مجلس الأعمال السويسري في دبي
اهتمت قطاعات سويسرية مختلفة بالحيوية الاقتصادية التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة، وحرصت على التواجد على تلك الساحة بما لها من خبرات متعددة في مجالات متنوعة.
وكان لابد لهذا الحضور أن يتجمع تحت سقف واحد ليتم التواصل المشترك، ودعما للشركات الأخرى الراغبة في اللحاق بها.
تأسس مجلس الأعمال السويسري في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1996، وتم تسجيله رسميا عام 2000، وعضويته مفتوحة للشركات السويسرية العاملة في الإمارات العربية المتحدة أو المؤسسات والاتحادات الصناعية السويسرية المهتمة بالنشاط في تلك المنطقة، إلى جانب أعضاء شرف ممن لديهم خبرات واسعة في العلاقات بين البلدين، ويبلغ عدد أعضائه حاليا مائة وثلاثين (130).
ويعكس حضور الشركات السويسرية في دولة الإمارات تعدد المجالات التي برزت فيها الكونفدرالية بعيدا عن التخصصات التقليدية المعروفة مثل الحلوى أو الساعات.
فالحضور الاقتصادي السويسري يتوزع بين شركات لبيع الأدوية والكيماويات الوسيطة أو المواد الغذائية وأخرى لوكالات الساعات والمجوهرات ومستحضرات التجميل، إلا أن التواجد السويسري يتضح بصورة أكبر في الشركات التقنية في مجالات الطاقة والتصميم المعماري الهندسي ومواد وخدمات البناء والزراعة، ومن المنتظر أن تبدأ الشركات المتخصصة في معالجة النفايات إلى الدخول إلى إمارة دبي بتقنيتها السويسرية التي أثبتت نجاعتها في هذا المجال.
اختلاف الإحساس بـ”الوقت”
وتقول السيدة اندريا فوست مديرة مجلس الأعمال السويسري في دبي، بأن عمل المجلس يشمل التنسيق بين الشركات السويسرية العاملة في الإمارة ورعاية اهتماماتها المختلفة، كما يقوم ببناء حلقة الوصل بين المؤسسات الراغبة في دخول الحياة الاقتصادية في الإمارات عامة وفي دبي بالتحديد، ويسعى أيضا إلى تبادل الخبرات مع المجالس الأوروبية المماثلة العاملة في البلاد.
وترى السيدة فوست، بأن الشركات السويسرية لا تلاقي أية صعوبات تُـذكـر في التعامل المحلي سوى في اختلاف الإحساس بـ”الوقت” لدى الطرفين. فعلى سبيل المثال لا يمكن للمجلس أن يعد برنامجا سنويا ولا حتى لمدة نصف العام كما هو مألوف في سويسرا، بل إنها، كمديرة للمكتب، تكتفي بعمل برنامج شهري على أمل أن تنجز فعالياته كما رسمتها.
وبحكم عمل المجلس فهو يتصل بكلا الطرفين الإماراتي والسويسري، وتؤكد مديرة مكتب الأعمال السويسري بأن الخليط الكبير من الجنسيات المتواجدة في دبي لا يشكل صعوبة في التواصل بقدر ما هو تنوع، إلا أنها تعترف بأن أسلوب التعامل مع الهنود ليس مماثلا لما هو متبع مع الباكستانيين أو الآسيويين والعرب على اختلاف البلدان التي يقدمون منها، وفي النهاية “يعرف الجميع كيف يتعاملون مع بعضهم البعض”، حسب قولها.
اقتصاد وتجارة .. وأنشطة ثقافية
المجتمع الإماراتي ليس غريبا على السيدة فوست، فهي كانت من بين العاملات في المكتب الإقليمي لشركة الطيران السويسرية السابقة “سويس اير”، كما كانت تحرص على قضاء جزء كبير من عطلاتها في تلك المنطقة، وتقول بأن الصورة النمطية في الغرب عن المرأة الإماراتية ليست مطابقة للواقع، حيث اكتشفت بأن للنساء المحليات جمعياتهن، يمارسن من خلالها أنشطتهن الخاصة والتي يقمن بها بما يتماشى مع العادات والتقاليد. ومع أنها السيدة فوست لم تجد صعوبة تذكر في التقرب منهن، إلا أنها وجدت تحفظا شديدا على صعيد العلاقات العائلية، عزته إلى “اختلاف الثقافات والاهتمامات”.
وإلى جانب رعاية الأنشطة الاقتصادية والتجارية، ينظم مجلس الأعمال السويسري في دبي أيضا فعاليات مختلفة لتعريف المواطنين بالكنفدرالية، حيث يقيم على سبيل المثال أمسيات يقدم من خلالها صورا متنوعة عن أوجه الحياة في سويسرا، ففي فصل الشتاء يتعرف المشاركون في تلك الفعاليات على الأكلات السويسرية الشعبية مثل “راكلِت” وعلى الموسيقى التقليدية الفلكلورية. كما ينظم المجلس مهرجانا مماثلا في فصل الربيع.
ولم يسع المجلس إلى إنشاء مدرسة سويسرية لأبناء الجيل الثاني على غرار الجاليات الأخرى المقيمة في دولة الإمارات، فالقادمون من شرقي ووسط سويسرا (المتحدث بالألمانية) يذهبون إلى المدرسة الألمانية، أما الوافدون من غربها الروماندي (المتحدث بالفرنسية) فيقصدون المدرسة الفرنسية. في المقابل، يفضل بعض السويسريين أن يذهب أبناؤهم إلى المدارس الأمريكية أو البريطانية، لا سيما تلك التي تمنح شهادات معترفا بها عالميا.
كما يقوم المجلس بأنشطة ذات بعد اجتماعي داخلي، مثل حملة جمع التبرعات للأطفال العراقيين في عام 2003 لحساب بعض الجمعيات الخيرية التي تعمل هناك، حيث نسق توصيل تلك الإعانات مع مؤسسة الهلال الأحمر الإماراتي، ليعكس بذلك تقليدا سويسريا في العمل الإنساني تحرص الكنفدرالية دائما على ابرازه.
“الجودة السويسرية”: شعار ناجح
ويمكن القول أن الحضور الاقتصادي السويسري في دولة الإمارات العربية المتحدة لا يهدف إلى مجرد تحقيق الربح فقط، بل يحرص على أن يترك أيضا آثاره الواضحة للعيان.
فالحدائق الغناء والمساحات الخضراء المنتشرة هناك، وبعض الواجهات الجميلة للبنايات العالية الضخمة، ومحولات نقل الطاقة في المناطق الهامة والحيوية ومعامل الصناعات البتروكيماوية، والأساليب الجديدة المستعملة في تقنيات البناء المتطورة، ناهيك عن منتجات الأدوية ومركباتها الوسيطة وأشهر ماركات الساعات وبعض مستحضرات التجميل، تحمل كلها بدون استثناء توقيع “الجودة السويسرية”.
لذلك، من المتوقع أن تتزايد اهتمامات مجلس الأعمال السويسري بالسوق الإماراتية عامة، بعدما تحول في ظرف ثمانية أعوام فحسب إلى الخيمة التي يتجمع تحتها الحضور الإقتصادي السويسري هناك، وإلى أول عنوان يقصده الباحثون عن بدايات الطريق لدخول تلك السوق، وهو ما سيجعل من تنفيذ مشروع “البرج السويسري” في دبي، الذي سيكون مقرا لجميع الشركات السويسرية العاملة في الإمارة، تجسيدا لنجاح مجلس الأعمال السويسري في مهمته.
تامر أبوالعينين – دبي – سويس انفو
تأسس مجلس الأعمال السويسري في الإمارات عام 1996، وتم الإعتراف به رسميا في عام 2000.
أعضاء المجلس من الشركات السويسرية العاملة في الإمارات، ومن الشخصيات المحلية البارزة المهتمة بتحسين العلاقات بين البلدين.
يبلغ عدد أعضاء المجلس 130 بين هيئات وشركات ومؤسسات وأشخاص،
يساعد المجلس الشركات السويسرية الراغبة في دخول السوق الإماراتية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.