مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ماكرون وولي العهد السعودي يبرمان شراكة استراتيجية

afp_tickers

أبرم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الإثنين في الرياض، في اليوم الأول من زيارة دولة يقوم بها سيّد الإليزيه إلى المملكة، اتفاق “شراكة استراتيجية” يهدف لتعزيز العلاقات الثنائية ودعوَا إلى انتخاب رئيس للبنان.

واستقبل وليّ العهد ضيفه في الديوان الملكي بقصر اليمامة في الرياض حيث عقدا “لقاء موسعا وثنائيا” جرى خلاله “استعراض العلاقات الثنائية، والجهود التنسيقية المشتركة لتعزيز أوجه التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وبحث فرص استثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين بما يحقّق المصالح المشتركة”، وفقا لوكالة الأنباء السعودية “واس”.

– “في كل المجالات” –

وعقب اللقاء تمّ توقيع “مذكرة تفاهم بشأن تشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة الجمهورية الفرنسية”، بحسب المصدر نفسه.

من جانبه، قال قصر الإليزيه في بيان فجر الثلاثاء إنّ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين “ستمكّن من زيادة التعاون وتحقيق إنجازات ملموسة في كل المجالات، سواء الدفاع أو انتقال الطاقة أو الثقافة أو التنقل بين البلدين أو تنظيم أحداث كبرى”.

واتفق الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي بشكل خاص، وفقا للبيان، “على العمل معا للتحضير لقمة العمل بشأن الذكاء الاصطناعي التي ستعقد في أوائل شباط/فبراير في باريس”.

ووصل ماكرون إلى الرياض عصر الإثنين بينما كانت حكومته التي شُكّلت قبل شهرين ونيّف تواجه في باريس احتمال إطاحتها في البرلمان.

وهذه ثالث رحلة يقوم بها ماكرون إلى السعودية منذ 2017 والأولى من نوعها منذ نحو عقدين. وتعود آخر زيارة دولة لرئيس فرنسي إلى السعودية إلى عهد جاك شيراك في 2006.

كما ناقش ماكرون وبن سلمان “الوضع الإقليمي واتفقا على بذل كل الجهود للمساهمة في وقف التصعيد في المنطقة”، ولا سيما عبر “التوصّل إلى وقف لإطلاق النار دون مزيد من التأخير في غزة، من أجل تحرير جميع الرهائن، وحماية السكان المدنيين من خلال إيصال المساعدات الإنسانية والمساهمة في السعي إلى حل سياسي على أساس حل الدولتين”.

وبشأن لبنان، دعا الرجلان “إلى إجراء انتخابات رئاسية في لبنان بهدف جمع اللبنانيين وإجراء الإصلاحات اللازمة لاستقرار البلد وأمنه”، مؤكدين أنهما “سيواصلان الجهود الدبلوماسية الرامية لتعزيز وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان” والذي تمّ التوصل إليه برعاية أميركية-فرنسية قبل أسبوع وأوقف حربا مفتوحة بين الدولة العبرية وحزب الله استمرت شهرين.

ويأمل ماكرون الذي اكتسب نفوذا متزايدا بعد الدور الذي أداه في اتفاق وقف إطلاق النار، في الحصول على الدعم السعودي للجيش اللبناني الذي يجري إعادة انتشار في جنوب البلاد على الحدود مع إسرائيل لكنه يفتقر إلى العتاد، وفي حل الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان منذ أكثر من عامين.

– دعم لبنان –

وانسحبت المملكة الخليجية التي احتفظت بنفوذ سياسي ومالي لفترة طويلة في لبنان، في السنوات الأخيرة بمواجهة الوزن المتزايد لحزب الله.

لكنّ الحزب المدعوم من إيران خرج ضعيفا للغاية من الصراع مع إسرائيل، وبالتالي يمكن للرياض أن تقرر “مرة أخرى تمويل عمليات الاستحواذ لصالح الجيش اللبناني، أو حتى مساعدة الاقتصاد اللبناني”، كما أشار خبير مطلع على هذا الملف في باريس.

وتجري السعودية مناقشات مع واشنطن لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل تحصل بموجبها على ضمانات أمنية أميركية.

لكن في منتصف أيلول/سبتمبر، أكد ولي العهد أن بلاده لن تعترف بإسرائيل قبل “إقامة الدولة الفلسطينية”.

ويعيد القتال الذي استؤنف في سوريا بين هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها في المعارضة السورية ونظام بشار الأسد فتح جبهة جديدة من عدم الاستقرار.

وتكتسب الزيارة بعدا اقتصاديا مهما الثلاثاء مع تنظيم المنتدي السعودي الفرنسي للاستثمار، فيما تسرّع المملكة، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، من عملية تنويع اقتصادها لمواجهة إمكانات ما بعد النفط.

– عقود تجارية –

ويرافق ماكرون حوالى خمسين من رؤساء المجموعات الفرنسية الكبرى (توتال، فيوليا…) لكن أيضا الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي والطاقة والنقل، ما ينبئ بإمكان إبرام عقود.

وستشارك الشركات الفرنسية خصوصا في مشاريع الطاقة الشمسية. وتجري المناقشات أيضا لشراء السعودية طائرات رافال المقاتلة.

وقال مصدر مطلع على الأمر إن “زيارة الرئيس قد تتيح التوصل إلى قرار، وليس بالضرورة إعلانا”.

وتعدّ فرنسا أيضا شريكا رئيسيا للرياض في المسائل الثقافية والسياحية، مع قيامها بتطوير مشروع ضخم بقيمة 20 مليار دولار حول واحة العلا والموقع الأثري شمال المدينة المنورة (شمال غرب).

والسعودية التي كانت زيارتها لعقود خلت متاحة بشكل أساسي للحجاج المسلمين تهدف إلى جعل السياحة إحدى ركائز تحولها الاقتصادي والمجتمعي، خصوصا العلا التي تريد تحويلها إلى جوهرة سياحية وثقافية على مستوى العالم بمساعدة فرنسا.

وسيتوجه ماكرون إلى العلا الأربعاء مع وزيرة الثقافة رشيدة داتي ومسؤولين ثقافيين فرنسيين آخرين، بمن فيهم مسؤول من مركز بومبيدو الذي سينشئ في العلا متحفا للفن المعاصر مخصصا لفنانين من العالم العربي.

فل/هت-ود/بم

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية