إيران ودول أوروبية تتفق على مواصلة “الحوار” في ظل توترات متصاعدة
اتفقت إيران وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة على مواصلة “الحوار الدبلوماسي” بعد محادثات “صريحة” في جنيف أحيطت بالتكتم، في ظل توترات متصاعدة لا سيّما بسبب برنامج طهران النووي.
وعقد دبلوماسيون من الدول الأربعة مباحثات في جنيف الجمعة تطرقت الى البرنامج النووي والتعاون الإيراني مع روسيا خصوصا في المجال العسكري، إضافة الى الوضع في الشرق الأوسط، وذلك قبل أقل من شهرين على عودة الجمهوري دونالد ترامب الى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة.
ورغم عدم نشر تفاصيل بشأن محتوى المحادثات، إلا أنّ وزارة الخارجية الألمانية ودبلوماسيين يمثلون فرنسا وبريطانيا وإيران أشاروا في منشورات منفصلة على منصة إكس إلى أنّه تمّ الاتفاق على “مواصلة الحوار الدبلوماسي في المستقبل القريب”.
وأفاد نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي على منصة إكس، بأن المناقشات كانت “صريحة” لتقييم التطوّرات على مستوى العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية، خصوصا ما يتعلق بالقضايا النووية ورفع العقوبات الغربية المفروضة على طهران.
وقال “نحن ملتزمون بشدّة في الدفاع عن مصالح شعبنا ونفضّل طريق الحوار والمشاركة”، مضيفا “تمّ الاتفاق على مواصلة الحوار الدبلوماسي في المستقبل القريب”.
وكان اجتماع بصيغة مماثلة قد عُقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر.
وخلال زيارة إلى باريس، حدّد رئيس الاستخبارات الخارجية البريطانية ريتشارد مور الجمعة المخاطر التي تواجهها هذه المحادثات. وقال إنّ طموحات إيران النووية تشكّل “تهديدا أمنيا” كبيرا بالنسبة للعالم.
وفيما أشار رئيس جهاز “إم آي 6” (MI6) في تصريحات بحضور نظيره الفرنسي رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية نيكولا ليرنر، إلى أنّ “الميليشيات الحليفة لإيران في الشرق الأوسط عانت من انتكاسات خطيرة”، أضاف أنّ “الطموحات النووية للنظام (في طهران) تستمر في تهديدنا جميعا”.
وإضافة الى ما تواجهه قوى حليفة لطهران في المنطقة بعد الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة والدولة العبرية وحزب الله في لبنان، تبرز عودة ترامب إلى البيت الأبيض كتحدٍّ آخر بالنسبة لطهران، بعدما اعتمد الجمهوري سياسة “الضغوط القصوى” حيال الجمهورية الإسلامية خلال ولايته الأولى.
– “الاتجاه الخاطئ” –
وتسعى إيران الى اعتماد مقاربة تقوم على تدوير الزوايا مع الأوروبيين، مع إبداء الحزم في الوقت عينه.
وفي هذا السياق، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقابلة نشرتها صحيفة “ذي غارديان” الخميس من أن إيران قد تبدّل عقيدتها النووية القائمة حاليا على عدم السعي لتطوير سلاح ذري، في حال عاودت الدول الغربية فرض عقوبات من الأمم المتحدة عليها.
وتأخذ فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إلى جانب الولايات المتحدة على إيران عدم تعاونها في الملف النووي. كما تبنّى مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضم 35 بلدا قرارا في 21 تشرين الثاني/نوفمبر يدين طهران بسبب ذلك.
ووصفت طهران القرار بأنه “ذو دوافع سياسية”، وردت عليه بإعلان وضع أجهزة طرد مركزي “متطورة جديدة” مصممة لزيادة مخزونها من اليورانيوم المخصّب في الخدمة، من غير أن تحدد جدولا زمنيا لذلك.
وأكدت الوكالة المكلفة مراقبة البرنامج النووي الإيراني، نية طهران نصب ستة آلاف جهاز طرد مركزي جديد لتخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة، وفق تقرير طي السرية حصلت عليه وكالة فرانس برس الجمعة.
وجاء في التقرير أن “إيران أبلغت الوكالة” بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعي فوردو ونطنز بمعدل تخصيب يصل إلى 5 %، أي ما يزيد قليلا عن النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 التي تبلغ 3,67 %.
وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أنّ “من الواضح أنّ هذا يسير في الاتجاه الخاطئ، إيران تظهر أنّها تردّ على قرار مجلس محافظي (الوكالة الدولية)، لكن في ضوء الوضع نقول إنّ الأمر الحتمي بالنسبة لإيران في هذه اللحظة يجب أن يكون وقف التصعيد”.
في المقابل، تؤكد طهران سلمية برنامجها وطابعه المدني. وتستند كذلك الى فتوى من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، يحرّم فيها استخدام أسلحة الدمار الشامل.
وهدف الاتفاق الذي أبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى، لتخفيف العقوبات الغربية المفروضة على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي لمنعها من تطوير سلاح ذري.
وانسحبت واشنطن أحاديا من الاتفاق عام 2018 في عهد ترامب وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران. وردا على ذلك، خفضت طهران مستوى امتثالها له ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، وهو قريب من نسبة 90 في المئة التي يتطلبها تطوير قنبلة ذرية.
سبر-كف/دص-ناش/كام