مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لجنة برلمانية تـُوبخ السيـد الوزير..

Keystone

وبـّخت لجنة الإدارة والمراقبة في مجلس النواب السويسري يوم الأربعاء 5 سبتمبر الجاري في برن وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر الذي "تجاوز صلاحياته في إطـار مغادرة المدعي العام الفدرالي فالونتان روشاخر لمنصبه".

وقررت الحكومة الفدرالية في نفس اليوم تعيين خبير قانوني مُستقل للتحقيق في هذه القضية. أما السيد بلوخر، فرفض اتهامات “المؤامرة” التي وردت في وسائل الإعلام ووصفها بالـ”هذيان” و”الاختلاقات”.

أوضح تقرير لجنة الإدارة والمُراقبة في مجلس النواب السويسري، الذي نـُشر مساء الأربعاء 5 سبتمبر الجاري في العاصمة الفدرالية برن، أن وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر فسخ عقد عمل المدعي العام الفدرالي السابق فالونتان روشاخر دون سبب بمعنى القانون الخاص بالموظفين.

ونوه التقرير الذي جاء في 101 صفحة إلى أن السيد بلوخر تحايل على الحكومة الفدرالية، المؤهلة الوحـيدة في هذا المجال، خلال إلغاء عقد العمل.

كما شـدّد التقـرير على أن كريـستوف بلوخر أعطى للمدعي العام تعليمات مرتبطة بإعلام الجمهور حول إجراءات تحقيق جار دون أي أهلية قانونية. وبفرض عقـوبة تأديبية على المـدعي العالم لعدم احترامه تلك التعليمات، يكون وزير العدل والشرطة قد أضر بالاستقلالية القضائية للمدعي العام.

توصيات للحكومة

ولم تفلـت الحكومة الفدرالية أيضا من انتقادات اللجنة البرلمانية إذ ورد في التقرير أن الحكومة لم تتحمل المسؤولية الملقاة على عاتـقها بصفتها سلطة تعيين ومراقبة المدعي العام للكنفدرالية، وذلك رغم أن مؤشرات الخلاف بين وزير العدل والشرطة والمدعي العام كانت واضحة للعيان منذ فترة طويلة.

وأوصت لجنة الإدارة والمراقبة في مجلس النواب السويسري الحكومة الفدرالية بالانكباب دون تأخير على ملف مكتب المدعي العام الفدرالي، واتخاذ إجراءات تضمن استقلاليته واستقلال باقي قضاة المكتب.

كما طلبت منها توضيح الحدود بين حرية الإعلام الخاصة بمكتب المدعي العام ونشاطات الإعلام الخاصة بسلطة الوصاية الإدارية التي تمارسها عليه وزارة العدل والشرطة.

“اختلاقات إعلامية”؟

وقد تسارعت الأحداث على إثر المؤتمر الصحفي للحكومة السويسرية يوم الأربعاء، إذ أعلنت هذه الأخيرة أنها قررت تكليف مستشار قانوني مستقل للتحقيق في قضية وزارة العدل والشرطة والمدعي العام السابق.

وأوضح وزير الشؤون الداخلية باسكال كوشبان أن “هذا في مصلحة الجميع ومصلحة مبدأ التوافق (الذي تقوم عليه الحكومة الفدرالية، التحرير) ومصلحة السيد بلوخـر أيضا”، مؤكدا أن تعيين الخبير المستقل ليس بغرض التشكيك بل بغرض الموضوعية. فالقضية مُعقدة وهذا الإجراء، الذي يـعد سابقة حسب تقديـر السيد كوشبان، سيسمح بالحصول على رأي “مبني على القانون” ويتحلى بـ”أقصى قدر ممكن من الموضوعية”، على حـد تعبيره. ويـمكن أن يكون الخبير القانوني قاض فدرالي سابق على سبيل المثال.

وكان وزير العدل والشرطة قد استدعى الصحافة بعد ظهر الأربعاء لتقديم وجهة نظره فيما يحدث. ورفض بشكل قاطع اتهامه بالتآمر من أجل إسقاط المدعي العام، مـُديـنا ما وصفه بـ”اختلاقات” وسائل الإعلام، بـ”اتهامات لا تطاق” و”تمسه بشرفه”.

وقد لمحت الصحف السويسرية خلال الأيام القليلة الماضية أن السيد كريستوف بلوخر دفع المدعي العام الفدارلي إلى الاستقالة من أجل حماية مصرفي من أقربـائه.

ردود فعل الأحزاب

رئيس الحزب الراديكالي فولفيو بيلي أعرب عن اعتقاده مساء الأربعاء أن قـرار تكليف خبير مستقل حول تقرير لجنة الإدارة والمراقبة في مجلس النواب خطوة مشروعة، وتسمح بتفادي تضارب المصـالح.

من جهته، أدان أولي ماورر، رئيس حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) الذي ينتمي إليه وزير العدل والشرطة، ما اعتبره محاولة جديدة من الأحزاب الحكومية لـ”إسقاط” كريستوف بلوخر. وانتقـد جوا شبـّهه بجو “الفار ويست” (في إشارة إلى أفلام رعاة البقر الأمريكية) حيث يُـطلق النار على كل ما يتحرك قبل الانتخابات الفدرالية (التي ستجرى في 21 أكتوبر القادم).

أما رئيس الحزب الاشتراكي هانس – يورغ فير، فيعتقد أن كريستوف بلوخر ارتـكب أخطاء خطيرة، وأن هذا الانزلاق ليس الأول. وفيما يتعلق باشتراك بلوخر في مؤامرة محتملة، يـعترف السيد فير بأن الأسئلة التي طرحها تقرير اللجنة البرلمانية أكثر من الأجوبة التي قدمها.

وجاء إضفاء النسبية على خطورة الانتقادات التي وردت في تقرير اللجنة البرلمانية من ناحية رئيس الحزب الديمقراطي المسـيحي كريستوف داربولي، إذ قال في تصريح لوكالة أسوشييتد بريس مساء الأربعاء إنه يحدث أحيانا أن يتجاوز وزير فدرالي صلاحياته و”هذا ليس بالشيء الحسن بالتـأكيد، لكننا مازلنا بـعيدين عن قضية دولة”.

ومازال يجب توضيح شائعات المؤامرة والدسائس المحتملة التي قادت إلى تشويش العلاقات بين وزارة العدل والشرطة وفالونتان روشاخر، ثم طرد هذا الأخير، والتي لم تـُذكر في تقريـر اللجنة البرلمانية.

وقد صرحت رئيسة اللجنة الفرعية للجنة الإدارة والمراقبة في مجلس النواب، لوكريسيا ميير-شاتز “علينا التحقيق لمعرفة ما إذا كان هنالك مخطط لإضعاف مكتب المدعي العام أو لإقالة أحد أعضائه”.

سويس انفو مع الوكالات

تصدر وزير العدل والشرطة السويسري كريستوف بلوخر (من حزب الشعب السويسري، يمين متشدد) العناوين العريضة للعديد من الصحف السويسرية الصادرة يوم الخميس 6 سبتمبر الجاري، والتي طالبت بأن يتم تسليط الضوء على هذه القضية. حتى أن بعضها طالب بمغادرة الوزير.

صحيفة “لوماتان” التي تصدر باللغة الفرنسية في لوزان تساءلت “من المستفيد من المآمرة؟”، ولخصت في جملة الشعور العام السائد في الصحافة السويسرة غداة الزوبعة التي أثارتها الشبهات حول وزير العدل والشرطة.

وقالت الصحيفة “إن لم يكن الوزير الفدرالي على علم بالأعمال المُتهم بها، فإنه على دراية بكيفية الرد عليها”.

أما صحيفة “فانت كاتر أور” التي تصدر أيضا في لوزان بالفرنسية، فكتبت “إذا كان بلوخر تدخل بالفعل في شؤون العدالة، في احتقار فاضح للفصل بين السلطات (…)، فإن سويسرا ستعيش مجددا قضية كوب”. وللتذكير فإن إليزابيت كوب، من الحزب الراديكالي في زيورخ، كانت أول سيدة تنتخب في الحكومة السويسرية عام 1984. واضطرت إلى مغادرة مقعدها في الحكومة بعد خمس سنوات على إثر إجراءها اتصالا هاتفيا بزوجها حذرته فيه أن وزارة العدل والشرطة التي ترأسها تجري تحقيقا حول الشركة التي كان عضوا في مجلس إدارتها.

من جهتها، أعربت صحيفة “لا ليبرتي” التي تصدر بالفرنسية في فريبورغ، عن اعتقادها بأن هذه القضية لم تكن ضرورية للتوصل إلى الاستنتاج التالي: في حصيلة الفترة التشريعية 2003-2007، تسبب كريستوف بلوخر في مشاكل للبلاد أكثر من الحلول التي قدمها.

فيما تساءلت صحيفة “بليك” الواسعة الانتشار في زيورخ (بالألمانية) إن كان الأمر يتعلق بفضيحة يمكن أن تؤدي إلى سقوط بلوخر. أما صحيفة “بازلر تسايتونغ الصادرة في بازل فدعت إلى الكشف عن الحقيقة قبل 12 ديسمبر، موعد إعادة انتخاب أعضاء الحكومة الفدرالية السبعة من قبل البرلمان.

وفي برن، كتبت صحيفة “دير بوند”: “إن الوضع لا يحتمل، وإذا كان كريستوف بلوخر قد أساء استعمال منصبه كوزير، فيجب عليه أن ينسحب على الفور”.

سويس انفو مع الوكالات

يتولى جهاز المدعي العام الفدرالي في سويسرا التحقيق في القضايا التي تهم الأمن القومي وذات البعد الدولي، مثل الجاسوسية وغسيل الأموال والجريمة المنظمة والإغتيالات والرشوة والفساد.
يمكن للجان المتابعة الفدرالية والبرلمانية التأكد من عمل وأداء الجهاز إذا تسرب إليها الشك في أدائه.
معلومات أساسية
ترأس فالنتان روشاخر جهاز المدعي العام الفدرالي السويسري منذ 1 مارس 2000.
كان يشغل منصب رئيس الوحدة المركزية لمكافحة المخدرات وتزوير العملة في جهاز المخابرات السويسري في الفترة ما بين عامي 1995 و2000.
من مواليد 1960 في زيورخ، وفي جامعتها درس القانون.

في 5 يوليو 2006، غادر المدعي العام الفدرالي فالونتان روشاخر منصبه بعد تعرضه لانتقادات واسعة بشأن أسلوبه في العمل وكيفية التعاطي مع الملفات الموكلة إليه، إذ اتهم مثلا بالبطء في التعامل مع القضايا المرتبطة بالإرهاب أو غسيل الأموال.

وسبق أن انتقد وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر في مناسبات عديدة أداءه الذي وصفه أحيانا بـ”السيء”.

استهدفت بعض وسائل الإعلام المدعي العام الفدرالي إثر استعانته بمتاجر كولومبي سابق للمخدرات كـمخبر في إطار قضية غسيل أموال. وبرأت المحكمة الجنائية الفدرالية ذمته في سبتمبر 2006.

في يناير من هذا العام، استنتجت لجنة المالية في البرلمان أن وزير العدل والشرطة تجاوز صلاحياته بتحديد آليات استقالة فالونتان روشاخر بنفسه. وهي صلاحية تعود لجميع أفراد الحكومة الفدرالية.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية