السويسريون يرفضون مزيدا من العطل ويضعون حدا لبناء المساكن الثانية
نجحت المبادرة الشعبية الخاصة بالمساكن الثانية في الحصول على الأغلبية وحظي المشروع الذي أطلقه المدافع عن البيئة فرانز فيبر بموافقة "على حد السكين" حيث لم يتحصل إلا على 50،6% من الأصوات وأيدته أغلبية محدودة من الكانتونات.
وتطالب المبادرة بالتوقف تماما عن تشييد منازل ثانية جديدة مخصصة لقضاء العطلات في البلديات التي وصلت فيها نسبتها بعدُ إلى 20% من إجمالي العقارات المشيدة فوق أراضيها. وفي هذه الحالة، يُنادي أصحاب المبادرة بالإمتناع عن منح المزيد من تراخيص بناء ابتداء من أول يناير 2013.
في المقابل، أشارت الوزيرة دوريس ليوتهارد إلى أن تراخيص البناء الممنوحة سلفا من طرف السلطات المحلية ليست معنية بنتيجة التصويت. وفي تصريحات أدلت بها أمام وسائل الإعلام عشية الأحد 11 مارس، أوضحت وزيرة البيئة أن العديد من النقاط المتعلقة بالمبادرة لا زالت بحاجة إلى توضيحات ويتعلق الأمر بالخصوص بتحديد المقصود بمصطلح “إقامة ثانوية” بدقة.
نجاح باهر
على صعيد آخر، اعتبر أصحاب المبادرة نتيجة التصويت “نجاحا باهرا” حيث من النادر نسبيا أن تتمكن مبادرة شعبية في سويسرا من اجتياز عقبة صناديق الإقتراع، وتزداد الصعوبة بالخصوص عندما يُواجه المشروع بمعارضة قوية من طرف اليمين والأوساط الإقتصادية (مثلما حدث في هذه المناسبة).
لا غرو أيضا في أن هذا النجاح كان محدودا جدا حيث لم تتحصل المبادرة إلا على تأييد 50،6% من أصوات الناخبين إلا أن الأمور كانت أوضح على مستوى الكانتونات حيث وافقت عليها أغلبية المقترعين في 15 منها ورفضتها في 11.
وفي قراءة أكثر تمعنا للنتائج، يتضح أن مقترح فرانز فيبر تحصل على أكبر تأييد في الكانتونات الروماندية (أي المتحدثة بالفرنسية) باستثناء كانتون فالي وفي الكانتونات الحضرية الكبرى. ومثلما كان متوقعا، جاءت المعارضة بالخصوص من جانب الكانتونات الصغيرة الواقعة في جبال الألب وذات الطابع السياحي، المعنية قبل غيرها بالحد من تشييد الإقامات الثانية.
“فخور بسويسرا”
الفائز الكبير ليوم الأحد 11 مارس كان بطبيعة الحال فرانز فيبر (84 عاما) المدافع الشرس عن البيئة الذي أعرب عن ارتياحه للنتيجة التي أسفر عنها التصويت. وقال في تصريحات إلى وكالة الأنباء السويسرية: “إنني فخور بسويسرا ومطمئن إلى أن السويسريين صوتوا لفائدة مصلحتهم الخاصة”. وفي مداخلة له بثها التلفزيون العمومي الناطق بالألمانية أكد أنها “لم تكن مبادرتي الأخيرة على كل حال ولكنها واحدة من عديد المبادرات القادمة أيضا”.
هذه النتيجة لقيت الترحيب أيضا من طرف مختلف الحركات المدافعة عن البيئة واليسارية. وفي هذا السياق، اعتبر الحزب الإشتراكي مثلا أن “هذه النتيجة ستتيح للجميع إمكانية الحصول على سكن والتوفر على فضاء عيش مُحافـظ عليه بدلا من تسارع وتيرة البناء في الأراضي لفائدة أقلية فحسب”.
على العكس من ذلك، سادت الخيبة أحزاب اليمين حيث اعتبر الحزب الليبرالي الراديكالي أن ما تعنيه المبادرة لا يزيد عن “وقف البناءات في أكثر من 650 بلدية وفقدان مواطن عمل والإضرار بالسياحة والمس باستقلالية البلديات”. أما الحزب الديمقراطي المسيحي، فقد دعا بعدُ إلى إقرار استثناءات “للجهات الضعيفة هيكليا أو في صورة تقديم ضمانات بأن الإقامة الثانية ستسكن بالقدر الكافي”.
خيبة الأمل والمخاوف كانت بادية للعيان أيضا في الكانتونات الأكثر تضررا من المبادرة حيث اعتبر مؤتمر الحكومات المحلية للكانتونات الجبلية أن “تطبيق المبادرة سيجلب معه مشاكل تقنية وقانونية”، مضيفا في بيان أصدره إثر الإعلان عن نتيجة التصويت أن “الكانتونات الواقعة في جبال الألب تطلب حلولا براغماتية من طرف أصحاب المبادرة”.
كانتون فالي، المعنيّ بشكل خاص بهذا الإجراء أعرب بدوره عن استيائه من هذه النتيجة التي “ستكبح جماح النشاط الإقتصادي في كانتون فالي”، على حد قول جون ميشال سينا، المسؤول عن الشؤون الإقتصادية في الكانتون الذي يتوقع بروز صعوبات عملية من بينها الإقبال الشديد على طلب تراخيص البناء من الآن وحتى موفى السنة الجارية.
هزيمة مُدوّية لليسار النقابي
من المواضيع الأخرى التي كانت معروضة على تصويت السويسريين، مبادرة تدعو إلى تمكين العاملين من عطلة بستة أسابيع اقترحتها النقابات المسيحية ودعمها اليسار وتعرضت إلى هزيمة شنعاء. فقد رُفض هذا المقترح الذي كان يرمي إلى الترفيع في الحد الأدنى القانوني من العطل السنوية من أربعة أسابيع حاليا إلى ستة من طرف 66،5% من الناخبين ومن جانب الأغلبية في كافة الكانتونات السويسرية.
الأوساط الإقتصادية وأحزاب اليمين عموما اعتبرت أن إقرار إجراء من هذا القبيل سيسدد ضربة مُوجعة للقدرة التنافسية لاقتصاد البلاد. ومن خلال النتيجة التي أسفر عنها التصويت، يبدو أن الرسالة التي وُجهت إلى الناخبين فُهمت تماما من طرف السويسريين.
وفيما يتعلق بالمبادرة المتعلقة بمنح الإدخار المُخصّص لاقتناء سكن أو لإدخال بعض التحسينات المراعية للبيئة على البيوت القائمة بعض الامتيازات الجبائية، كانت النتيجة واضحة أيضا حيث رُفضت من طرف 55،8% من الناخبين ومن أغلبية الكانتونات.
مع ذلك، يُنتظر أن يتجدد النقاش مرة أخرى حول هذا الملف، حيث من المقرر أن تعرض مبادرة ثانية في نفس الإتجاه على تصويت الشعب في شهر يونيو المقبل.
سعر الكتاب: لا للتوحيد!
في المستقبل المنظور، لن تشهد سويسرا توحيدا لسعر الكتاب. فقد رفض الشعب بوضوح القانون المقترح لهذا الغرض بـ 56،1% من الأصوات. كما كشفت النتيجة أيضا عن وجود هوة لغوية في سويسرا بشأن هذه المسألة. إذ رُفض السعر الموحّـد (أو الثابت) للكتاب من طرف جميع الكانتونات المتحدثة بالألمانية والإيطالية في حين وافقت عليه كل الكانتونات المتحدثة بالفرنسية.
في المقابل، لم يُسجل أي اختلاف في الموقف من المرسوم المتعلق بضبط قواعد تنظيمية في الدستور حول نوادي القمار واليانصيب، حيث تمت الموافقة عليه بما يُشبه الإجماع في كل البلاد وتحصل على 87% من الأصوات وأيدته أغلبية الناخبين في جميع الكانتونات. وفي الواقع، لم يُواجَه هذا المشروع – الذي يكتفي بضبط توزيع الصلاحيات القائمة بعدُ في هذا المجال بين الكانتونات والكنفدرالية وإدراجها في نص الدستور – بالرفض من طرف أي كان باستثناء الحزب الإنجيلي الصغير.
مبادرة تقدَّمت بها النقابات العمالية، تدعـو للحصول على الحق في قضاء عطلة سنوية لمدة ستة أسابيع كحدٍّ أدنى. رُفضت من طرف 66،5% من الناخبين.
مقترح من قِبَل جماعة بيئية للحَدّ من بناء المنازل الثانية المُخصّصة لقضاء العطلات على المستوى المحلي في جميع أنحاء البلاد. حظيت بموافقة 50،6% من الناخبين.
مبادرة أخرى تسعى للحصول على تسهيلات ضريبية للرّاغبين في توفير المال على مدى سنوات (10 على الأقل) لشراء منزل الإقامة الرئيسي في المستقبل. رُفضت من جانب 55،8% من الناخبين.
جرى الإستفتاء أيضا على قرار سبق أن اتخذه البرلمان الفدرالي، يدعو إلى إعادة العمل بالإتفاق على سِعرٍ ثابت للكتاب في شتى أنحاء سويسرا. وقد تم رفضه من طرف 56،1% من الناخبين.
حظيت خُـطط لتكريس قواعد تنظيمية في الدستور حول نوادي القمار واليانصيب، بتأييد واسع ناهز 87% من الناخبين.
أخيرا، بلغت نسبة المشاركة في التصويت حوالي 45% من إجمالي الناخبين السويسريين.
(نقله من الفرنسية وعالجه: كمال الضيف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.