لبنان يتبلغ استعداد واشنطن مساعدته على استجرار الكهرباء عبر سوريا
أعلن لبنان الخميس تبلغه من السفيرة الأميركية قرار واشنطن المساعدة على استجرار الطاقة الكهربائية والغاز الى البلد الغارق في أزمة محروقات وانهيار اقتصادي غير مسبوق، من مصر والأردن مرورا بسوريا.
ويعني هذا التعهد الأميركي عمليا، موافقة واشنطن على استثناء لبنان من العقوبات الدولية المفروضة على سوريا بسبب النزاع القائم على أرضها منذ 2011، والتي تحظر القيام بأي تعاملات مالية أو تجارية معها.
وجاء الإعلان بعد وقت قصير على إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أن “سفينة أولى” محملة خصوصا بمادة المازوت ستتوجه الى لبنان من إيران، ما أثار جدلا سياسيا وتساؤلات كثيرة حول الجهة الممولة لهذه السفينة وما يعنيه استقدامها، إن تم، لجهة خرق العقوبات الأميركية المفروضة على الجمهورية الإسلامية، الداعم الأول لحزب الله.
وأوردت صفحة رئاسة الجمهورية على موقع “فيسبوك” أن الرئيس ميشال عون تلقى اتصالاً هاتفياً من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا “أبلغته فيه قرار الإدارة الأميركية بمساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا عن طريق الغاز المصري”.
ونقلت عن شيا أنه “سيتم تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولاً الى شمال لبنان”.
وأوضح مصدر مطلع على الملف لوكالة فرانس برس أن لبنان “يفاوض منذ أكثر من سنة مع المصريين لاستجرار الطاقة والغاز عبر الأردن وسوريا”، مشيرا الى أن “المفاوضات توقفت بسبب العقوبات الأميركية على سوريا وقانون قيصر”.
وأضاف أن لبنان سعى بعد ذلك الى الحصول على “استثناء” من العقوبات نظرا للظروف الاقتصادية والإنسانية التي يمر بها ولوضع قطاع الكهرباء.
وأكد أن السفيرة الأميركية أبلغت اليوم الرئيس أن الولايات المتحدة “ستساعد لبنان أولا في موضوع مرور الغاز والطاقة عبر سوريا، وثانيا في المفاوضات مع البنك الدولي لتمويل تكاليف هذا الاستجرار”.
ويستورد الأردن الغاز المصري عبر خط الغاز العربي الممتد من جنوب العريش في شمال سيناء إلى الأراضي الأردنية. ويستخدمه الأردن لإنتاج الطاقة الكهربائية التي كان يزود بها سوريا كذلك في الماضي. وأوضح المصدر أن الخطة تقضي بأن يتم إمداد لبنان بجزء من هذه الطاقة عبر الأراضي السورية، وكذلك بجزء من الغاز المصري الذي يمكن استخدامه لتشغيل معامل لإنتاج الكهرباء في لبنان تعمل على الغاز.
وعلى وقع انهيار اقتصادي مستمر منذ عامين صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، يشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات متفاقمة تنعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية.
وتراجعت نتيجة ذلك قدرة مؤسسة كهرباء لبنان التي تعاني أصلا من مشاكل مزمنة، على توفير تغذية معقولة لكافة المناطق، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.
كما يشهد البلد أزمة سياسية تحول دون توافق الأطراف المختلفة منذ سنة على تشكيل حكومة يضغط المجتمع الدولي لتشكيلها لكي يكون في إمكانها إجراء إصلاحات أساسية في البلاد تمهد لتقديم مساعدات دولية.
ويثير ذلك غضبا شعبيا عارما انفجر قبل حوالى سنتين في الشارع، قبل أن تتراجع الاحتجاجات في حجمها من دون أن تتوقف الانتقادات ضد الطبقة السياسية المتهمة بالعجز والإهمال والفساد.
– وسفينة من إيران… –
من جهة أخرى، أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الخميس أن سفينة محمّلة بالمازوت ستنطلق من إيران إلى لبنان.
وفي كلمته في ذكرى عاشوراء، قال “سفينتنا الأولى التي ستنطلق من إيران محملة بالمواد (…) أَنجزت كل الترتيبات. حُمّلت بالأطنان المطلوبة… وستبحر خلال ساعات.. إلى لبنان”.
وأوضح “أعطينا الأولوية في السفينة الأولى لمادة المازوت” من أجل “المستشفيات ومصانع الأدوية ومصانع المواد الغذائية وأفران الخبز ومولدات الكهرباء”.
وحذّر نصرالله الإسرائيليين والأميركيين من أن حزبه سيعتبر السفينة “أرضاً لبنانية”، ما ينذر بردّ منه في حال تعرضها لهجوم بعدما شهدت سفن مرتبطة بإيران وإسرائيل هجمات في الأشهر الماضية، اتهم كل طرف الآخر بالوقوف خلف بعضها أقله.
ويعتبر حزب الله الذي الذي يتلقى المال والسلاح من طهران ويمتلك ترسانة عسكرية ضخمة فضلاً عن شبكة واسعة من الخدمات الاجتماعية، اللاعب السياسي الأكثر نفوذاً في لبنان. ويتهمه خصومه بأنه يرهن لبنان لإيران، وتصنفه واشنطن ودول خليجية مجموعة “إرهابية”.
وأثار إعلان نصرالله انتقاد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي حذّر من أن دعما إيرانيا سيجلب مزيدا من “المخاطر والعقوبات” على لبنان، متسائلا إن كانت السفينة “بشرى سارة… أم إعلانا خطيرا بزج لبنان في وحول صراعات داخلية وخارجية”.
وكان الحريري، أبرز زعماء السنة في لبنان، وبعد “هدنة طويلة” مع حزب الله، خصمه السياسي المدعوم من إيران، وتسويات معه، اتهم أمس طهران بتعطيل تشكيل حكومة في لبنان.
ويتخطى دور حزب الله، العدو اللدود لإسرائيل وحليف دمشق، لبنان. إذ يُعد لاعباً أساسياً في سوريا والعراق مروراً باليمن، ويراه كثيرون أداة لتوسع إيران في المنطقة، ما يثير غضب الرياض، خصمها الإقليمي الأبرز.
واعتذر الحريري الشهر الماضي عن تشكيل حكومة بعد تسعة أشهر من تكليفه.
وأعلنت السلطات اللبنانية مرارا أنها ملتزمة في تعاملاتها المالية والمصرفية بعدم خرق العقوبات الدولية والأميركية المفروضة على إيران.
واعتبرت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوري هايتيان أن هناك أسئلة عدة يجب الإجابة عنها حول كمية الشحنة ومن سيدفع ثمنها والميناء الذي ستتوقف فيه وما إذا كانت الحكومة اللبنانية على علم بأي تبادل مالي.
وأشارت هايتيان إلى احتمال أن “تتوجه السفن الإيرانية إلى سوريا” حيث يتم تفريغها قبل نقلها إلى لبنان.
ولكنها حذرت بأن “هذا كله تمنعه العقوبات أساساً، وبالتالي ليس بالأمر السهل، لكن بما أن حزب الله يقوم به علناً، فهناك خطر على لبنان، من ناحية العقوبات أو حتى الهجوم”.