مبادرة جنيف: “فرصة يجب اقتناصها”
يرى روبير مالاي، المستشار السابق لبيل كلينتن، انه يجب على سويسرا وأوروبا أن تسارع بالدفع لفائدة الحلول المقترحة في مبادرة جنيف.
وتأتي زيارة مالاي في الوقت الذي تستعد فيه وزيرة الخارجية السويسرية للتوجّـه قريبا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
أجرى المستشار السابق لشؤون الشرق الأوسط للرئيس الأمريكي بيل كلينتن لقاء مع مسؤولين في وزارة الخارجية لدى مروره بسويسرا يوم 8 ديسمبر الجاري.
وتأتي زيارة الخبير الأمريكي، المُـشرف حاليا على برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد دراسات دولي يحمل اسم “المجموعة الدولية للأزمات” في وقت ملائم، حيث تعتزم وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – راي التوجه قريبا إلى المنطقة لزيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وفيما تقول مصادر وزارة الخارجية إنه لم يتم بعدُ تحديد مواعيد هذه الزيارة، إلا أن الاستعدادات لها تجري في وقت “ثري بفرص إحلال السلام في المنطقة”، حسب تأكيدات روبير مالاي.
سويس انفو: هل نشهد الآن انفراجا في الشرق الأوسط؟
روبير مالاي: هناك فعلا جوّ جديد بصدد التبلوُر. فعلى الأقل، يحاول العديد من الفاعلين إقراره عبر تصريحات أو خطُـوات للتعبير عن حُـسن النية. ولكن يجب التخفيف من موجات التفاؤل هذه، لأن الأهداف التي تُـثير اليوم اتفاقا واسعا ذات مدى قصير، سواء تعلّـق الأمر بالانتخابات الفلسطينية أو بالانسحاب الإسرائيلي من غزة.
في المقابل، لم يتمّ التطرّق بعد إلى القضايا الرئيسية التي غذّت هذا النزاع، مثل نهاية الاحتلال الإسرائيلي، وضمانات الأمن للدولة اليهودية. لذلك، يجب الإصرار باستغلال الانفراج الحالي حتى لا يتحول هذا الظرف إلى مجرّد لحظة عابرة.
سويس انفو: إذن، يجب التسريع بتنشيط خارطة الطريق، خُـطة السلام التي تدعمها الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وروسيا؟
روبير مالاي: خارطة الطريق هي في واقع الأمر قائمة بإجراءات ومحاور يجب التطرّق إليها بشكل أو بآخر. لكن الطريقة الواردة في هذا البرنامج ليست الأفضل بالضرورة. فعلى سبيل المثال، لا تشتمل خارطة الطريق على الانسحاب من غزّة، على الرغم من أنه يُـمثل محرّكا لسلسلة من المبادرات في المنطقة.
سويس انفو: هل تعتقد أن جورج بوش سينخرط فعليا في حلّ هذا النزاع؟
روبير مالاي: يبدو أن الرئيس الأمريكي مُـنخرط جديا في مجال واحد، وهو دمقرطة السلطة الفلسطينية، أو على الأقل الفكرة التي يحملها عن هذا الموضوع. لذلك يبدو مستعدّا لبذل جُـهده في كل ما يُـمكن أن يُـسهم في تحقيق هذا الهدف، سواء تمثل ذلك في تقديم مساعدة مباشرة للفلسطينيين، أو ممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية حتى تُـسهّـل إجراء هذه الانتخابات.
ويبقى التساؤل قائما حول ما إذا كان جورج بوش يربِـط بين هذه الإصلاحات وبين القضايا التي تُـوجد في قلب الصراع. هذا هو السؤال.
فإذا كان يعتبر أن دمقرطة السلطة الفلسطينية تمثل شرطا مُـسبقا لفتح مفاوضات السلام، فإننا نجري باتجاه الفشل. أما إذا كانت إدارة بوش تفهم في المقابل أن التطورات السياسية يجب أن تتقدّم في نفس الوقت مع إصلاحات السلطة الفلسطينية، فهناك فرصة لإحلال السلام.
سويس انفو: ما هو الدور الذي يُـمكن أن تلعبه اليوم مبادرة جنيف؟
روبير مالاي: في المقام الأول، سمح هذا الاتفاق بعد بإنجاز شيء مهمّ، حيث أظهر أنه بالإمكان التوصّـل إلى اتفاق سلام بين المعتدلين من الطرفين. لكن، كيف يُـمكن ترجمة اتفاق من هذا القبيل على الميدان السياسي؟ هذا السؤال يظل مفتوحا، فالقضية صعبة لأن لا أحد من الموقّـعين يُـوجد حاليا في ا لسلطة.
فعلى سبيل المثال، يُـمكن أن تتحوّل هذه الوثيقة أو صيغة قريبة منها إلى برنامج (أو أرضية) سياسي(ة) لحزب العمل أو للرئيس الفلسطيني القادم. هناك شيء مُـؤكّـد، كل تسوية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ستكون قريبة من مبادرة جنيف، وإلا، فلن يكون هناك اتفاق.
سويس انفو: هل يجب على الدبلوماسية السويسرية أن تقوم بالمزيد من أجل الترويج لهذه المبادرة؟
روبير مالاي: المهم هو وضع استراتيجية تتجاوز ما يُـمكن أن يقوم به بلد واحد. يجب أن تكون المقترحات المتضمّـنة في هذا الاتفاق، مدعومة على المستويين، الأوروبي والعربي، وآمل أن تكون كذلك على المستوى الأمريكي.
إضافة إلى ذلك، لا يوجد هناك شكّ في أنه يجب أن تُـشدّد سويسرا وأوروبا، وبأسرع وقت ممكن، على الحلول المقترحة في مبادرة جنيف التي تُـمثل حلاّ يُـراعي المصالح الحيوية للطرفين. فمثل هذا الأفق ستكون له العديد من الانعكاسات الإيجابية، حيث سيسمح مثلا بتعزيز مُـعسكر السلام لدى الفلسطينيين ولدى الإسرائيليين على حدّ السواء.
سويس انفو (أجرى الحديث في جنيف: فريديريك بورنان)
“المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات” هي منظمة مستقلة متعددة الجنسيات متخصصة في البحث عن حلول للأزمات يوجد مقرها الرئيسي في بروكسل ولها فروع في نيويورك ولندن وواشنطن وموسكو.
يشرف روبير مالاي حاليا على برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مكتب المجموعة في واشنطن.
يضم المجلس التنفيذي للمجموعة شخصيات دولية من بينها الوزيرة السويسرية السابقة روت درايفوس ورجل الأعمال جورج سوروس والأمين العام السابق للحلف الأطلسي ويزلي كلارك ورجل السياسة البولونيبرونيسلاف جيريمك والصحافية الفرنسية كريستين أوكرانت.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.