محاكمة “خلية القاعدة” في سويسرا
تبدأ صباح الاثنين 22 يناير أول محاكمة في سويسرا لأشخاص تشتبه الشرطة الفدرالية في دعمهم لتنظيم القاعدة بشكل غير مباشر، حيث سيمثل أمام القضاء 7 متهمين من اليمن والصومال والعراق.
وسيحاول الدفاع عن المتهمين تفنيد التهم الموجهة إلى المشتبه فيهم، والرد على مسوغات جهاز الإدعاء العام.
المتهمون السبعة يمثلون أمام القضاء بحالة سراح وهم 5 يمنيون واثنان آخران أحدهما عراقي والآخر صومالي، من أصل 10 أشخاص تم إلقاء القبض عليهم يوم 8 يناير 2004 إثر حملة اعتقالات قامت بها الشرطة الفدرالية شملت 4 كانتونات في آن واحد؛ هي جنيف وبرن وشافهاوزن وفو، وبعضهم يقيم في سويسرا منذ سنوات بعيدة وآخرون لا تتجاوز فترة إقامتهم في البلاد بضعة أعوام.
وتتضمن مذكرة الإدعاء الفدرالية التهم التالية: الالتحاق بمنظمة إرهابية إجرامية (القاعدة)، والاتصال بأحد أعضاء القاعدة والمشتبه في ضلوعه بتفجيرات الرياض في 12 مايو 2003، وتقديم الدعم اللوجستي لبعض أعضاء تنظيم القاعدة، ومساعدة آخرين على ارتكاب مخالفات قانونية للدخول إلى سويسرا عن طريق أوراق مزورة، وتنسيق الاتصال بين بعض أعضاء شبكة القاعدة.
كما تدعي النيابة أن اثنين من المتهمين قاما بمحاولة تقديم الرشاوى لبعض الموظفين السويسريين وفي دول عربية أخرى، للحصول على أوراق ثبوتية مزورة، والترويج لأموال مزيفة بعملات محلية وأجنبية، وتزعم أن أحدهما يقوم بتدريب وتأهيل ما يوصف بالعناصر الجهادية لممارسة الإرهاب، حسب وصف النيابة، لكنها لم تحدد إن كان هذا النشاط يتم في سويسرا أم خارجها.
من تفجيرات الرياض إلى سويسرا
ويربط الإدعاء العام بين هؤلاء الأشخاص وبين تنظيم القاعدة بعد أن عثرت الشرطة السعودية على 29 رقم هاتف سويسري في الجهاز النقال لأحد المتهمين في تفجيرات الرياض، إثر مصرعه في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة السعودية، وقد قامت الشرطة الفدرالية بالتعرف على هوية أصحاب بعض تلك الأرقام، ومنها توصلت إلى تحديد المشتبه فيهم في سويسرا.
ثم قامت الشرطة السويسرية برصد الاتصالات والمكالمات الهاتفية بين تلك الأرقام، لتحصل على المزيد من المعلومات حول ما يعتقد الأمن السويسري أنه شبكة متكاملة الأطراف، تتخذ من سويسرا مقرا لها لتقديم وتسهيل الدعم اللوجستي لتنظيم القاعدة، بما في ذلك تحويل أموال من المصارف السويسرية إلى بعض الدول العربية.
إلا أن هذه الإتصالات الهاتفية لم تكن تحدث بشكل مباشر مع أحد الذين ثبت اتهامهم بالضلوع في أعمال إرهابية. فعلى سبيل المثال تقول الشرطة الفدرالية السويسرية إن الإتصال كان بين بعض المتهمين وبين عبد الله المري، الذي كان متهما بالضلوع في تفجيرات البارجة الأمريكية USS Cole قبالة السواحل اليمنية في عام 2000، والتخطيط لتفجيرات الرياض في 2003 ، لكن التحريات قالت إن المري لم يثبت عليه الضلوع في أي من العمليات الإرهابية التي شهدتها شبه الجزيرة العربية، ولم توجه إليه أية جهة رسمية اتهامات واضحة.
من جهة أخرى، لم تشتمل الرسائل القصيرة التي تم رصدها من قبل المخابرات السويسرية سوى على جمل عادية للتهنئة كما يشكك الدفاع في صحة الترجمة التي اعتبرتها النيابة “شفرة متبادلة بين المتهمين لتنفيذ تفجيرات”.
اتهامات ومرافعات
وطبقا للائحة الإتهام فإن المتهمين تمكنوا في الفترة ما بين عامي 1998 و 2004 من تزويد عدد من اليمنيين بتاشيرات دخول إلى سويسرا من خلال رشوة القنصل السويسري الفخري في العاصمة اليمنية صنعاء، واستخدموا لذلك جوازات سفر مزورة وبأسماء وهمية، وذلك مقابل 4000 دولار للشخص الواحد، وتقول النيابة إن المتهمين حققوا بذلك ربحا غير مشروع وانتهكوا القانون السويسري.
وتمثل هذه القضية تحديا جديد لمصداقية المدعي العام الفدرالي، بعد أن تم في ربيع 2005 إغلاق ملف رجل الأعمال المصري الأصل يوسف ندا، لعدم ثبوت الأدلة ضده بدعمه للإرهاب رغم أطنان الوثائق التي حجزتها السلطات والتحقيقات المطولة التي شارك فيها مسؤولون سويسريون ومن دول أجنبية أخرى.
فإذا تمكن الدفاع من تفنيد الأدلة واقتنعت المحكمة بأنها غير كافية لإثبات التهم، فإن جهاز الإدعاء العام سيقع مجددا في دائرة الإنتقادات الحادة بعدم الجدية في العمل، إذ تحملت الخزينة الفدرالية حتى الآن ما يفوق على المليون فرنك بين أتعاب المحامين والمحققين والمترجمين والقضاة.
وكان من المفترض أن تتم هذه المحاكمة في مدينة بلينزونا بكانتون تيتشينو الجنوبي، حيث يوجد مقر المحكمة الجنائية الفدرالية، لكن القضاة رأوا تحويلها إلى مدينة لوغانو المجاورة نظرا لضيق المساحة، إذ من المتوقع أن يصاحب القضية حضور مكثف من الرأي العام ووسائل الإعلام.
ومن المتوقع أن تستغرق مرافعات الدفاع والنيابة حوالي 5 أيام، وسيرأس المحكمة برنار بيرتوسا، الذي شغل من قبل منصب النائب العام لكانتون جنيف.
سويس انفو – تامر أبوالعينين وغيرهارد لوب من بيلنزونا
هي القضية الثانية التي ينظر القضاء السويسري فيها وتتعلق بأحداث 11 سبتمبر 2001، بعد قضية يوسف ندا المعروفة باسم قضية مؤسسة التقوى المالية التي استغرق التحقيق فيها 3 سنوات ونصف وتم اغلاق هذا الملف في يونيو 2005، لعدم كفاية الأدلة.
تضم عريضة الإتهام تقديم الدعم اللوجستي لجماعة إرهابية محظورة، ومحاولة تقدم رشوة لموظفين سويسريين وأجانب، الضلوع في تزوير وثائق سفر وأوراق هوية، وافردت النيابة العامة أدلتها ضد المتهمية السبعة في 17 صفحة، انتهى إعدادها في 21 سبتمبر 2006.
تتراوح أعمار المتهمين بين 24 و59 سنة، 5 منهم يحملون الجنسية اليمنية وعراقي واحد وصومالي واحد.
تقول السلطات السويسرية إن المتهمين تقاضوا 4000 دولار من كل شخص رغب في دخول سويسرا بشكل غير مشروع.
بلغت تكاليف القضية حتى الآن 1.05 مليون فرنك سويسري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.