مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“لا” لاعتبار الاستغلال الجنسي للأطفال جريمة غير قابلة للتقادم

أغلبية أعضاء مجلس النواب يرفضون المساواة بين مرتكبي الإستغلال الجنسي للأطفال ومرتكبي جرائم الحرب

خلال مناقشته للمبادرة الشعبية التي تقدمت بها "المسيرة البيضاء"، منح مجلس النواب السويسري ضحايا الاستغلال الجنسي للأطفال مدة أطول لتقديم شكوى بمرتكبي تلك الجرائم، لكنه رفض اعتبارها جرائم غير قابلة للتقادم.

وتدعو المبادرة التي عرضت على المجلس يوم الخميس 6 مارس، إلى تضمين الدستور السويسري نصا يجعل الجرائم ذات الطبيعة الجنسية والتي تستهدف القصّر غير قابلة للسقوط.

وكانت اللجنة القانونية بالمجلس قد دعت النواب إلى رفض المبادرة بستة عشر صوتا مقابل ثلاثة. وذهبت إلى أن خطوة مثل هذه ستكون مخالفة لمبدأ التناسب بين طبيعة الجرم والحكم عليه، وهو الموقف نفسه الذي دافعت عنه الحكومة.

وصوت المجلس لصالح مقترح اللجنة القانونية الداعي إلى رفض المبادرة المعروضة على المجلس، في حين أقر بأغلبية ساحقة (137 صوتا مقابل 40) المشروع البديل الداعي إلى تمديد الفترة الزمنية المتاحة للضحايا لتقديم شكاوى قضائية.

كما رفض المجلس أيضا مقترحا لنواب من حزب الشعب (يمين متشدد) يدعو إلى بداية اعتبار مدة التقادم التي يحددها القانون المطبق حاليا في 15 سنة بداية من بلوغ الضحية 25 سنة.

الإخلال بمبدأ التناسب في القانون

وفي معرض تقديم أسباب رفض المبادرة الشعبية، قال كارلو سامروغا، الناطق بإسم اللجنة القانونية بالبرلمان، والنائب عن الحزب الاشتراكي: “اعتبار التحرش الجنسي بالأطفال جريمة غير قابلة للسقوط يجعلها في نفس مرتبة جرائم أخرى مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وهذا يخل بمبدأ التناسب في القانون والعدالة في القضاء”.

ويقول رافضو المبادرة أيضا أنه مع مرور الزمن، يصبح من الصعب إن لم نقل مستحيلا إثبات الوقائع، مما قد يؤدي في النهاية إلى تبرئة المتابع قضائيا لغياب أدلة كافية، وهو ما يزيد من معاناة الضحية. ورأت وزيرة العدل والشرطة، إيفلين فيدمر – شلومبف : “أن نص المبادرة لا يفرق مثلا بين مرتكبي جرائم الانتهاكات الجنسية من الأطفال ومن كبار السن”.

المزيد

المزيد

المبادرة الشعبية

تم نشر هذا المحتوى على توفّـر المبادرة الشعبية لعدد من المواطنين إمكانية اقتراح تحوير للدستور الفدرالي. تحتاج المبادرة كي تكون مقبولة (من الناحية القانونية)، إلى أن يتم التوقيع عليها من طرف 100 ألف مواطن في ظرف 18 شهرا. يُـمكن للبرلمان أن يوافق مباشرة على المبادرة، كما يمكن له أيضا أن يرفضها أو أن يعارضها بمشروع مضاد. في كل الحالات، يتم…

طالع المزيدالمبادرة الشعبية

سليمة أخلاقيا وخاطئة قانونيا

إقرار مبادرة “المسيرة البيضاء”، كان يمكن أن يعطي الانطباع بان التحرش بالأطفال لا يقل خطورة وبشاعة عن الإبادة الجماعية أو الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية أو حتى الهجمات الإرهابية الأشد دموية. لكن مجلس النواب اعتبر أن مبدأ عدم التقادم الذي تطالب به المبادرة الشعبية ليس اختياريا قانونيا سليما.

وعلى الرغم من أن جميع النواب المتدخلين اعترفوا بسلامة المنطلقات التي تستند إليها المبادرة وشرعيتها الواقعية والشعبية، حيث يطالب الرأي العام بتشديد القوانين لحماية الأطفال من العنف الجنسي، فإن القليل من النواب المتدخلين من ساند نص المبادرة. ومن هؤلاء النائب لوك باثاسات، من جنيف الذي يشدد على أنه: “حتى لو حصل إشعار القضاء بعد ثلاثين سنة أو أربعين سنة من الانتهاكات، لا يجب أن يحرم الضحية من حقه بتحقيق العدالة”. ويضيف: “لا يجب أن يسقط حق الضحايا بالتقادم”.

من جهة أخرى، أجمع النواب اليساريون، اشتراكيون وخضر، على رفض المبادرة، وعلقت النائبة ماريا روث برناسكوني على المبادرة بالقول: “النص تغذيه دوافع عاطفية، غير عقلانية، ومع مرور الزمن تختفي أسباب الجريمة، ويصبح من الصعب إثبات الوقائع”.

إقرار مبادرتين جديدتين

رفض مبادرة “المسيرة البيضاء” لا يعني تساهلا في التعامل مع هذاالنوع من الجرائم، فقد أقر المجلس في نفس الجلسة مبادرتين برلمانيتين لمكافحة التحرش الجنسي بالأطفال، المبادرة الأولى تقدمت بها شيارا سيمونيشي، من الحزب الديمقراطي المسيحي، وتقترح أن يتقدم كل شخص يعمل في مجال الطفولة بنسخة من السجل العدلي الخاص به.

وتتساءل النائبة سيمونيشي: “كيف يكون من الواجب الاستظهار بنسخة من السجل العدلي للحصول على رخصة للصيد في التيتشينو (الكانتون المتحدث بالإيطالية جنوب سويسرا، التحرير)، ولا نطلب ذلك من المترشحين للعمل في مجال الطفولة؟”.

أما المبادرة الثانية التي أقرها المجلس، تقدم بها كرسيتوف داربلّي، رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي، وتدعو إلى حرمان منتهكي براءة الأطفال من حق العمل في مجال الطفولة عشر سنوات كاملة، لكن المجلس استبعد، خلال الجلسة نفسها، المقترح الذي تقدم به أوسكار فريزنغر من حزب الشعب والداعي إلى عدم فسخ آثار الإدانة المتعلقة بالتحرش بالأطفال من السجل العدلي.

لكن المبادرات الثلاث لم تلق القبول لدى دانيال فيشر، نائب من الخضر، الذي علق قائلا: “إن النواب يحاولون الدفاع عن القيم الاخلاقية بواسطة أدوات القانون الجنائي”، ثم استدرك: “معارضة هذه المبادرات لا تعني بأي حال الدفاع عن مرتكبي هذه الجرائم أو الاستخفاف بتلك الفظائع”.

سويس انفو مع الوكالات

تطالب هذه المنظمة تضمين الدستور السويسري نصا يدعو إلى اعتماد مبدأ عدم التقادم في ما يتعلق بجرائم الاستغلال الجنسي للأطفال. كما تطالب أيضا بزيادة عدد الأعوان الفدراليين لمكافحة الانتهاكات الجنسية ضد الاطفال والكشف عن الإحصاءات المتعلقة بالجرائم المرتكبة في حقهم، بالإضافة إلى تأسيس مكتب فدرالي للأسرة.

وهذه المنظمة التي ليس لها أهداف سياسية أو مهنية رسمية، تأسست سنة 2001 بمبادرة من مجموعة من الأولياء على شاكلة ما حصل في بلجيكا بعد فضيحة دوترو الشهيرة. وبانتظام تقود هذه المنظمة مسيرات صامتة في العديد من المدن السويسرية.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية