لا داعـي للتخوف من ظاهرة الـهـجـرة
شددت المنظمة العالمية للهجرة في تقريرها السنوي على ضرورة عدم التخوف من الهجرة، وشرحت منافعها سواء بالنسبة للبلد المصدر للمهاجرين أو المستقبل لهم.
وتبقى منطقة الخليج العربي من أكثر المناطق في العالم احتضانا لليد العاملة المهاجرة مقارنة مع نسبة السكان، إذ تأوي أكثر من 14 مليون مهاجر وحوالي 6 ملايين لاجئ.
يحاول تقرير المنظمة العالمية للهجرة – التي يوجد مقرها في جنيف – والصادر يوم الثلاثاء 21 يونيو 2005، التخفيف من المخاوف المعبر عنها في شتى البلدان من ظاهرة الهجرة على اعتبار أنها تهدد مواطن الشغل في البلد المستقبل أو أنها تؤدي إلى بتخفيض مستوى الأجور بالنسبة لليد العاملة المحلية.
وفي الوقت الذي تعرف فيه سياسة الهجرة في شتى بقاع العالم المزيد من التشدد بذرائع شتى أو حتى بدونها، يرى التقرير السنوي للمنظمة المستند إلى دراسة تم القيام بها مؤخرا أن “فوائد الهجرة عديدة وفي صالح الطرفين: المصدر لليد العاملة المهاجرة والمستقبل لها”.
فائدة للطرفيين
تطرق التقرير في قسمه العام إلى ظاهرة الهجرة والتحولات التي تعرفها حاليا بحيث يقدر عدد المهاجرين في العالم حاليا بما بين 185 و 192 مليون مهاجر أي 2،9% من إجمالي سكان الكرة الأرضية.
وقد حول هؤلاء المهاجرون إلى بلدانهم الأصلية في عام 2004 أكثر من 100 مليار دولار بطريقة رسمية. أما إذا أخذنا بعين الإعتبار المبالغ التي يجري تحويلها بطرق غير رسمية، فيجب إضافة حوالي 200 مليار دولار أخرى.
وتشكل هذه التحويلات المالية بالنسبة لبلد مثل المكسيك (يحصل على اكثر من 11 مليار دولار سنويا)، حوالي 1،73% من ناتجه القومي العام. وتصل هذه النسبة في بلدان عربية معروفة بتصديرها لليد العاملة المهاجرة مثل مصر (تحصل على 2،9 مليار دولار) إلى حوالي 3،2%، وفي المغرب (يحصل على 2،9 مليار دولار) إلى حوالي 3،9% من الناتج القومي العام.
من جهة أخرى، يرى التقرير (بالاعتماد على دراسة أخرى تم القيام بها) أن الدول المستقبلة لليد العاملة تستفيد من الهجرة الواردة إليها أكثر مما تنفق على استقبالها.
فقد حققت بريطانيا خلال عامي 1999 و2000 ربحا يفوق بأربعة مليار دولار ما أنفقته على استقبال تلك اليد العاملة المهاجرة وهذا من خلال معطيات مصلحة الضرائب. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، فاقت العائدات الناجمة عن استقبال اليد العاملة المهاجرة في عام 1997 ثمانية مليارات من الدولارات.
أما فيما يتعلق بالمخاطر التي تتعرض لها اليد العاملة المحلية واحتمالات ظهور منافسة سلبية (أي باتجاه الأسفل) في الأجور، يرى التقرير أنه “من النادر حدوث منافسة بين العمال المهاجرين والعمال المحليين على نفس المناصب”.
المستقبل لهجرة مؤقتة ومنظمة
ويرى المدير العام للمنظمة العالمية للهجرة برونسن ماكنلي أن “عالم اليوم وما يعرفه من عولمة، يجعل الأسواق غير قادرة على الاكتفاء بذاتها من حيث اليد العاملة”. كما أشار التقرير إلى أن الهجرة المؤقتة والمنظمة هي التي بدأت تطغى خلال السنوات الأخيرة. وكانت منظمة الهجرة العالمية قد باشرت في القيام ببعض التجارب في هذا السياق بين كل من إيطاليا ومصر والمغرب، وبين إسبانيا والمغرب.
ويرى التقرير أن ظاهرة الهجرة المنظمة والمؤقتة قد تشهد زيادة في المستقبل خصوصا بالنسبة لليد العاملة المتخصصة التي تقضي فترة محددة في البلد المضيف ثم تعود إلى بلدها الأصلي. ومن مزايا هذه الهجرة المنظمة في حال وجود اتفاقيات بشأنها بين البلدان، أنها تسمح للعامل بالحصول على تكوين ملائم، والعمل في ظروف جيدة، وضمان تحويله لأمواله إلى بلده الأصلي، وتجنب المخاوف التي تثار عادة لدى السكان الأصليين في حال توافد أعداد كبيرة من العمال الأجانب.
كما أن رجوع هذاالصنف من اليد العاملة المتخصصة إلى بلدها الأصلي يسمح بالرفع من مستوى اليد العاملة الوطنية وهو ما يمثل مكسبا إضافيا بالنسبة للبلد المصدر لتلك اليد العاملة.
مهاجرون في المنطقة العربية
المنطقة العربية التي تحتضن حوالي 10% من مجموع المهاجرين في العالم تتسم حسب التقرير بنوع من عدم الاستقرار الذي يؤثر لا محالة على توافد اليد العاملة الأجنبية، يضاف إليه وجود عدة صراعات مسلحة أدت إلى نزوح ولجوء حوالي 4 ملايين فلسطيني إلى كامل بلدان المنطقة، وتوجه العديد من السودانيين إلى مصر.
وعلى الرغم من استمرار المجهودات التي تبذلها السلطات المحلية لاستبدال اليد العاملة الأجنبية بيد عاملة محلية (حتى في أغنى البلدان الخليجية)، يرى التقرير أن الانتعاش الاقتصادي الذي بدأت تعرفه بلدان الخليج في الآونة الأخيرة يتطلب زيادة في اليد العاملة المهاجرة سواء من المشرق العربي أو من المغرب العربي.
وتبقى العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة في صدارة البلدان المستقبلة لليد العاملة الأجنبية متبوعة بمصر التي تحتضن حوالي ثلاثة ملايين مهاجر ولاجئ سوداني.
ويرى التقرير أن ظاهرة الهجرة من العراق إلى باقي المناطق العربية لم تبرز بشكل مكثف إلا مع بداية الحرب ضد إيران (في عام 1980)، وهو ما جعل أكثر من 500 ألف مواطن عراقي يختارون الإقامة في الدول العربية.
وبما أن المنطقة العربية تعرف معدل بطالة يفوق 15%، أي أعلى نسبة مقارنة بالعديد من المناطق الأخرى في العالم، ونظرا لأن عدد القادمين الجدد سنويا إلى سوق الشغل يفوق 6 ملايين شخص، يرى التقرير أن الجهود التي على المنطقة العربية القيام بها في مجال خلق مواطن الشغل يجب أن تكون أكبر مما يبذل في باقي مناطق العالم.
وشدد التقرير على ارتفاع نسبة الإناث في صفوف اليد العاملة المهاجرة إلى منطقة الشرق الأوسط وبالأخص دول مجلس التعاون الخليجي، كما أشار إلى التجاوزات التي تتعرض لها المرأة المهاجرة والتي تصل أحيانا إلى الزج بها في شبكات التهريب والمتاجرة بالجنس.
أخيرا لم يستثن التقرير ظاهرة تهريب الأطفال من باكستان وبنغلادش والهند إلى كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر لاستخدامهم في سباق الإبل.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
نسبة العمال المهاجرين مقارنة مع عدد السكان الأصليين في دول الخليج:
مملكة البحرين: 40%
دولة الكويت: 62،6%
سلطنة عُـمـان: 22،7%
دولة قطر: 73%
المملكة العربية السعودية: 22،7%
دولة الإمارات العربية المتحدة: 75،5%
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.