لا للجدار .. في يوم الأرض
انتهزت ثلة من الجمعيات السويسرية المهتمة بالشأن الفلسطيني، الذكرى السنوية ليوم الأرض، لتعرب مجددا عن رفضها للجدار العازل الذي تشيده إسرائيل فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد عقدت تلك الجمعيات مؤتمرا صحفيا في العاصمة برن، أوضحت فيه خطورة الجدار والآثار السلبية المترتبة عليه.
“لا للجدار العنصري” … كان شعار المؤتمر الصحفي الذي دعت إليه جمعية المساعدة العاجلة لفلسطين والجمعية السويسرية الفلسطينية والتضامن الفلسطيني ولجنة فلسطين، وكلها منظمات تعمل في مناطق مختلفة في سويسرا وتركز أنشطتها في المدن الكبرى مثل زيورخ وبرن وبازل وجنيف ولوزان.
وقد أضفى حضور شخصيات برلمانية مثل السيدة ليليان ماري – باسكوي من الحزب الاشتراكي والسيد دانيال فيشر من حزب الخضر، طابعا هاما على المؤتمر الصحفي، حيث حرصا على إبراز دور عدد من النواب في توضيح معاناة الشعب الفلسطيني داخل أروقة البرلمان الفدرالي.
وقد أعلن هذا التحالف أن الجدار، الذي تحاول إسرائيل إضفاء الصفة الأمنية عليه، يمثل تهديدا حقيقيا لأية فرصة لإحلال السلام بين الجانبين، نظرا لأنه يُشقّ المناطق الفلسطينية المحتلة، مما يعني الاستيلاء على مزيد من الأراضي بالقوة وتدمير ما هو قائم عليها من مظاهر الحياة.
جدار عنصري … ليس كغيره
ونوهت المنظمات المشاركة إلى أن إدانة الجدار لا تنبع فقط من الناحية الأخلاقية، بل أيضا من الأضرار التي ستترتب عليه، مثل اقتلاع أشجار الزيتون وتجريف الأراضي الزراعية، وما ينجم عن كل هذا من ضياع موارد الرزق لمئات الأسر كانت تسد بالقليل الذي تحصل عليه منها، جوعها.
وقد أشار هانس بيتر غيزين من رابطة التضامن مع فلسطين في بازل إلى أنه لا يمكن مقارنة الجدار الإسرائيلي بحائط برلين مثلا أو الخط الفاصل بين الكوريتين، فهو فريد من نوعه.
في المقابل، ذكّـر بأن السكان الألمان في شرق برلين كانت لهم حرية الحركة في الاتجاه شرقا، كما أن الخظ الفاصل بين الكوريتين لم يعمل على تقييد الحركة من جهة إلى أخرى. أما الجدار الإسرائيلي، فهو يُـحوّل الضفة الغربية إلى سجن كبير، ويقطع جميع المنافذ التي يمكن للفلسطينيين الخروج منها إلى بقية العالم، إلا بالمرور عبر إسرائيل أو الحصول على موافقتها المسبقة.
سلبيات بدأت في الظهور
من ناحيتها، حرصت لجنة التضامن الفلسطينية في زيورخ على المشاركة في تحركات المنظمات واللجان الدولية الأخرى المناهضة للجدار، ورأت بأنه لابد من تظافر جهود جميع الأطراف المُـؤيّـدة لهذا الرأي من أجل تحريك الرأي العام والتنبيه إلى خطورة هذا الجدار الذي وصفته بالعنصري، فضلا عن التذكير بأنه خرق واضح للقانون الدولي وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، حسب رأي اللجنة.
وفي معرض تعداد المشاكل الخطيرة الناجمة عن بناء الجدار، استندت المنظمات السويسرية إلى آخر دراسة أصدرها مكتب الإحصاء النرويجي حول الموضوع.
وتُـظهر الدراسة بعض صور معاناة 15 ألف فلسطيني في الحصول على لقمة العيش أو إثبات أحقية ملكيتما للأرض، حيث لم تعد السلطات الإسرائيلية تعترف بالوثائق الأردنية، دون أن تقدم مبررا على ذلك.
كما أشارت الإحصائيات النرويجية إلى أن عدد أشجار الزيتون التي تم اقتلاعها بلغ حتى الآن 100 ألف شجرة، وتضمنت جداول إحصائية عن عدد البيوت التي هُُـدمت وما أسفر عنه ذلك من تشريد وإفقار للأسر والعائلات.
وحذرت الجمعيات السويسرية المناهضة للجدار بأن عواقب بنائه تتجاوز كل تلك السلبيات لتشمل أيضا الجوانب الصحية والتعليمية والنفسية للمواطنين الفلسطينيين، التي تشهد المزيد من التدهور.
رسالة واضحة إلى الخارجية السويسرية
من جهتها، قالت لجنة فلسطين بزيوريخ أن المنظمات المناهضة للجدار اتفقت على مطالب محددة تشمل هدم ما تم بناؤه منه حتى الآن، وإعادة الأراضي المصادرة إلى أصحابهاالشرعيين، وتعويض جميع الخسائر التي نجمت عن إقامة الجدار حتى الآن.
ورأى توماس باخمان، الناطق باسم اللجنة بأن توعية الرأي العام في سويسرا بما يحمله بناء الجدار من مخاطر أمر واجب، كما أنه ساهم في توسيع عملية جمع التوقيعات اللازمة لرسالة الاحتجاج التي رفعتها تلك المنظمات إلى وزارة الخارجية السويسرية بعد ظهر الثلاثاء 30 مارس، وتحمل 12 ألف توقيع يرى أصحابها ضرورة رفض الحكومة الفدرالية لبناء الجدار، كما تضمنت أيضا المطالب السالفة الذكر والتي اتفقت عليها تلك المنظمات غير الحكومية.
ومن الملفت أن قضية الجدار قد سمحت بتعرف قطاع من الرأي العام على الجهود التي تبذلها الجمعيات السويسرية المؤيدة للقضية الفلسطينية. فهذه المنظمات تجمّـعت تحت سقف واحد، ونجحت في التنسيق بين جهودها لخدمة قضية تؤمن بها، وهو ما يوفّـر مثالا نادرا لقدرة قضية واحدة على تجميع جهود متعددة، رغم اختلاف الاتجاهات وتباين الاهتمامات.
تامر ابوالعينين – سويس انفو
بدأ الاحتفال بيوم الأرض للمرة الأولى يوم 30 مارس 1976 على شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبيّه في جميع القرى والمدن الفلسطينية احتجاجاً على سياسة مصادرة الأراضي والتمييز العنصري التي تمارسها الحكومه الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. وقد فجر هذه الأحداث ما أقدمت عليه اسرائيل في 29 فبراير 1976 من مصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عرّابه وسخنين ودير حنّا وعرب السواعد وغيرها.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.