غرف التجارة “إطار للمشاركة والتدريب” على الديمقراطية.. رغم محدوديتها!
في مُجتمعات لا توجد فيها مؤسسات أهلية ولا هيئات منتخبة، تقوم الوظيفة بتحويل الموجود إلى غير ما أنشئ من أجله في الأصل. وهكذا تحولت غرف التجارة والصناعة في بعض الدول الخليجية إلى منصة لإبلاغ صوت رجال الأعمال إلى الحكام والذود عن مصالحهم، بوصفهم فئة تسعى السلطات عموما إلى استرضائها لكن من دون تجاوز الخطوط التي تشجع فئات أخرى على التجرؤ على صاحب الأمر.
وفي قطر حيث لا توجد أحزاب ولا جمعيات مستقلة، تأسست غرفة التجارة والصناعة رابط خارجيمنذ 1963 لتكون برلمانا للتجار ورجال الأعمال، وفرضت على مدى العقود الخمسة الماضية أن تصبح إطارا لمشاركة رجال الأعمال، وبدرجة أقل نساء الأعمال، في القرارات الكبرى، وخاصة الإقتصادية منها والتنموية.
وأكد نائب رئيس الغرفة محمد بن طوار وجود تكامل بين دور الغرفة ومخططات الدولة عندما شرح لـ swissinfo.ch رؤية الغرفة قائلا: “إنها ترمي لتحقيق اقتصاد أفضل يكون للقطاع الخاص فيه المبادرة في ممارسة النشاط الإقتصادي”. وأوضح أن مهمة الغرفة تتلخص في “تمثيل المصالح التجارية والصناعية والزراعية والدفاع عنها ودعم وتطوير الهيئات الإقتصادية والإنتاجية لمصلحة البلاد بشكل عام، وأعضاء الغرفة بشكل خاص”.
وأضاف بن طوار أن الغرفة تقوم بعدة مهمات منها “جمع المعلومات والإحصاءات ذات العلاقة بالقطاع وإبداء الرأي بصفة استشارية في إنشاء البورصات وإقامة الأسواق والمعارض التجارية والصناعية والزراعية”، بالإضافة لـ “تقديم المشورة والمقترحات بشأن مشاريع القوانين واللوائح الخاصة بالتجارة والصناعة والزراعة”.
من التعيين إلى الإنتخاب
منذ تأسيس غرفة تجارة وصناعة قطر في عام 1963، ظل تعيين أعضاء مجالسها الإدارية المتعاقبة يتم بموجب مرسوم أميري طيلة أكثر من ثلاثة عقود، إلى أن صدر قانون جديد في 1996 (أي مع تولي الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني) جعل اختيار أعضاء مجلس الادارة عن طريق الإنتخاب المباشر.
توسع القاعدة الإجتماعية
وبرغم توسع القاعدة الإجتماعية للغرفة، إذ زاد عدد أعضائها في السنوات الأخيرة من 22 ألف منتسب إلى 29 ألفا ممن يحق لهم التصويت، فإن السلطات ضمنت وضع اليد على الغرفة من خلال وجود أحد أعضاء الأسرة الحاكمة الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني على رأسها.
كما أن الأعضاء البارزين فيها هم من كبار رؤساء المجموعات الذين صنفتهم مجلة “فوربس”رابط خارجي على قائمة أثرياء العالم أسوة بفيصل بن قاسم آل ثاني، وهو في الوقت نفسه رئيس رابطة رجال الأعمال القطريينرابط خارجي، التي تأسست في 2003 بمبادرة من القطاع الخاص.
وتستثمر مجموعة فيصل القابضة في قطاعات عدة، منها الصناعة والتحارة والتطوير العقاري والسياحة والتعليم، وتقدر ثروة فيصل بن قاسم بأكثر من 560 مليون دولار، ومثله حسين ابراهيم الفردان الذي ساهم في تأسيس أول بنك خاص في قطر وتمتلك عائلة الفردان 10 في المائة من أسهم البنك التجاري القطري، فيما يمتلك هو وعائلته أكبر مجموعة من لؤلؤ الخليج الطبيعي. كما يضم مجلس إدارة الغرفة سيدة الأعمال الشيخة آمنة بنت محمد آل الثاني، أحد المساهمين الرئيسيين في شركة المناعي، وهي من أكبر المجموعات القطرية في مجال التجارة والخدمات والفندقة، وقد صنفتها مجلة “فوربس” الأمريكية على رأس قائمة سيدات الأعمال العربيات إذ قدرت ثروتها بــ 106 ملايين دولار.
وبحسب نائب رئيس الغرفة بن طوار فإن أهم الفوائد التي يجنيها أعضاء الغرفة من انتمائهم إليها تتمثل في “الإمكانات الكبيرة التي تتيحها للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم للوصول إلى شبكة دولية واسعة من مؤسسات الأعمال والتجارة”.
موسوعة
أصدرت غرفة قطر النسخة الثالثة من “موسوعة رجال الأعمال القطريين” التي توثق لشريحة مهمة في المجتمع القطري.
تتناول الموسوعة معلومات وبيانات عن نخبة من رجال الأعمال القطريين من خلال مسيرتهم في المجال الإقتصادي والتجاري والصناعي بالإضافة إلى عرض السيرة الذاتية للرعيل الأول من رجال الأعمال القطريين.
تشتمل الموسوعة على أربعة أجزاء يشمل الأول قوانين قطر وتشريعاتها في مجال التسهيلات والحوافز.
ديمقراطية جزئية
على أن اعتماد آلية الانتخاب في منظمة رجال الأعمال القطرية ليس أسلوبا شاملا إذ أن اختيار أعضاء المجلس (الذي تستمر ولايته أربع سنوات) يتم بنظام مختلط يمزج بين التزكية والإقتراع، فمجلس الادارة يتكون من ممثلي سبعة قطاعات، لكن ستة من هؤلاء يتم اختيارهم بالتزكية من قبل زملائهم، بينما تجري انتخابات لاختيار العضو السابع وهو ممثل قطاع الخدمات.
وفي تصريح لـ swissinfo.ch، تطرق عضو في الغرفة فضل عدم الإفصاح عن اسمه إلى ظاهرة سلبية قال إنها تتمثل في “صعوبة تحقيق النّصاب لدى انعقاد دورات انتخاب مجلس الإدارة، إذ تؤجّـل الإجتماعات إلى موعد لاحق لتُعقد بمن حضر وتكون قانونية طبقا للوائح”، وهو ما يدل على إدراك الاعضاء لحدود الإستقلالية في عمل الغرفة وقلة إيمانهم بمصداقية الإنتخابات.
وإلى جانب غرفة التجارة والصناعة، يجمع رجال الأعمال القطريين إطار آخر هو “رابطة رجال الأعمال القطريين” التي يتولى منصب المدير العام فيها رجل الأعمال عيسى عبد السلام أبو عيسى، وهو رئيس مجلس إدارة شركة السلام للإستثمارات الدولية التي أسسها قبل خمسين عاما، ويُعتبر مُقرّبا من السلطات.
وبهذا المعنى فليست الرابطة مجرد نقابة تدافع عن مصالح رجال الأعمال والتجار، وإن كانت تشكل إلى جانب غرفة التجارة والصناعة إطارا للمشاركة وقناة لإبلاغ صوت هذه الفئة الإجتماعية إلى المُمسكين بدواليب الأمور.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.