مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خبراء يدافعون عن تدخل الدولة لإنقاذ الأسواق المالية

Keystone

دافع ممثلون عن مرصد يُعنى بحماية القدرة التنافسية خلال اجتماع سنوي لهم عُقد بمدينة زيورخ عن تدخل الدول لإنقاذ القطاع المالي ومساعدة المؤسسات الكبرى العاملة فيه التي تواجه صعوبات مثلما حصل مع مصرف يو بي أس السويسري.

لكن المؤتمرين حذّروا من ان تتحوّل الإجراءات المؤقتة التي اتخذتها الدول لإنقاذ هذا القطاع إلى تكريس النزعة الحمائية التي طبعت الإقتصاد الدولي في العهود السابقة.

هذا المؤتمر السنوي الذي عقدته في زيورخ الشبكة الدولية للتنافسية لتدارس قضايا سياسية، على مدى ثلاثة أيام، (من 3 إلى 5 يونيو 2009)، حضره أعضاء اللجان المعنية بحماية القدرة التنافسية، من جميع أصقاع العالم.

المؤتمر أشاد بهذه اللجان التي كانت تحظى بإشعاع ومصداقية عندما كان الإقتصاد الدولي يشهد انتعاشا ونموا، وكانت هذه اللجان مكلفة بحماية الاسواق المالية وضمان انفتاحها.

وخلال ندوة صحفية عقدها نائب رئيس الشبكة الدولية للتنافسية، قال دافيد لويس مخاطبا وسائل الإعلام: “ما نواجهه اليوم في القطاع المالي، خاصة، وفي قطاعات أخرى، هو إفلاس شامل للاسواق المالية، وحصل هذا التراجع بسرعة كبيرة”. واضاف المسؤول: “الحكومات الآن بصدد انتهاج أسلوب يقوم على حماية صناعاتها، ومنحها إعفاءات ومساعدات”. وهذا الأمر مبرر إذا كان المستفيد هو القطاع المالي، “لأن هذا القطاع بمثابة الزيت بالنسبة لدواليب عجلة الإقتصاد”.

ووفقا لنائب رئيس هذه الشبكة، فإن “مساعدة قطاعات اقتصادية مثل قطاع السيارات الذي كان يواجه مصاعب حتى قبل اندلاع الأزمة المالية، لن يكون إلا لفترة مؤقتة، لان تدخل الدولة لن ينقذها، وإن أجّل إفلاسها”.

وجاءت هذه التعليقات بعد يوميْن من إعلان شركة جنرال موتورز، أشهر شركة أمريكية في مجال صناعة السيارات إفلاسها في خطوة تمهد الطريق لتنفيذ خطة الحكومة الأمريكية الهادفة لإنقاذ هذه الشركة، وتوجيهها لإنتاج سيارات تحترم معايير البيئة، وتحتفظ الحكومة الآن بنسبة 60% من أسهمها. وجنرال موتورز هي شركة السيارات الأمريكية الثانية التي واجهت هذا المصير بعد أن سبقتها إلى ذلك شركة كرايزلر.

قرار دعم مصرف “يو بي إس”

من ناحيته، دافع فالتر شتوفّل، رئيس اللجنة الفدرالية لتقنين المنافسة عن الخطة التي تقدمت بها بلاده لإنقاذ اتحاد المصارف السويسرية يو بي أس، في شهر ديسمبر 2008.

لكنه أضاف: “يجب أن يظل تدخل الحكومة مؤقتا، وإذا ما حصل خلاف ذلك، يحدث تضارب في المصالح، لان الحكومة ستكون في نفس الوقت أكبر المساهمين في المصرف، ثم الجهة التي تضع الإطار القانوني المنظم لعمل المصارف”.

وفي لغة واضحة وحازمة، يقول شتوفّل: “لابد وأن الامر واضح جدا، فتدخل الدولة وضع إستثنائي، وان عليها أن تنسحب في اقرب وقت ممكن”.

ويشدد شتوفّل خلال الندوة الصحفية التي عقدها يوم 3 يونيو في زيورخ على أنه من الأفضل أن لا تحدث التدخلات التي من المفترض أن تستمر، مضيفا “علينا ألا نتساهل في القول، بأن ما كان محظورا، قد حصل، وعلينا الآن تسيير هذا المصرف أو هذه الشركة. علينا أن نعود بأسرع ما يمكن إلى الوضع الذي كنا عليه من قبل”.

وكانت دوريس ليوتهارد، وزيرة الإقتصاد السويسرية حذّرت خلال كلمة ألقتها في افتتاح المؤتمر من أن “للنزعة الحمائية تأثير سلبي بالغ على بلد صغير مثل سويسرا، يعتمد اقتصاده بنسبة 50% على الصادرات”.

نظرة قاصرة

لكن هذه الإجراءات تكون تأثيراتها أكثر خطورة “عندما تكون موجهة لحماية اقتصاد بعينه”، بحسب شتوفّل الذي يضيف “إذا كان نصف الإقتصاد السويسري يعتمد على ترويج منتجاته في الخارج، فإنه من الخطأ الفادح القول أن تأثير الإجراءات الحمائية سيتوقف عند حدود سويسرا. ما يؤدي إلى انعاش الإقتصاديات في أي منطقة من العالم، خاصة في البلدان المجاورة، هو مفيد أيضا للإقتصاد السويسري”.

وفي هذه الأوقات العصيبة، يرى لويس أن “على لجان القدرة التنافسية استثمار جميع قدراتها الإستشارية، والإصداع بصوتها عاليا، خاصة عندما يظهر إلى الوجود اتحاد مصرفي كبير، يُخل بقوانين المنافسة النزيهة أو عندما تحاول شركة الإستفراد بمعونات الدولة”.

وأضاف نائب رئيس الشبكة الدولية للتنافسية: “العمل جنبا إلى جنب مع صانعي القرار في مجال السياسات الاقتصادية والاجتماعية، أو ممثلي القطاع التجاري مسألة حيوية خلال وضع إجراءات ومعايير تكون متطابقة مع السياسات التنافسية النزيهة”.

وختم المسؤول بالقول: “مازلت على يقين بأن الطريق للخروج من هذه الأزمة يمر حتما عبر العودة إلى نظام السوق، قد تكون الحكومات قد فرضت معايير معينة في القطاع المالي، وفي المجال الاقتصادي عموما، ولكن مع ذلك، الخروج من الأزمة يمر عبر النظام الإقتصادي الحرّ، حتى وإن كان هذا الأخير المسؤول عن هذه الأزمة إلى حد ما”.

إيزوبيل ليبولد- جونسون swissinfo.ch

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

انعقد المؤتمر السنوي للشبكة الدولية للتنافسية بمدينة زيورخ في الفترة الممتدة من 3 إلى 5 يونيو 2009.

حضر هذا المؤتمر حوالي 600 خبير دولي في مجال التنافسية، وأعضاء في منظمات دولية، ومستشارون حكوميون، وممثلون لمجموعات اقتصادية أو إستهلاكية أو مجموعات قانونية، قادمون من أزيد من 80 دولة.

تأسست الشبكة الدولية للتنافسية سنة 2001، وتتشكل عضويتها من اللجان المعنية بالتنافسية من مختلف الأقطار العالمية.

يشغل دافيد لويس منصب نائب رئيس هذه الشبكة، ويترأس في الوقت نفسه لجنة جنوب إفريقيا التنافسية.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية