“لست مُـهـيّـجاً للشعب”
لا يخشى السيد كريستوف بلوخر من الإدلاء بأراءه كما هي بلا تجميل أو مجاملة، ولعل هذا هو سبب نجاحه كسياسي في سويسرا.
زعيم حزب الشعب السويسري صرح في حديث خاص لسويس إنفو بأنه سيعمل في حال انتخابه كعضو في الحكومة الفدرالية على تحجيم دور الدولة في سويسرا.
يسعى السيد بلوخر إلى أن يحصل حزب الشعب السويسري على مقعد ثان في الحكومة الفدرالية بعد فوزه بنسبة 26.6% من إجمالي أصوات الناخبين في انتخابات أكتوبر التشريعية الماضية.
ويصر على أن يختاره البرلمان شخصياً كي يتبوأ ذلك المقعد ليصبح وزيراً في الحكومة الفدرالية.
سويس إنفو حصلت على دعوة لإجراء مقابلة مع السيد بلوخر في مقر عمله بشركة EMS للهندسة الكيميائية، وفيما يلي نص المقابلة:
ما هي أهمية السويسريين المقيمين في الخارج بالنسبة لك؟
أهميتهم بالغة، فهم سفراء سويسرا في الخارج. وأعداد كبيرة جداً منهم تشعر بارتباط وثيق ببلادها. ما آسف له أن صلتنا بهم قليلة جداً.
غالبية من السويسريين في الخارج يتطلعون إلى انضمام سويسرا إلى الاتحاد الأوروبي مع حلول عام 2007. ففي رأيهم أن هذا الهدف هو أكثر المشاكل السياسية السويسرية إلحاحاً اليوم. كيف تعلق على ذلك؟
يمكنني أن أفهم وجهة النظر هذه، لأنها ستسهل الكثير من الأشياء بالنسبة لهم وتجعل حياتهم أقل تعقيدا. لكننا هنا نتحدث بصورة أساسية عن ميزات إدارية كتصاريح العمل على سبيل المثال. لكن هذه الفوائد الشخصية لا تستطيع أن تخفي حقيقة أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ستكون له عواقب وخيمة على سويسرا.
في معظم الأوقات يفهم الناس وجهة نظرنا عندما نحدثهم عن النتائج الوخيمة التي ستنجم عن تنازلنا عن حيادنا وسيادتنا وعن خسارة نظام الديمقراطية المباشرة. وعموماً، فإن سويسرا ستخسر على جبهات سياسية واقتصادية وثقافية.
هل أدت التطورات التي لحقت بالاتحاد الأوروبي على مدى الأعوام القليلة الماضية إلى دعم موقف المعارضين لها؟
بالطبع. في عام 1992 عندما أدلينا بأصواتنا، كان الاستفتاء المعروض علينا يتعلق بالانضمام إلى تجمع اقتصادي أوروبي، لم يكن هناك اتحاد أوروبي بل مجرد كتلة أوروبية غير مترابطة، بلا عملة موحدة أو نوايا لخلق سياسات خارجية ودفاعية مشتركة.
وأنا أقول دائما بأن السؤال لا يتعلق بانضمامنا إلى الاتحاد الأوروبي بل إلى أي كيان سننضم. إذا كان كيانا غير مترابط من الدول، فإننا كنا سننضم إليه على الأرجح، لأننا بحكم الواقع جزء من أوروبا.
دائما ما تتم مقارنتك بشخصيات يمينية متطرفة من أمثال جون ماري لوبين في فرنسا ويورج حيدر في النمسا، هل يزعجك هذا؟
نعم، فهي مقارنات حمقاء. أنا لا أعرف هؤلاء الأفراد بصفة شخصية. قرأت عنهم فقط في الصحف. وأيضا، أنا لا أبدي اهتماماً بالسياسات التي يمارسونها. فحيدر هو رجل وصولي، ولوبين رجل يلاكم في حلبة قضية واحدة.
ولكن، ألست شعبويا (Populist) و ديماغوجيا؟
الديماغوجي هو مهيج شعبي. وهذا لا ينطبق علي. أنا أحاول أن اقنع الشعب؛ أحيانا يوافقون على رأيي، وأحيانا لا يفعلون. هكذا تمارس الديمقراطية. وأنا أحارب من أجل القضايا التي أؤمن بها بغض النظر عن كونها شعبيه أم لا.
أنت ابتكرت مفهوم “المتظاهرين بالإعاقة” (المقصود : آدعاء مزيف للحصول على تأمينات الإعاقة)..
لم أجد كلمة أفضل منها. لدينا الكثير من المتقاعدين بدعوى الإعاقة، لكنهم ليسوا معاقين. هذا أمر معروف. كيف تستطيع أن تعالج مشكلة إذا لم يكن باستطاعتك أن تسميها باسمها؟
لكن هذا يمكن أن يعطي الانطباع بأن كل المعاقين غشاشون.
هذا الخطر قائم. لكنك لا تستطيع أن تقبل بهذا الاستغلال، والذي يكلفنا المليارات، وتستمر في تمويله بأموال دافعي الضرائب، لأنه ليس من اللطيف الحديث عنه. إن كل شخص عامل نزيه لا محالة سيشعر بأنه خُدع. على الأقل هذه الحملة ساهمت في تحريك الوضع. أخيراً بدأنا في محاربة هذا الاستغلال للنظام.
أنت تؤيد تخفيف الدعم المالي الحكومي، لكنك تستثني من ذلك المزارعين. لماذا لا تطبق نفس القواعد على الجميع؟
نحن نريد إلغاء الدعم المالي الحكومي من قطاعات ستستفيد من نظام الاقتصاد الحر. وبناءاً عليه، لا يجب تقديم دعمً ماليً إلى قطاعات البناء والسياحة والسينما والتصدير.. الخ. ضمن هذا الإطار، فإن محاولات الحكومة السويسرية لإنقاذ الخطوط الجوية السويسرية كان خطأً كبيرا.
يجب القول إن الدعم الحكومي لقطاع الزراعة متواجد في كل الدول الصناعية. ينفذ المزارعون مهمة محددة:هم يعملون في الحقول كي لا تتحول إلى خراب ونفاية. كما أنهم يضمنون إلى حد ما صالح ورفاهية الأمة. على الدولة أن تضمن أن هذا النوع من العمل، والذي يعود ريعه على الجميع، له مردود.
بطبيعة الحال، هناك بعض الأشياء التي يمكن فعلها بصورة افضل اليوم. أنا شخصيا، أفضل تقديم الدعم الحكومي لكل متر مربع أو لكل هكتار. كما يجب أن يكون حجم الدعم كافياً فقط لتحفيز المزارع على زراعة أرضه. ما يزرعه الفلاح أو ينتجه هو شأن خاص به. أنا افضل وقف طريقه الدعم المحددة بنوعية المنتجات الزراعية.
حزبك له شعبية كبيرة وقد تم إعادة انتخابه بصورة حاسمة. لكن استطلاعا للرأي العام اظهر أن نسبة 56% من الشعب السويسري لا تؤيد تنصيبك عضواً في الحكومة الفدرالية. ألا يبدو هناك نوع من التنافر في هذا الموقف؟
لا. لم يتمكن أي حزب من تأمين دعم أغلبية الناخبين في سويسرا. لكن 32% من السويسريين أعربوا عن رغبتهم في رؤيتي وزيراً في الحكومة الفدرالية، وهي نسبة أكبر من تلك التي حصل عليها حزبنا في الانتخابات الماضية. وهذه النسبة كافية في أي انتخابات عامة، إذ أن سُبع الأصوات هو الضروري.
قلت حديثاً بأنك أكبر سناً من أن تصبح ديكتاتورا، ماذا لو كنت أصغر اليوم بعشرين أو ثلاثين عاماً؟
ما قلته هو اقتباس من ديغول (الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول). فقبل أن يتولى موقعه، سأله منافسوه السياسيون إذا كان قادرا على الاستماع لأراء الآخرين، أم انه يريد أن يفعل كل شئ على طريقته.
كان هذا هو نفس السؤال الذي طرح علي أيضاً. ويجب أن تكون خبيثاً فعلاً كي لا تسمع السخرية البادية في إجابتي. أنا ديمقراطي عن قناعة. لذلك أكافح من اجل حرية الرأي في هذا البلد ولذلك اخترت أن أتحدث وأدلي بموقفي عندما أختار الآخرون البقاء صامتين.
أجرى الحديث أريان غيغون- بورمان وأيتيان شتريبل – سويس إنفو
كريستوف بلوخر:
ولد في 11 أكتوبر عام 1940.
متزوج وله ثلاث بنات وأبن.
تعلم مهنة الفلاحة ثم تحول بعد ذلك إلى دراسة القانون في جامعات زيوريخ ومونبيليير وباريس.
يملك أكبر نسبة من أسهم شركة EMS للهندسة الكيميائية ويتولى منصب رئيس مجلس إدارتها.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.