لي إياها”.
بدأت الحرب السورية في 2011 بين القوات الحكومية وجماعات مختلفة من المعارضة، لتحصد أرواح مئات الألوف من الناس. ودمر القصف مدنا بأكملها، ونزح ملايين أو أصبحوا في حاجة إلى مساعدات إنسانية.
وسارع آلاف المدنيين الذين فروا إلى تركيا ولبنان بالعودة إلى سوريا هذا الأسبوع والأمل يحدوهم في العيش بسلام في بلدهم.
لكن كان لثمانية لاجئين سوريين تحدثوا إلى رويترز في أوروبا رأي مختلف. فالعودة تعني نهاية حياة جديدة غامروا بكل شيء من أجل بنائها.
وفر الموسى وزوجته بشرى البقاعي من دمشق في 2015 بعد ولادة طفلهما الثاني، وأنفقا كل ما يملكان في رحلة استمرت عامين قادتهما إلى السودان وإيران وتركيا وأخيرا إلى اليونان.
وقال عن احتمال عودته إلى سوريا “أول شغلة، بيت أكيد مافي، بيوتنا اتدمرت، يعني تلات أرباع بيوت السوريين اتدمرت، يعني أنا بالأساس بيت أهلي ما عندي، لأننا بالأساس بعناه كي نسافر، كي نغادر البلد، هاي واحد، اتنين يعني الواحد ممكن يستأجر بيت ما كتير شغلة صعبة، البيت مثل هون عم يقدر يستأجر، ممكن هونيك يقدر يستأجر بيت”.
ومضى يقول “الفكرة مو بالبيت ولا بالسكن ولا بالعمل، ممكن حتى وظائف تتوفر، بس المشكلة في المجتمع يللي بده 100 سنة قدام عشان تقدر يعني تخلي ولادك يدرسوا بالمدارس”.
ولدى الموسى وزوجته الآن خمسة أطفال، جميعهم في المدرسة ويتحدثون اليونانية بطلاقة. ولا يتحدث أي منهم اللغة العربية التي يتحدث بها الأبوان.
وقال الموسى “ولادي ما بيتخيلوا أنه يتركوا أصدقاءهم بالمدرسة أو هيتركوا منطقتهم أو أنه يرجعوا على سوريا يعني أما نقعد نحكي يقولوا بابا معقولة إن إحنا نرجع نعيش هون بهاي الأماكن؟… بيتمنوا أنه يزورها لأنه هاي بلدهم، بس ما يتخيلوا أنه يتركوا أصدقاءهم اللي هون اللي صار لهم سنين معهم ويغادروهم ويروحوا على سوريا بالنسبة لهم صار شيء شبه مستحيل”.
وتوافقه زوجته الرأي، إذ قالت وهي تحمل ابنها الأصغر “ما بتخيل أبدا أن ولادي هيقدروا يبنوا مستقبل بسوريا بصراحة أبدا. الواحد يحكي بصراحة، أنا حتى لو بودي أرجع ولادي ويتعلموا اللغة العربية ويدرسوا أنا درست في المدارس ما فيها مستقبل أبدا، حتى لو درسوا فيها، معلش من قبل، في الوقت الذي كنا ندرس في سوريا، كانت الطلاب تغادر لتدرس برة وتاخد شهادات برة والبعدين ترجع على بلادها”.
لكن تصريح إقامة أسرة الموسى في اليونان على وشك الانتهاء، لذلك يشعر بالقلق.
وقالت الزوجة إن السلطات اليونانية إذا لم تجدد لهم الإقامة فسيصبح خيار العودة حتميا. وأضافت “ما عنا حل غير أنه نرجع. مافي حل إذا ما رضيوا يجددوا لنا هون أكيد هنرجع على بلدنا ما في مكان نروح عليه”.