“محاربة العنصرية لن تنتهي”
أعلن وزير الشؤون الداخلية السويسري انتهاء مشروع مكافحة العنصرية الذي تواصل على مدى 4 سنوات كاملة وبلغت تكاليفه 14.1 مليون فرنك.
بعض البرلمانيين أعربوا عن عدم الرضى عن النتائج التي حققها المشروع، وطالبوا بمزيد من الأموال للمرحلة المقبلة، لكن الحكومة لم ترصد أكثر من 1.1 مليون فرنك سنويا.
استضافت سويسرا السيد دودو ديين المفوض الأممي الخاص لملف مكافحة العنصرية، وألفارو جيل-روبليز مفوض حقوق الإنسان لدى المجلس الأوروبي، لاستعراض نتائج البرنامج الذي دعمته الكنفدرالية في الفترة ما بين عامي 2001 و 2005، لمكافحة العنصرية، وذلك في حضور حشد من البرلمانيين ومندوبين عن المنظمات الدولية والمحلية المناهضة للعنصرية.
وقد أكد وزير الشئون الداخلية باسكال كوشبان في كلمته التي افتتح بها المؤتمر، بأن مكافحة العنصرية مهمة ستتواصل، لأن قيم الدولة الليبرالية والديموقراطية لا تسمح بتواجدها فوق التراب السويسري، مؤكدا على أهمية دور جميع الأفراد في هذا المجال. كما أشار إلى واجب الدولة في توفير فرص متساوية للجميع.
كما أشاد ألفارو جيل-روبليز بالبرامج التي تم تنفيذها في العديد من المدن السويسرية، رغم اعتراضه المسبق على توجهات الكنفدرالية في التعامل مع ملف طالبي حق اللجوء.
وطالب مفوض حقوق الإنسان لدى المجلس الأوروبي في كلمته بمواصلة مثل تلك المشروعات لتوعية الرأي العام شيئا فشيئا، ولتوضيح العديد من الحقائق، وهو ما يمكن أن يحول “دون تهميش الأجانب أو تجاهل المشكلات التي يعانون منها في المجتمع”، مشيرا بالمناسبة إلى أحداث فرنسا الدامية.
بين مكافحة العنصرية وتشجيع الإندماج
ورغم أن اللجنة المشرفة على تنفيذ هذا البرنامج سهرت طيلة 4 سنوات على إنجاز أكثر من 500 مشروع في مجالات مختلفة وفي شتى المدن السويسرية من أجل إزالة الصور النمطية السلبية عن الأجانب، لاسيما الملونين أو من معتنقي الديانات الأخرى غير المسيحية، إلا أن تقييم النتيجة النهائية تراوحت بين الترحيب والمعارضة، مثلما كشف عن ذلك النقاش الذي شهدته قاعة مجلس النواب السويسري يوم الثلاثاء 15 نوفمبر.
البعض رأى بأن عددا من المشروعات الممولة في إطار البرنامج لم تتجه بكثافة إلى الركن الأساسي من المشكلة، أي إلى المؤسسات التربوية وأجهزة الإعلام، وانتقد آخرون قلة الحديث مع أصحاب الشركات والمؤسسات من أجل مواجهة العنصرية في سوق العمل.
من جهتها، طالبت النائبة البرلمانية سيسيل بولمان (من حزب الخضر عن كانتون لوتسرن)، بضرورة سن قوانين تحمي من العنصرية والقمع في مجالات مختلفة من الحياة العملية، مثل البحث عن عمل أو مسكن، لأنها “المجالات التي يتعرض العديد من الأجانب فيها إلى نوع من القمع، لا يجب السكوت عليه”، حسب قولها.
في الوقت نفسه، أكد توماس فاكيناتي، المسؤول عن ملف الاندماج في نوشاتيل بأن تجربة الكانتون تؤكد بأن الاندماج ومكافحة العنصرية تتطلب التزام الطرفين (الأجانب والسويسريين) بواجبات متساوية مع احترام متبادل، وقال: “لا يمكن أن نتهم تلميذا مسلما بأنه غير مندمج إذا رفض المشاركة في حفل مدرسي لم يحرص منظموه على تقديم طعام يستطيع تناوله، ولا يمكن أن نتهم تلميذة مسلمة بأنها منطوية لأنها لا تشارك في فعالية تتناقض مع مبادئ دينها”، وأكد على أن مثل تلك الاتهامات تتنافى مع قواعد حرية اعتناق الأديان وممارستها التي يضمنها الدستور الفدرالي السويسري.
أين الخلل؟
وكان واضحا من خلال المداخلات بأن ما قامت به اللجنة خلال 4 سنوات من معارض وندوات ومؤتمرات ومطبوعات ونشرات دورية وخدمات اجتماعية لحالات محدودة، وعروض مسرحية، كل ذلك ليس كافيا، بل يجب، حسب رأي العديد من الخبراء، تقديم المزيد مع التركيز على ملفات كاملة وفعاليات تتواصل لفترات طويلة، مع ضرورة توضيح السلبيات الناجمة عن الممارسات العنصرية، وتأثيرها على سويسرا ككل، وليس فقط على الأجانب.
ويقول أصحاب هذا الموقف بأنه عندما يكشف استطلاع للرأي أجراه كانتون بازل مؤخرا بين بعض تلاميذ المدارس الثانوية، بأن 50% منهم يؤيدون استخدام العنف ضد الاجانب، فإن هذا يعني بأن أكثر من 500 فعالية على مدى 4 سنوات لم تصل إلى المكان السليم، ولم يكن لها سوى تأثير محدود تلاشى مرة أخرى بمرور الوقت.
لقد ضرب دودو ديين المقرر الأممي الخاص لمكافحة العنصرية، على وتر بالغ الحساسية في كلمته التي ارتجلها أثناء المؤتمر ولاقت ترحيبا كبيرا من الحاضرين، عندما قال بأن “ارتفاع معدلات العنصرية والتيارات المؤيدة لها في أوروبا، دليل على أن 3 مؤتمرات دولية انعقدت خلال 5 سنوات لم يحالفها الصواب في برامجها، وانها على الأرجح لم تكن في الاتجاه الصحيح”، مشيرا إلى “أهمية ضم وسائل الإعلام والمؤسسات الإقتصادية إلى حملة مناهضة العنصرية”، فهما – حسب رأيه – “البوابتان المؤثرتان بشكل عملي في تشكيل الرأي العام”.
لذلك، كان من المؤمل أن تترافق السعادة التي عبر عنها وزير الشؤون الداخلية باسكال كوشبان بنجاح المرحلة السابقة، بالتوجه إلى الترفيع في الميزانية التي ستخصصها الحكومة الفدرالية لمكافحة العنصرية في السنوات المقبلة.
فإذا لم تساعد قرابة 3.5 مليون فرنك سنويا على تغيير العقليات والإقناع بخطورة استخدام العنف ضد الأجانب والإقلاع عن الممارسات العنصرية عموما، فهل سينجح مليون يتيم في توعية الرأي العام السويسري بخطورة الظاهرة وتحويل مسودات مشاريع الإندماج الطموحة المكدسة في مكاتب الإدارات السويسرية المختلفة إلى واقع ملموس؟ لا يبدو أن هناك مجالا لأي تفاؤل بهذا الخصوص.
تامر أبو العينين – برن – سويس انفو
تباينت ردود الفعل حول أداء برنامج سويسرا لمكافحة العنصرية، الذي كان محددا بفترة زمينة لا تتجاوز 4 سنوات. الدوائر الرسمية رحبت بالنتائج، لكن برلمانيين وخبراء في مجالات الإندماج والعمل الإجتماعي يرون بأن هناك الكثير الذي يجب العمل على تحقيقه، وانتقدوا تقليص الحكومة الفدرالية للميزانية المخصصة لمكافحة العنصرية إلى الثلث تقريبا.
بلغت ميزانية برنامج مكافحة العنصرية التابع للحكومة الفدرالية 14.2 مليون فرنك في الفترة ما بين عامي 2001 و2005.
قامت اللجنة بتقديم 526 مشروع مختلف بين ندوات ومحاضرات ومعارض ومطبوعات وعروض مسريحة وفنية.
ستواصل سويسرا دعم مشرايع مكافحة العنصرية، ولكن بميزانية لا تتجاوز 1.1 مليون فرنك سنويا.
يشكل الأجانب في سويسرا حوالي 20% من تعداد السكان البالغ عددهم 7 ملايين نسمة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.