مجموعة البحث حول الإسلام في سويسرا
في إطار سلسلتنا الخاصة بالتعريف بمراكز ومجموعات الأبحاث حول العالمين العربي والإسلامي في سويسرا، نسلط الضوء على مجموعة تأسست إثر لقاء وليد الصدفة عام 2002.
“مجموعة البحث حول الإسلام في سويسرا” تسعى جاهدة لتوفير قاعدة بيانات وتكوين مستمر حول الإسلام والمسلمين في سويسرا.
في مايو 2002، شارك خمسةُ باحثين، ثلاثة من جامعة فريبورغ واثنان من جامعة جنيف، في فعاليات مـُنتدى نظّمته الأكاديميةُ السويسرية للعلوم الإنسانية والإجتماعية حول المُسلمات والمُسلمين في سويسرا.
وإثر اختتام الندوة، خرج الباحثُون الخمسة بانطباع مُوحَّد: لقد حضروا مُنتدى مُفيدا، لكنه لم يأت بمُعطيات جديدة عن حالة وواقع المسلمين في الكنفدرالية. التعليقاتُ التي وردت في المنتدى هي نفسها، لم تتغير منذ أمد طويل.. بقيت العديدُ من الأسئلة دون أجوبة.. ولا يمكن أن تستمر الأمور على هذا النحو.
هذا الاستنتاجُ دفع الباحثين الخمسة إلى الالتقاء مُجدّدا في مايو من نفس السنة بشكل غير رسمي لمعرفة ما إذا كان كلُّ واحد منهم على استعداد لتخصيص ما يكفي من الوقت والجهد لإنشاء مجموعة بحث تـتعمَّقُ في حضور المسلمين في الأراضي السويسرية، وتُوفرُ المعلومات الضرورية عن وضعيتهم وخصوصياتهم. وبعد مرور خمسة أشهر رأت “مجموعة البحث حول الإسلام في سويسرا” النور بين جامعتي فريبورغ وجنيف.
حلقة الوصل
في قسم علم الديانات بجامعة فريبورغ، التقت “سويس انفو” بالسيدة الوحيدة العضوة في هذه المجموعة، الباحثة مالوري شنوولي التي تُحضّر حاليا دكتوراه حول “الإسلام في سويسرا ومسلمي سويسرا”.
وبعد سردها لمحطات إنشاء “مجمُوعة البحث حول الإسلام في سويسرا” منذ أن كانت مُجرد فكرة راودت عددا من الزملاء إلى أن أصبحت واقعا ملموسا، أوضحت الباحثة شنوفلي أن الهدف الرئيسي للمجموعة يظلُّ توفير المعلومات والتكوين حول الإسلام والمسلمين في سويسرا على المستوى الأكاديمي والإجتماعي والإعلامي، وعلى مستوى السلطات السياسية والاقتصادية والمنظمات غير الحكومية.
وترغب المجموعة بالفعل في أن تتحول إلى وسيط يقترح اتصالات مع مختلف هؤلاء الفاعلين. وللتوصل إلى تفاهم متبادل بين المهتمين بشؤون الإسلام والمسلمين في سويسرا وبين المعنيين بها، تقترح المجموعة جملة من الأدوات.
فبالإضافة إلى توفير المعلومات عن الإسلام في الكنفدرالية، تعمل المجموعة على نسج روابط مع المجتمع المدني من خلال توفير تكوين مستمر للمؤسسات العامة أو الخاصة التي لها اتصال أو اهتمام خاص بالجالية المسلمة.
محاولات لإزالة الخلط..
كما قررت المجموعة تنظيم ندوة كل سنتين بمشاركة متخصصين من دول مختلفة لتبادل المعلومات والخبرات وللقاء الأطراف المهتمة بتواجد الإسلام في سويسرا وفي أوروبا عموما. وقد تناولت الندوة الأولى التي عقدتها المجموعة في أكتوبر الماضي بجنيف التساؤلات المطروحة حول وجود ظاهرة العداء للإسلام في سويسرا.
وفي سياق متصل، أكدت الباحثة شنوولي أن “هنالك نقص وفهم غير جيد والكثير من الخلط الذي يسوء أكثر فأكثر عند الحديث عن الإسلام والمسلمين في سويسرا”. وشددت الباحثة على أن مجموعة البحث التي تنتمي إليها لا تدعي بأنها قادرة على الإجابة على كافة الأسئلة المتعلقة بالإسلام والمسلمين في سويسرا.
في المقابل، أكدت السيدة شنوولي أن مجموعتها تتيح لأي شخص أو مجموعة الإتصال بها للحصول على معلومات حول المسائل المتعلقة على سبيل المثال بالذبح الحلال وصيام رمضان والمعالم الظاهرة للإسلام في سويسرا مثل الحجاب والمساجد والمقابر. ويشار هنا إلى أن المجموعة تتوفر على إحصائيات دقيقة حول عدد المسلمين المقيمين في سويسرا بجنسياتهم المختلفة.
مساعدة الباحثين الشبان
وفضلا عن هذه المعلومات، تنظم المجموعة حلقات دراسية سريعة لا تتجاوز 90 دقيقة، وأخرى تتواصل يوما أو يومين للتعمق في نقطة معينة من الممارسات أو الخصوصيات الدينية للمسلمين في سويسرا.
كما تود “مجموعة البحث حول الإسلام في سويسرا” أن تصبح قاعدة بيانات للباحثين الشبان الذين يرغبون في الإطلاع على حقيقة الإسلام في سويسرا، بحيث يمكنهم الإتصال بالمجموعة لتدلهم على الجهات المختصة لينطلقوا في البحث دون أية صعوبات.
وكانت الباحثة مالوري شنوولي قد واجهت شخصيا -عندما بدأت أطروحة الدكتوراه حول الإسلام- صعوبات عدة نظرا للافتقار للتأطير الأكاديمي والمعلومات الكافية عندما يتعلق الأمر بالإسلام. لذا تعمل المجموعة أيضا على إعداد دليل لكافة المؤلفات الصادرة عن الإسلام في سويسرا وفي أوروبا عموما لتسهيل عمليات البحث.
وفي إطار شهادة التكوين المستمر في الديانات والثقافات والإتصال التي تقترحها جامعة جنيف، تتولى “مجموعة البحث حول الإسلام في سويسرا” هذا العام تحضير وحدة تدريسية تستغرق يوما حول الإسلام.
وفي إطار نشاطاتها، تتعاون المجموعة مع مرصد الديانات في سويسرا وجامعة لوزان. كما يعمل الباحثون الخمسة الذين يشكلون المجموعة على إقامة علاقات فردية مع مؤسسات أخرى، لكن باسم المجموعة. فالباحثة شنوولي تتعاون على سبيل المثال مع شبكة “نوكرايمز” للأبحاث المقارنة حول الإسلام والمسلمين في أوروبا. ويتم في إطار الإتصال بمختلف هذه الأطراف التعاون مع شبان عرب ومسلمين وشبان اعتنقوا الإسلام.
ثمرات الجهود التطوعية
والمثير في قصة نشأة “مجموعة البحث حول الإسلام في سويسرا” هو تمكنها في ظرف 18 شهرا -عملت فيها بشكل تطوعي وبدون أي مساعدة مالية- من إثبات وجودها وتصميم موقع يتوفر على معلومات لا بأس بها على الإنترنت واعتراف السلطات بكفاءاتها. فقد كُلفت المجموعة منذ بداية شهر يناير 2004 من قبل اللجنة الفدرالية للأجانب بإنجاز مشروع حول هوية المسلمين في سويسرا. ويفترض أن تسلم المجموعة نتائج هذا البحث في ديسمبر القادم.
وتقول الباحثة شنوولي في هذا الصدد: “نحن سعداء بهذا الاعتراف البسيط…من قبل لم يمولوا أبحاثا ذات صبغة دينية، لكن منذ إحصائيات عام 2000 التي كشفت عن وجود ما لا يقل عن 310 ألف مسلم في سويسرا، أصبحت تُسأل السلطات مرارا عن هوية هؤلاء”.
مسألة تمثيل مسلمي سويسرا
وأثارت الباحثة في سياق هذا الحديث مسألة تمثيل الجاليات المسلمة في سويسرا، حيث أوضحت أن نفس الأسماء ترد في غالب الأحيان عند الحديث عن ممثلي المسلمين في الكنفدرالية مثل الإخوة طارق وهاني رمضان والسيد عبد الحفيظ الورديري والسيد محمد كرموص أو زوجته نادية كرموص.
ورغم اتصالها في إطار أبحاثها بعدد من جمعيات المسلمين في سويسرا مثل جمعية المسلمين في فريبورغ أو الجمعية الثقافية للنساء المسلمات في سويسرا التي ترأسها السيدة نادية كرموص، أصرت الباحثة شنوولي على التذكير بأن معظم مسلمي سويسرا ليسوا عربا بل ينحدرون من ألبانيا وتركيا والبوسنة. وبالتالي وجب الأخذ بعين الاعتبار التعدد الثقافي لمسلمي سويسرا والأشكال المختلفة التي يمكن أن تكتسيها ممارسة الإسلام من مجموعة إلى أخرى بسبب اختلاف تقاليدها وانتماءها الجغرافي.
وذكَّرت الباحثة شنوولي في هذا الصدد أن تقاليد تطبيق الإسلام الإفريقي تختلف عن الإسلام الآسيوي مثلا، مشيرة إلى أن عاملي الثقافة والجغرافيا يؤثران دائما على ممارسة الإسلام. هذا فضلا عن وجود الإسلام السني والشيعي. لذا، تستنتج الباحثة، يظل من الصعب التحدث عن المسلمين كمجموعة واحدة متجانسة.
واعتبرت السيدة شنوولي هذه المسألة من أبرز المشاكل التي تواجه الجاليات المسلمة في سويسرا لدى محاولات اندماجهم في المجتمع، حيث تقول: “أعتقد أن المسلمين في سويسرا يواجهون حقيقة مزدوجة جديدة، فمن جهة يكونون أقلية، ومن جهة ثانية يعيشون في وسط متعدد الديانات، ليس فقط من خلال اتصالهم بالديانة المسيحية واليهودية، لكن في أوساط المسلمين أنفسهم”.
سويس انفو – إصلاح بخات
تأسست مجموعة البحث حول الإسلام في سويسرا في أكتوبر عام 2002
تتكون من خمسة مختصين، ثلاثة باحثين من جامعة فريبروغ واثنان من جامعة جنيف
تتعاون مع مرصد الديانات في سويسرا وجامعة لوزان وشبكة “نوكرايمز” للأبحاث المقارنة حول الإسلام والمسلمين في أوروبا
من أبرز أهدافها توفير المعلومات والتكوين المستمر حول قضايا متعلقة بحضور الإسلام والمسلمين في سويسرا
منذ نشأتها، مولت المجموعة نفسها بنفسها وعملت بشكل تطوعي
حصلت مؤخرا على انتداب من اللجنة الفدرالية للأجانب لإنجاز مشروع حول جوانب هوية المسلمين في سويسرا
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.