مجلس حقوق الإنسان: المؤسسات أقيمت لكن المصداقية تحتاج إلى إثبات
في جنيف، حثت الكندية لويز أربور، المفوضة السامية لحقوق الإنسان والروماني دورو كوستيا، رئيس مجلس حقوق الإنسان المنتهية فترة رئاسته، جميع الأطراف على ضرورة إمهال مجلس حقوق الإنسان قبل إصدار أحكام بخصوص نجاعته.
المجلس، الذي أنهى بناء مؤسساته تقريبا بعد عامين من تأسيسه، دخل مؤخرا مرحلة معالجة تطبيق المعايير الكونية لحقوق الإنسان من خلال آلية الاستعراض الدوري الشامل. وفي هذا الصدد، يُجمع المسؤولان الأمميان على أن المصداقية تأتي عبر مراقبة حسن التطبيق للتوصيات.
في آخر لقاء لها مع الصحافة بعد قضاء أربعة اعوام على رأس المفوضية السامية لحقوق الإنسان، قدمت القانونية الكندية لويز آربور تقييمها لوضع حقوق الإنسان في العالم وللآليات الساهرة على تطبيقها معتبرة استبدال لجنة حقوق الإنسان بمجلس لحقوق الإنسان “أكبر إصلاح” عرفته منظومة الأمم المتحدة.
كما ذهبت إلى أن إنشاء آلية الاستعراض الدوري الشامل، التي تستعرض دوريا مجمل أوضاع حقوق الإنسان في جميع الدول في الأمم المتحدة تمثل “صيغة تسمح بمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الميدان بشكل متساو”.
وقد دعمها في هذه النظرة، الروماني دورو كوستيا، رئيس مجلس حقوق الإنسان (الذي انتهت فترة رئاسته يوم 18 يونيو 2008 بعد أن قضى سنة كاملة في المنصب)، الذي طالب الجميع بـ “إمهال المجلس حتى العام 2011 لتقييم مدى نجاعته”.
إضعاف للمعسكر الغربي
من جهة أخرى، اعتبرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان أن إعلان الولايات المتحدة مؤخرا اعتزامها التخفيض من التزامها داخل المجلس على الرغم من أنها لا تتمتع فيه إلا بدور مراقب بعد أن اختارت عدم ترشيح نفسها للعضوية الكاملة فيه، يمثل “إضعافا للمعسكر الغربي”، وطالبت واشنطن بإعادة النظر في هذا القرار.
وقالت السيدة لويز أربور “لقد تأسفت دوما لكون الولايات المتحدة لم ترغب في ترشيح نفسها للعضوية. وإعلانها اليوم عن التخفيض من نشاطها كعضو مراقب داخل المجلس أمر يؤسف له”.
واعتبرت المفوضة السامية أن هذا الموقف الأمريكي سيضعف موقف المعسكر الغربي كما أنه “سيترك الاتحاد الأوروبي في الواجهة وهو أمر نأسف له”.
أما رئيس مجلس حقوق الإنسان السيد دورو كوستيا فاعتبر أن القرار “قرار سيادي أمريكي وما عليه كرئيس لمجلس حقوق الإنسان إلا أن يسجل ذلك”.
رد ود على انتقادات
وفي سياق إجابتها على تساؤلات الصحفيين، رحبت المفوضة السامية بالإعلان عن توصل كل من حركة حماس وإسرائيل الى الإتفاق على هدنة، شاكرة الوساطة المصرية. وقالت السيدة أربور: “إنها على الأقل خطوة واعدة لوضع حد لدوامة العنف والانتقام التي تعتبر عائقا كبيرا أمام إحراز أي تقدم في شتى المجالات بما في ذلك تعزيز احترام حقوق الإنسان بهدف التوصل الى حل نهائي وقيام الدولتين”.
وعن الانتقادات الموجهة لها ولمكتبها بخصوص “التسوية بين الضحية والجلاد” في معالجة القضايا والإنتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ردت المفوضة السامية بالقول: “إنني وكذلك مكتب المفوضية وخلال زيارتي للمنطقة تحدثنا بطريقة لا لبس فيها عن انتهاك معايير القانون الإنساني الدولي من قبل العديد من الأطراف وكذلك انتهاك إسرائيل لمعايير القانون الإنساني الدولي بوصفها قوة احتلال”.
وأمام إلحاح بعض الإعلاميين الذين طالبوا بتوضيح موقف المفوضة السامية من قضايا محددة مثل بناء الجدار وإقامة المستوطنات الإسرائيلية، ردت السيدة آربور بالإشارة إلى أن “هناك محفلا دولاي اتخذ قرارا بهذا الشأن وهي محكمة العدل الدولية وعلينا جميعا تبني هذا الموقف”. أما فيما يتعلق بالمستوطنات وبتوسيعها، فاعتبرت المفوضة السامية أن ذلك “مخالف للمعاهدات ولا مشكلة عندنا لاعتبار ذلك انتهاكا”.
الكفاءة قبل الجغرافيا
المفوضة السامية لحقوق الإنسان – التي ستغادر منصبها في موفى شهر يونيو الجاري – رددت أكثر من مرة بأنها لم ترغب في ترشيح نفسها لفترة ثانية “لأسباب شخصية”، ولدى سؤالها عمن سيخلفها في هذا المنصب امتنعت عن التعبير عن تطلعاتها مكتفية بالإشارة إلى أن ذلك “من صلاحيات الأمين العام” للأمم المتحدة.
وفيما يتعلق بالانتماءات الجغرافية لمن سيتقلد المنصب بعد توليه من قبل ممثلين من أمريكا اللاتينية وكندا وايرلندا، عبرت المفوضة السامية عن “الأمل في أن لا تستغرق المرحلة الانتقالية وقتا طويلا، لأن ذلك يعرقل الجهود المبذولة”. وعن الأصوات المطالبة بأن يكون هذه المرة من مناطق أخرى مثل إفريقيا أو آسيا، تجرأت المفوضة السامية على القول بأنه “قد يكون من اللائق أن يكون الشخص الذي يقع عليه الاختيار مُوفيا بالتطلعات، وشخصية يجد فيها الناس حتى خارج الدول الغربية ما يلبي تطلعاتهم في مجال حقوق الإنسان”.
يبقى في الأخير أن أكبر الانجازات الملموسة التي تحققت في عهد المفوضة السامية لويز آربور تتمثل في تعزيز مكانة مكتب المفوضية الذي ارتفع عدد موظفيه من 583 إلى 948، يتواجد 485 منهم اليوم في الميدان، وفي ارتفاع ميزانيته من 172 مليون دولار في عام 2004 إلى 312 مليون دولار في الوقت الحاضر.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
تأسس مجلس حقوق الإنسان رسميا، يوم 19 يونيو 2006، ليُـعوِّض لجنة حقوق الإنسان، التي تعرّضت لانتقادات شديدة بعد تحولها في نهاية حقبة الحرب الباردة إلى ساحة مواجهات عقيمة بين الكتل السياسية والجغرافية.
يتألف المجلس من 47 دولة، تُـنتخب مباشرة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة وتتراوح مدة عضويتها ما بين عام وثلاثة أعوام.
عقد المجلس في أقل من عامين 6 دورات استثنائية، خُـصِّـصت للنظر في قضايا عاجلة تعلقت بالحرب الإسرائيلية على لبنان والأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وميانمار ودارفور.
رغم الإصلاحات الجديدة، ظلت المواجهة قائمة داخل المجلس بين بلدان الشمال والجنوب، ولم يتمكن الهيكل الجديد من تجاوز الخلافات المزمنة ومنطق الكتل المتصارعة.
يعد أكبر انجاز في مجلس حقوق الإنسان اعتماده آلية الإستعراض الدوري الشامل التي نظمت ابتداء من أبريل 2008 دورتين استعرضت خلالهما أوضاع حقوق الإنسان في 32 دولة من بينها 4 دول عربية، وهي الجزائر والبحرين والمغرب وتونس.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.