ماذا بعد جولة تشيني الشرق أوسطية ؟
من فاز في السباق الماراثوني الخليجي الاخير: الرئيس احمدي نجاد ام نائب الرئيس ديك تشيني؟ لا هذا ولا ذاك.
فتشيني لم يأت إلى المنطقة لكسب القلوب حيال مشاريع السلام، بل لحشد العقول وراء واشنطن في المجابهة الخطرة الراهنة مع طهران. ونجاد لم يسبقه إليها لكسب القلوب أو العقول، بل للتحذير، وتخويف الجميع، وإطلاق الرسائل في كل الإتجاهات.
الرئيس ونائب الرئيس حّولا منطقة الخليج خلال الأيام القليلة الماضية إلى أرض خصبة لحرب باردة تتراقص على شفير حافة هاوية الحروب الساخنة. وبهذا المعنى، لم يكن هناك سباق بينهما. كان ثمة بالاحرى مزيد من التحضيرات لمسرح العمليات، تحددت على النحو الآتي:
1- تشيني يعلن بصراحة ووضوح ليس فقط رفض أميركا والغرب حيازة الأسلحة النووية، بل ما هو أهم بكثير: منع إيران من السيطرة أو الهيمنة على منطقة الخليج. هذا هو بيت القصيد. فطهران حتى لو أصبحت نووية، يمكن أن تباد على يد واشنطن خلال 20 دقيقة (هي الفترة التي يحتاجها الصاروخ النووي للإنطلاق إلى الفضاء ثم السقوط على الهدف الأرضي)، بدون أن تتمكن الأولى من القيام برد نووي إستراتيجي على الثانية. أما إذا ما تمكنت إيران من التحَول إلى القوة الأقليمية الرئيسة في الخليج، فإن العد العكسي لزعامة الولايات المتحدة العالمية سيبدأ التكتكة وبوتائر سريعة.
2- نجاد يؤكد بوضوح بأن طهران لن ترد على التهديدات العسكرية الأميركية بمبادرات سلمية دبلوماسية . إنها سترتدي الخاكي وستسدد لأميركا “رداً قاسياً” إذا ما تعرضت إلى الهجوم. اهمية هذا التصريح أنه أطلق على بعد كيلومترات قليلة من الجزر الإماراتية المحتلة الثلاث، التي تشرف بدورها على مضيق هرمز الإستراتيجي. فهل كان الرئيس الأيراني يريد أن يدخل هذا المضيق في حسبة المجابهة؟ الأرجح أن الأمر كذلك، برغم أن إيران ستكون أول من يتضور جوعاً إذا ما أغلق هذا الممر المائي، الذي أصبح في العقود الأخيرة أخطر مضيق في التاريخ البشري.
تحضير مسرح العمليات، إذاً، على الصعد الدبلوماسية والسياسية هو الهدف الحقيقي لجولتي تشيني ونجاد. وهو أمر يحظى بالمزيد من التأكيد، حين نضع في عين الإعتبار أن كلا الرجلين يمثلان “صقور الصقور” الأيديولوجيين في بلديهما. فالاول لا يمانع في إنفجار كل الشرق الاوسط إذا ما كان ذلك يمهد لعودة المهدي المنتظر. والثاني لا يرفض فكرة “الفوضى الخلاقة” إذا ما كانت ستسفر عن ظهور المسيح المنتظر، ومعه عودة شركات النفط الاميركية العملاقة إلى إيران.
وهذه بالطبع ليست مؤشرات مطمئنة لمنطقة الخليج، التي تشهد منذ ثلاثة عقود حرباً تلو الأخرى أزهقت أرواح الملايين من سكانها، واستنزفت مئات المليارات من الدولارات، وملايين التريليونات من الخلايا العصبية لمواطنيها القلقين.
حتى لا تصبح إيران القوة الرئيسية
حسناً. إلى أين الآن من هنا؟ الخطوة التالية يجب أن تأتي من واشنطن. فالكرة الان في ملعبها، سواء في ما يتعلق بترتيب وضعها الأمني في العراق، أو بتحديد أطر الصراع الجديدة في منطقة الخليج.
ما فعلته الإدارة الأميركية حتى الان، هو “حشد الموارد الدبلوماسية” إذا ما جاز التعبير. وهذه الإستراتيجية بدأت مع إطلاق يد المملكة السعودية قبل نحو الشهرين في العمل على إعادة ترتيب البيت الداخلي لمجابهة ما وصفه آنذاك سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، بأنه تمدد إستراتيجي خطر للنفوذ الإيراني في العراق وبقية مناطق الخليج .
وقد شملت الخطوات السعودية التدخل لوقف صراع الفصائل الفلسطينية في غزة ودعم حكومة فؤاد السنيورة اللبنانية المحاصرة بالقوى الموالية لإيران وسوريا وإعادة فتح بعض الجسور مع سوريا لمحاولة إحتوائها، وأخيراً توجيه التحذيرات المباشرة إلى إيران من مغبة المضي قدماً في المجابهة مع اميركا.
تلا التحرك السعودي مباشرة عقد مؤتمر شرم الشيخ الدولي الذي حضرته نحو 60 دولة، والذي، وإن طغى عليه بشكل كثيف الجانب الرمزي، إلا انه كان في الواقع عرض عضلات سياسي قوي أرادت من خلاله الولايات المتحدة (ونجحت) في إبراز مدى قدرتها على محاصرة إيران دولياً.
ثم أخيراً جاءت جولة تشيني في المنطقة كتتويج لكل هذه المناورات الدبلوماسية الكبرى، لتطلق عنواناً وحيداً للتحرك الامريكي: منع إيران من التحّول إلى القوة الإقليمية الرئيسة في منطقة الخليج.
أجواء متشابهة
كيف ستفعل ذلك من الآن فصاعداً؟ الدوائر الإعلامية البريطانية والفرنسية تستبعد لجوء الولايات المتحدة قريباً إلى الخيار العسكري، خاصة وأن جل قواتها لم تخرج بعد من مستنقعات العراق. لكن كل الأجواء في منطقة الخليج توحي وكأن المجابهة العسكرية واقعة غداً.
فدول المنطقة العربية اتخذت سلسلة إجراءات تحت عنوان “الإستعداد لأي حرب محتملة”، شملت إستنفار الوزارات، وتخزين الوقود والمواد الغذائية، والتدريب على صفارات الإنذار، وتشديد الحراسة على المنشآت النفطية والحيوية.
الحكومة الإيرانية إحتجت عبر أقنيتها الدبلوماسية على هذه الأجراءات، وفسرتها على انها “عمليات تخويف موحى بها أمريكياً” . ربما كان هذا صحيحاً. لكن الصحيح أيضاً أن منطقة الخليج عاشت اجواء مماثلة قبل أربع سنوات، فكانت حصيلتها الغزو الاميركي للعراق. فهل يكرر التاريخ نفسه الآن؟
سعد محيو- بيروت
عمان (رويترز) – قال مسؤولون يوم الاثنين 14 مايو 2007 إن العاهل الاردني الملك عبد الله حليف الولايات المتحدة حث نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني على دعم دور أكبر للسنة في العراق لاعادة الاستقرار والحد من نفوذ ايران المتزايد.
وصرحوا بان الملك عبد الله قال لتشيني في اجتماع في مدينة العقبة الساحلية انه على واشنطن أن تضغط على حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لوضع أطر محددة لتحقيق المصالحة الوطنية والتي تتضمن حل الميليشيات الشيعية واعطاء السنة دورا أكبر.
ونقل مصدر من الديوان الملكي عن العاهل الاردني قوله لتشيني “موقفنا هو دعم جهود انهاء الاقتتال وضرورة اجراء مصالحة لكل مكونات الشعب العراقي واشراك كافة المكونات في العملية السياسية.”
وازداد استياء الاردن وحليفتيه مصر والسعودية من سياسات واشنطن في العراق بعد الحرب التي قادتها عام 2003 والتي يقولون انها زادت من نفوذ ايران الشيعية في العراق.
ونقل عن العاهل الاردني قوله لتشيني “ان زيادة العنف مؤخرا تقوض الجهود لاعادة الاستقرار وتزيد من التوتر في المنطقة.”
وتشيني معروف بأنه من أشد مؤيدي سياسة قائمة منذ وقت طويل في إدارة الرئيس الامريكي جورج بوش تقضي بالتصدي لدول مثل إيران وسوريا التي تعتبرها واشنطن دولا مارقة.
وتتهم واشنطن طهران التي لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ أكثر من ربع قرن بتدريب وتجهيز ميليشيات في العراق.
وتنفي إيران مساندة التمرد في العراق وتتهم واشنطن بإثارة التوترات بين الشيعة والسنة العراقيين.
وقال مسؤولون ان الاردن ومصر والسعودية أبلغوا تشيني بانه على واشنطن ان تضغط أكثر على حكومة المالكي والتي يعتقد ان احزابا دينية شيعية تدعمها ايران تسيطر عليها حتى يزيد تمثيل السنة في قوات الامن العراقية.
وقالوا للمسؤول الامريكي البارز انه من الصعب دعم اهداف الولايات المتحدة للحد من تهديد ايران النووي ما دامت “سياستها التي تشوبها اخطاء” في العراق فشلت في استدراك عدم التوازن السياسي في العراق الذي يميل في مصلحة ايران.
وقال مسؤول طلب عدم نشر اسمه لرويترز “ساعد الهوس في ضرب المتمردين العراقيين السنة باعطاء الاحزاب الشيعية المنحازة لايران قوة اكبر وهم اساءوا استخدامها لتهميش السنة اكثر بعيدا عن الحكومة.”
ويقول مسؤولون اردنيون ان المملكة العربية السعودية ومصر تشاركان بشكل غير علني شكوك الاردن حول قدرة حكومة المالكي على تخطي الانقسامات الطائفية وتوحيد البلاد.
ويقول دبلوماسيون غربيون انه على الرغم من خيبة أمل واشنطن في المالكي الا انها قلقة من أن أي تغيير في الحكومة سيؤدي الى المزيد من اعمال العنف المناهضة للولايات المتحدة من خلال اشتراك ميليشيات شيعية ما زالت حتى الان بعيدة عن الاحداث.
كما استمع تشيني الى مخاوف عربية من أن غياب اتفاق سياسي مع السنة سيحكم بالفشل على الخطة الامريكية لزيادة القوات في العراق والتي ينظر اليها باعتبارها المحاولة الاخيرة لمنع حرب اهلية واسعة.
وصرح مسؤول أردني آخر بان المعتدلين العرب حذروا تشيني من ان الفشل في العراق لن يضر المصالح الامريكية الواسعة في المنطقة فحسب وانما سيعرض امن حلفاء واشنطن للخطر ويغذي التشدد.
وقال المسؤول “نحن قلقون جدا من العواقب الكارثية للفشل الامريكي في العراق وتأثيره على النفوذ الايراني المتزايد. ستكون ضربة مزدوجة لحلفاء امريكا ولمصالحها الاستراتيجية الحيوية في المنطقة.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 14 مايو 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.