لماذا تهجر الطيور اعشاشها؟
قد تكون سويسرا بلد الأحلام في مخيلة أي شخص سمع عن طبيعتها الساحرة ومناظرها الجذابة ونظافتها ونظامها..وقد لا يتصور المرء أن أبناء الكونفدرالية يفكرون في هجرة هذا النعيم، لكن الأرقام الصادرة يوم الثلاثاء عن وزارة الخارجية السويسرية كشفت عن ارتفاع متزايد للمهاجرين السويسريين. فلم يا ترى تهجر الطيور أعشاشها؟
خمسمائة وواحد وتسعون ألف وستمائة وستون ( 591660 ) هو العدد الاجمالي للسويسريين المقيمين في الخارج والمسجلين في كافة القنصليات السويسرية ومكاتب التمثيل الدبلوماسي للكونفدرالية في كافة أنحاء العالم. الملفت للانتباه هو أن عدد المهاجرين السويسريين ارتفع بحلول شهر يونيو حزيران الماضي بنسبة تقارب الـ2% مقارنة مع نفس الفترة من العام المنصرم. ويعني ذلك أن 11264 سويسريا هجروا بلادهم في ظرف سنة.
الشباب والمتقاعدون يتصدرون قائمة المهاجرين
كيف يمكن تفسير هذا الميل السويسري إلى الهجرة؟ السيد يورغ شتوكي (Georg Stucky) رئيسُ منظمة السويسريين في الخارج يفسر الارتفاع المتزايد لعدد المهاجرين السويسريين، خاصة نحو دول الاتحاد الأوربي، بالانتعاشة الاقتصادية التي شهدتها هذه البلدان مؤخرا.
وفي تصريح لسويس انفو، قال السيد شتوكي: ” اصبح من المعتاد أن يبلغ عدد المهاجرين السويسريين إلى الخارج 10000 سنويا، لكن الارتفاع الملحوظ الذي سجل هذا العام يعود بلا شك إلى الانتعاشة الاقتصادية التي تعيشها الدول المجاورة”. ولا تعني هجرة السويسريين نحو هذه البلدان بالضرورة هروبا من أزمة اقتصادية حادة في الكونفدرالية فمستواها الاقتصادي شهد بدوره تطورا ملموسا”.
السيد شتوكي آثار الانتباه أيضا إلى أن المهاجرين السويسريين ينقسمون غالبا إلى فئتين رئيسيتين. فهنالك فئة الشباب المهنيين الذي يختارون مزاولة عملهم في دول أجنبية، وفئة السويسريين الذين تتراوح أعمارهم بين الخمسين والستين عاما والذين يمتلكون إقامة ثانوية في بلدان مثل إسبانيا وفرنسا.
فبعد التقاعد يفضل العديد من السويسريين قضاء ما تبقى من العمر في دول أخرى. قد يعود السبب ربما إلى بحثهم عن أشعة الشمس التي تسطع لا محالة لفترات طويلة على مدار السنة ويبتعدون بذلك عن برودة الطقس والشمس المترددة في سويسرا.
لكن لا يجب إغفال أمر هام قد يفسر أيضا ميول المتقاعدين السويسريين إلى الإقامة بصفة دائمة في دول أجنبية. فبعد شراءهم لمسكن خارج بلادهم يعفون بطبيعة الحال من أداء الضرائب المرتفعة جدا في سويسرا. ولا مجال للمقارنة بين الضرائب داخل الكونفدرالية والضرائب التي سيؤدونها في الخارج.
وردا على سؤال حول انجذاب السويسريين إلى دول الاتحاد الأوروبي التي لا تختلف كثيرا عن المحيط السويسري، قال السيد شتوكي: ” لا يجب أن ننسى أن علاقات ثقافية عريقة وتقليدية وعائلية تربط سويسرا ببعض دول الاتحاد الأوربي وخاصة فرنسا التي تأوي اكبر عدد من المهاجرين السويسريين..وبحكم أننا نتحدث لغة مشتركة.. مما يسهل مأمورية المواطنين السويسريين المقيمين في هذه الدولة أو الدول التي تتحدث بإحدى اللغات الوطنية السويسرية.”
60% من المهاجرين السويسريين..نساء!
الملفت في الإحصائيات التي نشرتها وزارة الخارجية السويسرية يوم الثلاثاء هو أن ستين في المئة من المهاجرين السويسريين هم من النساء. فهل تدل هذه النسبة على انفتاح المرأة السويسرية على العالم الخارجي وحبها للاستطلاع واكتشاف كل ما يختلف عن الواقع السويسري، أم ان زواجهن بالأجانب يفسر مغادرتهن لمسقط رأسهن؟
في إجابته عن هذا السؤال قال رئيس منظمة السويسريين في الخارج: ” بصراحة..فوجئت أيضا عندما سمعت هذا الرقم. فكما تعلمين تشكل النساء داخل سويسرا نفسها 51% من إجمالي السكان، وان بلغت نسبة النساء السويسريات في الخارج 60% من مجموع المهاجرين السويسريين فلا يمكنني تفسير ذلك إلا بزواجهن المختلط وبالتالي رغبتهن في الالتحاق بأزواجهن في بلد إقامتهم.”
وتبقى الإشارة في الأخير إلى أن 17،6% من المهاجرين السويسريين فقط مسجلين في بلدان إقامتهم لممارسة حقوقهم في التصويت والانتخاب، مما يعزز الفكرة السائدة حول عدم اهتمام السويسريين الكافي بالأمور السياسية سواء كانوا داخل بلادهم او خارجها.
إصلاح بخات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.