مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصادرات السويسرية تصمد في وجه عاصفة الفرنك القوي

مهندس من شركة أورليكون للصناعات الفضائية يصلح محرك جهاز للتحكم في الألواح الشمسية Keystone

لازالت شركات التصدير السويسرية صامدة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تجتازها، لاسيما جراء قوة الفرنك والانحدار السريع للأسواق الرئيسية.

ويواجـــه هذا القطاع بالفعل تهديدا بالانهيار خلال الأشهر القادمة في ظل تباطؤ وتيرة نمو الصادرات وتراجع القدرة الشرائية في العديد من الأسواق. ولكن نتائج الشركات خلال النصف الأول من السنة أثبتت مرونتها في التصدي للأزمة.

فقد نجحت شركة “جورج فيشر” المتخصصة في صناعة قطع غيار السيارات ونظم الأنابيب في تحسين أدائها أسلوب مدهش؛ إذ ارتفعت نسبة المبيعات بحوالي 10% لتصل إلى 1،68 مليار فرنك سويسري (حوالي 2،34 مليار دولار) في النصف الأول من هذه السنة، مقارنة مع النسبة المسجلة في العام 2010، في حين قفز صافي الربح بحوالي 124%، ليبلغ 92 مليون دولار.

وقد تم تحقيق هذا  النمو التصاعدي على الرغم من التراجع المسجل بشكل خاص خلال العامين الماضيين. ولكن الظروف الاقتصادية عرفت تحسنا لفترة معينة خلال الربع الأول من عام 2011، مما جعل المبيعات والأرباح تعرف انتعاشا على الرغم من استمرار الفرنك في الارتفاع منذ شهر يناير الماضي.

وقد عرفت أرقــام شركة سولتزر المختصة في صناعة المضخات تحسنا أيضا خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، إذ ارتفت مبيعاتها بحوالي 8،8% لتصل إلى 1،6 مليار فرنك، كما زادت قيمة الأرباح بـ 11،7% لتبلغ 124،8 مليون فرنك.

الساعات تُسجل تقدما في الوقت المناسب

أما أرباح شركة “آزيان براون بوفيري” (ABB) للإنشاءات والتكنولوجيا، فسجلت ارتفاعا بحوالي 43% لتصل إلى 893 مليون دولار (710 مليون فرنك سويسري) خلال الربع الثاني من العام وحده. وعرفت شركة “ريتر” المتخصصة في صناعة النسيج زيادة بنسبة 8،8% في أرباحها خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2011، حتى  بعد تجريدها من الربح الآني من رأس المال بعد بيع مساهمتها في شركة هندية.

ويظل قطاع صناعة الساعـــات المثال الأكثر إثارة للدهشة عن قوة الصناعة السويسرية، يحيث قدم أكبر دعم لقطاع الصادرات خلال هذا العام. فقد ارتفعت صادرات الساعات بحوالي 19،5% خلال الأشهر السبعة الأولى من العام (مقابل 3،6% من النمو المسجل في صادرات كافة القطاعات) وحوالي 21% ما بين شهري يونيو ويوليو.

وقد قفزت مبيعات مجموعة “سواتش” لصناعة الساعات بحوالي % لتصل إلى 3،36 مليار فرنك سويسري خلال النصف الأول من عام 2011، رغم تسجيل خسارة قدرها 387 مليون فرنك بسبب ظروف غير ملائمة لصرف الفرنك. وقد ارتفعت الأرباح بحوالي 25% خلال نفس الفترة من العام الماضي لتصل إلى 579 مليون فرنك.     

   

ويرى  جون دانيال باش، رئيس الفدرالية السويسرية لصناعة الساعات، أن قطاع  صناعة الساعات يعرف نشاطا أحسن من باقي القطاعات بسبب تركيزه على الأسواق الآسيوية، وبسب ريادته في مجال الإبداع والإبتكار.

وقال في تصريحات لـ swissinfo.ch: “إننا نركز بشكل كبير على آسيا بحيث نوصل حوالي 55% من إنتاجنا لهذه السوق التي تعرف نموا متزايدا”.

وأضاف ضمن نفس السياق: “إن الساهرين على صناعة الساعات في سويسرا يـــُعتبرون أكثر إبداعا ويتقدمون عن منافسيهم في الميدان لأن المستهلكين لا يقتنون الساعات لمجرد معرفة الوقت، لذلك علينا دوما تقديم ابتكارات جديدة، سواء فيما يتعلق بالتكنولوجيا أو الشكل”.

التخفيض من النفقات

وتعتقد كلوديا موركر، المديرة التنفيذية لجمعية المصدرين السويسريين، بأن الشركات الناجحة في مختلف القطاعات لا زالت تستفيد من تقديمها لمنتجات ذات جودة سويسرية لا يمكن استبدالها بمنتجات أخرى.

وقالت في حديث مع swissinfo.ch: “إن مــُزودي ومصنعي المنتجات المتخصصة، مثل قطاع التكنولوجيا العالية، بإمكانهم الحد من التأثيرات السلبية لقيمة صرف الفرنك القوي. وهذا ينطبق بالخصوص على القطاعات التي تعرف منافسة محدودة أو التي لا تصدر سلعا دورية”.

ولازال المصدرون يعانون من قوة صرف الفرنك لأن ذلك يرفع من سعر منتجاتهم في الخارج، مما يضعف قدرتهم التنافسية. وللحيلولة دون مواجهة هذه المشكلة، تلجأ تشركات التصدير إلى وجهة سلعها إلى الأسواق التي تعرف نموا مثل آسيا أو أمريكا اللاتينية، لتقطع بالتالي اعتمادها على اللسوق الأوروبية أو الأمريكية.

وقال السيد موركر لـ swissinfo.ch: “إنه لمن الأهمية بمكان التكيف مع ظروف الأسواق التي تعرف تقلبات سريعة مع الاحتفاظ ببعض المرونة”، مضيفا بأن “المستقبل مرهون اليوم بالدول النامية وليس بمنطقة الاتحاد الأوروبي”.

ورغم ذلك، اضطرت الشركات لاعتماد ساعات عمل أقل، والبحث عن مصادر مواد أولية أفضل لمواجهة الصعوبات الاقتصادية. وما هو أكثر إثارة للقلق اضطرار المصدرين لتخفيض أسعار منتجاتهم بحوالي 5،3% في شهر يوليو وحده.

بارقة أمل

وقد أمرت الجمعية المشرفة على قطاع صناعة الهندسة والميكانيكا والكهرباء في سويسرا والمعروفة باسم “سويس ميم” أعضائها بتخفيض أسعار منتجاتهم بحوالي 4،0% خلال الربع الثاني من العام، وهو ثاني ثلاثي على التوالي تضطر فيه إلى الإقدام على هذه الخطوة.

وصرح رئيس “سويس ميم”، هانس هيس، الأسبوع الماضي بأن هامش الأرباح قد تم تخفيضه لدرجة أن الشركات لم تعد تتــحمل العبء أكثر. وحذر من أن وسائل الإنتاج قد تــُنقل إلى خارج، وقد تخسرها سويسرا إلى الأبد إذا ما فشلت إجراءات تخفيض سعر صرف الفرنك.

وتوصلت عملية سبر للآراء بين أعضاء جمعية “سويس ميم” إلى أن 27،8% منهم لهم تصورات متشائمة بالنسبة للسنة المقبلة مقارنة مع 13،9% خلال الربع الأخير.

ولكن يبدو أن ما قام به البنك المركزي السويسري من إجراءات لضخ الفرنك السويسري في الأسواق، قد أدى إلى الحد من ارتفاع قيمة صرف العملة السويسرية. وهذا ما يشكل بارقة أمل بالنسبة لقطاع الصادرات الذي يتعرض لضغوط كثيرة.

فقد كان الفرنك السويسري الواحد يساوي تقريبا اليورو قبل أكثر من أسبوعين بقليل، بينما كان 0،70 سنتيما سويسريا يكفي لشراء دولار أمريكي. ولكن منذ تدخل البنك الوطني السويسري أصبحت قيمة اليورو الواحد تعادل 1،14 فرنك سويسري، وأصبح الدولار يساوي 0،79 فرنك سويسري.

ولن يشعر المصدرون السويسريون بالارتياح إلا عندما سيصبح معدل صرف الفرنك مستقرا في حوالي 1،40 فرنك سويسري مقابل اليورو.

سجلت علميات إفلاس الشركات في سويسرا ارتفاعا مقارنة مع ما شهده عام 2010.

فقد أشارت شركة الترويج التجاري والأبحاث  “دون & برادستريت” إلى أن 3662 شركة سجلت نموا بحوالي 5% خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2011 مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

ولكن بالأخذ بعين الإعتبار لنسبة الاغلاق الطبيعي للشركات، تبقى حوالي 2463 شركة.

فقد أفلست حوالي 556 شركة في شهر يوليو 2011 وحده. وهو ما يمثل زيادة مهمة بنسبة 17% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

ومن القطاعات الأكثر تضررا، قطاع السياحة، والمطاعم والبناء. أما قطاعات صناعة الآلات، والنسيج، وأدوات القياس الدقيقة، فتعتبر من القطاعات التي لم تتضرر كثيرا.

ومن ناحية أخرى، عرفت الأشهر السبعة الأولى من العام بروز نشاطات شركات جديدة.

فقد تم تسجيل 23741 شركة جديدة في السجل التجاري، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 7% عن العام الماضي.

وتتوقع شركة “دون & برادستريت” ظهور حوالي 40 ألف شركة جديدة (أساسا في قطاع الخدمات) في سويسرا قبل نهاية هذا العام.

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه محمد شريف)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية