محاور جديدة للبحث العلمي في سويسرا
أطلق وزير الشؤون الداخلية باسكال كوشبان ستة محاور وطنية جديدة للبحث العلمي في الكنفدرالية، تشمل جوانب العلوم الفكرية والاجتماعية.
وتهدف المبادرة – التي ستكلف على مدى الأعوام الأربعة القادمة نحو 50 مليون فرنك سويسري – إلى تمثيل فروع علمية جديدة كانت غائبة من قبل عن النشاط البحثي السويسري.
محاور البحث الوطنية الجديدة تمثل أداة للحكومة الفدرالية لتعزيز البحث العلمي. وفي الوقت الذي أقرت فيه الحكومة عام 2001، 14 مشروعاً بحثياً، ركزت في مجملها على العلوم الطبيعية والطبية، تمحورت المشاريع الجديدة لهذا العام حول العلوم الفكرية والاجتماعية.
لذلك أكد الوزير كوشبان في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا في برن أن “الهدف هو تعزيز البحث العلمي السويسري والعلماء الشباب إلى أعلى مستوى ممكن”.
ومن المفترض أن يتم على مدى الأعوام الأربعة القادمة (أي إلى عام 2009) تخصيص نحو 50 مليون فرنك سويسري لهذا الغرض تحديداً، بحيث يحصل كل محور من المحاور المقترحة على موارد مالية تتراوح ما بين 6 إلى 10 ملايين فرنك سويسري.
وبهذا القرار بلغ إجمالي عدد المحاور البحثية الوطنية السويسرية 20 محورا، التي تدعم على حد قول كوشبان مشاريع ذات مستوى عال، مع إعطاء أولوية وأهمية كبرى للجهود المتعددة الاختصاصات.
أصوات معترضة
كانت الحكومة الفدرالية قد تعرضت لانتقادات واسعة عام 2001 بعد اختيارها لمحاورها الأربعة عشر. فقد اعتبر الكثيرون – باحثون وبرلمانيون – حينها أن تركيز الحكومة على العلوم الطبيعية والطبية أدى إلى تجاهل نظيراتها ذات الطابع الفكري والاجتماعي.
لكن تقييماً تم إجراؤه – كرد فعل على تلك الأصوات المنتقدة – أظهر أن معايير الاختيار التي تم اعتمادها لم تكن متحيزة تجاه فرع علمي ضد أخر.
رغم ذلك، تريد الحكومة الفدرالية الآن أن توازن قرارها، لذلك جاء اختيارها هذا العام لفروع بحثية اجتماعية وفكرية ممثلاً لتلك القناعة ومترجما لها.
تعاون مكثف
ومثلما كان الحال بالنسبة للمحاور الوطنية البحثية السابقة، فإن المطلوب من المشاريع الجديدة الإلتزام بتعاون وطني ودولي بحثي مكثف. وسوف تعمل المجموعات البحثية في أماكن متعددة، مع تسمية مؤسسة علمية كـ “مركز رائد”.
وقد تم توزيع محورين بحثيين على كل من جامعتي بازل وزيورخ، وأسند محور بحثي واحد لكل من جامعتي برن وجنيف.
وضمن هذا الإطار، صرح رئيس جامعة بازل أورليخ جابلر قائلاً: “إن المحاور الوطنية البحثية الجديدة تعني دعماً قوياً للعلوم الاجتماعية والفكرية، وهي تعطي إشارة هامة للغاية”.
صور وعواطف
في جامعة بازل يتساءل الباحثون عن قوة ومدى تأثير الصور، التي تزداد أهميتها في وسائل الإعلام والاتصال، والتي قليلاً ما يتم دراسة أبعادها. وعلى صعيد أخر، يسعى مشروع بحثي أخر، يمتد على فترة زمنية طويلة، إلى استكشاف جوانب الصحة النفسية للشعب السويسري.
وفي جامعة زيورخ، تتمحور المشاريع البحثية على ماضي الإعلام وأهميته بالنسبة للمجتمع، ومستقبل الديمقراطية، خاصة في ظل التحديات المعاصرة التي تواجهها.
وفي المقابل، سيتم في جامعة برن إنشاء مركز للقانون التجاري الدولي، فيما ستتركز أبحاث العلماء في جامعة جنيف على إيجاد تفسير للكيفية التي تؤثر بها العواطف على أساليبنا التفاوضية.
شراكة مع القطاع الخاص
في البداية، ستخصص الحكومة الفدرالية 10 ملايين فرنك سنوياً لفائدة المحاور الوطنية البحثية الجديدة. كما ستلجأ المؤسسات العلمية أيضاً إلى مصدر ثالث، وهو القطاع الخاص، لتأمين موارد إضافية لمشاريعها البحثية.
ولا يعترض رئيس جامعة بازل على هذا النموذج، ويقول: “نحن نرحب بنموذج الشراكة بين القطاع الخاص والعام”.
أموال كثيرة للبحث العلمي.. الطبيعي
ومن المعروف أن الحكومة السويسرية خصصت أموالاً كثيرة للمشاريع البحثية الراهنة، حيث أنفقت ما مقداره 225 مليون فرنك سويسري على مدى الأعوام الأربعة الماضية على هذا الجانب تحديداً.
ويعود السبب في ذلك إلى أن البحوث العلمية الطبيعية والطبية تتميز بعمل العديد من المجموعات البحثية فيها، إضافة إلى ارتفاع تكاليف المواد الأولية والأجهزة المستخدمة فيها.
رغم ذلك، يشدد كاتب الدولة للتعليم والبحث شارل كلايبر على أن “المبالغ المخصصة للعلوم الاجتماعية ولنظيراتها العلمية والطبية تظل غير متساوية”.
ولذا، تحصل الفروع الاجتماعية البحثية على نحو الثلث من المبالغ المخصصة للبحث العلمي، في الوقت الذي يعمل فيه 60% من إجمالي الباحثين في هذا القطاع.
حصيلة جيدة
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه سيتوجب في المرحلة القادمة تخفيض النفقات الخاصة بالمشاريع البحثية الجارية بنسبة 10%. لكن هذه الإجراءات التقشفية لا تمس كل القطاعات.
فالمؤسسات البحثية التي تشجع العلماء الشباب، والباحثات منهم على الأخص، وتعزز شبكة تبادل البحث العلمي، وتدعم المطالب الهامة للبحث، هذه المؤسسات يتم مكافئتها وتوفير ميزانيتها … دون اقتطاع أجزائها.
لذلك فإن المعايير في هذا الجانب لا تتعلق بقيمة العمل البحثي، خاصة وأن كل المشاريع العلمية الجارية حصلت على نقاط ممتازة من لجان الإشراف والمتابعة الخاصة بها، والتي تتألف من خبراء دوليين في مجالاتهم المعرفية.
سويسرا المبدعة
بقي أن نشير إلى أن فكرة “المحاور الوطنية البحثية العلمية” تثير اهتماما كبيراً في الخارج. لذلك ينوه دييتر إيمبودين، مدير المجلس البحثي السويسري إلى أن “إرتفاع نسبة الأجانب (في المشاريع البحثية) يظهر مدى جاذبية المحاور الوطنية البحثية العلمية”.
وبفضل هذه الفكرة تمكنت سويسرا من استقطاب باحثين شباب واعدين، وإقناع بحاثة آخرين بالقدوم إلى الكنفدرالية، بدلاً من الإقامة والعمل في الولايات المتحدة.
وتأمل الحكومة الفدرالية من فكرتها هذه تهيئة أرضية بحثية مناسبة، تتمكن من خلالها من مواجهة ظاهرة هجرة العقول التي عانت منها سويسرا في العشريات السابقة.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.