لن تحدث ثورة تحت قبة البرلمان الفدرالي
بعد كل الجدل الذي رافق الإنتخابات البرلمانية في سويسرا، يؤكد خبراء السياسة أن النتائج التي تمخضت عنها لن تؤدي إلى حدوث تغييرات ضخمة في السياسة السويسرية وخاصة على مستوى أداء الحكومة الفدرالية.
بل إن الأمر المتأكد هو أن أسلوب الوفاق التقليدي بين الأحزاب التي يتشكل منها الإئتلاف الحكومي يظل ضروريا اليوم أكثر من أي وقت مضى.
يتمثل الإستنتاج الأول للمحللين والخبراء السياسيين في سويسرا أن التوازن القائم في البرلمان لم يطرأ عليه تغيي يُذكر. فكما هو معتاد، يظل المجلس النيابي متجها بقوة إلى اليمين، أما التطورات الأخيرة المتمثلة في نجاح اليمين المتشدد (ذي التوجهات القومية والشعبوية) في افتكاك أصوات من اليمين التقليدي أو في تراجع محدود للإشتراكيين بوجه المدافعين عن البيئة فهي لا تغير توازن القوى القائم بشكل أساسي.
ويعلق هانس هيرتر، خبير الشؤون السياسية بجامعة برن قائلا: “لقد ظلت العلاقات بين اليسار واليمين مستقرة بشكل أو بآخر. لقد خسر اليسار قليلا لكن بما أنه ليس بإمكانه في كل الحالات الحصول على أغلبية داخل البرلمان فهو يظل دائما رهينة للتحالفات. وهذا المعطى لم يطرأ عليه تغيير”.
مجبرون على التفاهم
الشرط المتمثل في “ضرورة العثور على تحالفات” لا ينطبق على اليسار فحسب بل إن حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) ورغم حصوله يوم الأحد 21 أكتوبر على 29% من الأصوات (وهو بالمناسبة رقم هائل بالمقاييس السويسرية)، ليس قويا بما فيه الكفاية لفرض رؤاه بمفرده.
ويلاحظ يانيس بابادوبولوس، الذي يُدرّس السياسة السويسرية بجامعة لوزان أن “العثور على حلول وسط أضحى اليوم أعسر من ذي قبل لكن هذه الضرورة المتمثلة في التوصل إلى حلول وسط تظل أمرا لا مندوحة عنه، ويجب على الأحزاب الرئيسية أن تلتزم بها”.
في واقع الأمر، تصب لعبة التحالفات هذه (التي عادة ما يكون البرلمان الفدرالي مسرحا لها) لفائدة أحزاب وسط اليمين على الخارطة السياسية المؤهلة بحكم موقعها لعقد العديد من التفاهمات مع اليمين القومي أو مع اليسار على حد السواء. وبهذا المعنى فإن الخسائر التي لحقت بالحزب الراديكالي (يمين) يوم 21 أكتوبر لا تعتبر كارثية.
فالنظام السياسي السويسري لا يسمح حسب رأي يانيس بابادوبولوس بـ “ترجمة المكاسب الإنتخابية إلى زيادة في حجم التأثير. بل إن الخاسرين يحتفظون بشيء من التأثير وخاصة أحزاب الوسط التي تظل غير قابلة للتجاوز عند سن التشريعات”، على حد قول الخبير السياسي الذي أضاف أنه “مقتنع بأن وسط اليمين سيحتفظ بدوره المحوري” على الساحة السياسية.
وفي ختام تحليله، أكد بابادوبولوس أنه “لن تكون هناك تغييرات كبرى خلال الفترة التشريعية القادمة بل استمرارية. فالنظام الحالي، ذي الهندسة المتنوعة (أي أحزاب اليمين مجتمعة ضد اليسار أو – في حالات نادرة – أحزاب اليسار والوسط ضد حزب الشعب) مرشح للإستمرار والديمومة”.
مناورات خطابية
السؤال الآخر الذي طُرح بعد الإنتخابات البرلمانية يتمثل في معرفة ما إذا كانت النتائج التي تمخضت عنها ستؤدي إلى تغيير التشكيلة الحالية للحكومة الفدرالية (التي تضم وزيرين عن كل من حزب الشعب السويسري والحزب الراديكالي والحزب الإشتراكي ووزيرة واحدة عن الحزب الديمقراطي المسيحي). وفي هذا الصدد، لا يعتقد المحللون والخبراء السياسيون بوجود إمكانية لحدوث تغييرات عميقة.
ويقول هانس هيرتر: “لا أعتقد أنه سيطرأ تغيير على تشكيلة الحكومة. إذ لا يوجد أي مبرر كي يزيد حزب الشعب السويسري من حجم تمثيليته فيها، فالمقعدان اللذان يشغلهما مطابقان لقوته الإنتخابية، كما أن الحزب لم يُطالب بعد الإقتراع باستبعاد الإشتراكيين”.
ويُجمع المراقبون على أن مختلف النقاشات والسجالات التي دارت أثناء الحملة الإنتخابية حول الإقصاء المحتمل لوزير العدل والشرطة (من حزب الشعب) أو للإشتراكيين من تشكيلة الحكومة الفدرالية لم تكن سوى مناورات خطابية.
وفي معرض تحليله لما حدث، يذهب هانس هيرتر إلى أن “ما قام به حزب الشعب السويسري يحدث بشكل عادي في الخارج ولكنه أمر غير معتاد في سويسرا. فقد دافع عن الوزير الذي يمثله في الحكومة، كما استغل هذه المسألة لكسب المزيد من الأصوات الإضافية”.
لا اندماج في الوسط
يبقى احتمال حدوث تغيير وحيد داخل التشكيلة الحكومية ويهم أحزاب وسط اليمين. إذ يتوقع الخبراء السياسيون أن يُطالب الحزب الديمقراطي المسيحي باستعادة مقعده الثاني الذي خسره في عام 2003 لحساب حزب الشعب السويسري، وبطبيعة الحال فسوف يُسحب هذا المقعد من الحزب الراديكالي الذي أصبح الآن “الحلقة الأضعف” في الإئتلاف الحكومي.
لكن الأمور ليست بمثل هذه البساطة. فمن أجل استعادة مقعده الحكومي، يحتاج الحزب الديمقراطي المسيحي إلى نيل رضى الإشتراكيين أو حزب الشعب، لكنه لن يتمكن – في الحالتين – من الحصول على تأييد واسع لخطوته داخل البرلمان، وهو ما يعني أن المسألة ليست محسومة بعد.
هناك فكرة أخرى تم تداولها العديد من المرات في السنوات الأخيرة قد توفر حلا لهذه الإشكالية وتتمثل في توحد الراديكاليين والديمقراطيين المسيحيين ضمن تشكيلة سياسية واحدة وتأسيس حزب كبير للوسط، إلا أن هانس هيرتر لا يعتقد بالمرة في إمكانية حدوث ذلك.
ويقول المحلل السياسي لسويس إنفو: “لن يكون هناك اندماج. أولا، لأنه في سويسرا لا يعتبر الحزب الأقوى مكسبا. فعلى سبيل المثال، يظل موقف حزب الشعب السويسري في العديد من المسائل أقليا على الرغم من أنه الأقوى عدديا. من جهة أخرى، لا زال هناك تعارض قوي بين الحزب الراديكالي والحزب الديمقراطي المسيحي في الكانتونات”.
أوليفيه بوشارد – سويس إنفو
(نقله إلى العربية وعالجه كمال الضيف)
جنيف ـ أ ف ب: انتخب الاشتراكي ريكاردو لومينغو نائبا في المجلس الوطني السويسري ليصبح بذلك اول مرشح اسود يدخل البرلمان السويسري وفقا للنتائج الرسمية للانتخابات التشريعية التي نشرت الاثنين 22 أكتوبر 2007.
وكان لومينغو (45 سنة) نائب كانتون برن قد فر من الحرب الاهلية في انغولا عام 1982 قبل ان يصل الي سويسرا حيث حصل علي الجنسية عام 1997. وبعد ان درس الحقوق عمل في مجال القانون.
وتصادف دخول هذا المهاجر السابق البرلمان مع فوز جديد لحزب اليمين الشعبوي الذي يدعو الي مكافحة الهجرة. وقد حصل هذا الحزب علي 29% من الاصوات في انتخابات الاحد 21 أكتوبر معززا بذلك موقعه كاول حزب في البلاد.
واتهم حزب الملياردير كريستوف بلوخر خلال الحملة الانتخابية بالعنصرية وذلك بسبب وضعه لافتة كبيرة عليها صورة خروف ابيض يطرد خروفا اسودا من العلم السويسري.
وقال لومينغو لوكالة الانباء السويسرية لا اسعي الي ان اكون معاديا لبلوخر مضيفا الناخبون لم يختاروني لمحاربة شخص ما ولكن للدفاع عن الافكار الاشتراكية وعن منطقتي.
وكان بين المرشحين للبرلمان الذين ناهز عددهم الثلاثة آلاف عشرة من اصل افريقي.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 23 أكتوبر 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.