مجموعة من السيوف المُدمَشقة النادرة في برن
يملك متحف التاريخ في العاصمة الفدرالية السويسرية برن، مجموعة فريدة من السيوف المُدمشقة أي السيوف الدِمشقية التي بقيت طريقة صناعتها سرا على الغرب حتى فترة قصيرة جدا.
تتواجد أهم المجموعات للسيوف المعروفة بالسيوف الدمشقية التي تتميز بشفراتها الفولاذية المموّجة والتي حيّرت طريقة صناعتها العُلماء والباحثين في الغرب حتى وقت وجيز، في كل من متحف “توبكابي” التركي والمتحف البريطاني.
وفيما يتعلق بالمجموعة الموجودة في خزائن متحف التاريخ في برن، فإنها من المجموعات الصغيرة وتعود للنصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد حصل عليها المتحف من الرحالة والدبلوماسي السويسري هنري موزير المتوفى في عام ألف وتسعمائة وثلاثة وعشرين.
كان المقاتلون العرب والمسلمون يعتزون كل الاعتزاز بتلك السيوف القاطعة التي اشتهرت باللين والشدة في الوقت نفسه، أي كانت حادة قاطعة ولكن شديدة المقاومة لا تنكسر بسهولة في المبارزات وحر المعمعة.
وقد حاول أمهر الحدادين وصنعة السنان والسيوف في مختلف البلدان الغربية منذ مطلع القرن الخامس للميلاد، إنتاج مثل تلك الشفرات القاطعة والمطاوعة، ولكن دون جدوى لجهل الطريقة التي كان يلجأ إليها مهرة الصنعة في بلاد الشام لتحضير الفولاذ الذي اشتهرت به السيوف الدمشقية.
السر هو في تعديل المعادلة الذرية للفولاذ !
ولم تتوقف تلك المحاولات رغم اختراع المدافع والمقاتلات والصواريخ وغيرها من أدوات الفتك، لأن العديد من المؤرخين والباحثين على قناعة بأن تلك السيوف كانت أحد الأسرار الأساسية وراء غلبة الجيوش العربية والإسلامية في وقائع عديدة
لا تحصى.
وأخيرا، أعلن جون فيرهيفين، وهو أحد الأساتذة المتخصصين بالأبحاث على الموادّ والمركبات بجامعة “آميس” بولاية آيوا الأمريكية أنه نجح عِلميا على الأقل، في تفكيك أسرار صناعة تلك السيوف التي جسّدت إعتزاز المقاتل وإعجاب الشاعر، على حد سواء.
ويقول فيرهيفين: إن مهرة الحرفيّين في بلاد الشام كانوا يصنعون تلك الشفرات من طبقات مختلفة من الفولاذ ويعملون على صقلها طبقة طبقة حتى تأخذ شفرة السيف الهيئة المطلوبة.
وكانوا لهذه الغاية، يسخنون مختلف الطبقات الفولاذية ويبرّدونها تدريجيا حوالي خمسين مرة أحيانا، لطرقها مجددا حتى تأخذ ذلك الشكل الممشوق الرهيف.
لكن الأهم من ذلك كما يقول فيرهيفين، هو أن الحرفيين كانوا يضيفون للحديد نسبة معيّنة تقع بحدود الواحدة ونصف في المائة من معادن أخرى كالفاناديوم والموليبدين أو المَنغان في تحضير الفولاذ المسقي للسيوف.
وكانت ذرات هذه المعادن الغريبة على الحديد، تلعب دورا حاسما في بَلورة جزيئات كربيد الحديد المجهرية الدقيقة التي تكسو شفرة السيف طبقة وراء الأخرى، وتبدو على الخلفية الفولاذية الداكنة بشكل الخطوط البيضاء التي تزدان بها السيوف الدمشقية القديمة.
ومن الطريف الإشارة إلى أنه قبل نهاية الألف الأولى للميلاد ظهرت سيوف مماثلة وذات جودة شبيهة للسيوف الدمشقية في بلاد المشرق والمشرق الأقصى كإندونيسيا واليابان وبعض أنحاء الهند مما عاد على بعض تلك السيوف التي لم تكن مموّجة كالسيوف الشامية، باسم الحسام المهند على وجه الاحتمال.
جورج انضوني
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.