محاولات سويسرية لتعديل مورثات الحنطة
في الفاتح من يناير 2004، يبدأ العمل في سويسرا بقوانين جديدة تتحكم بالتقنيات التناسلية تسمح باختبار البذور الزراعية المصنعة في الهواء الطلق.
وبهذه المناسبة، يستعد فريق من علماء الأحياء النباتية بجامعة زوريخ لإجراء اختبارات على صنف مصنّع من الحنطة المقاومة للمرض.
يقول البروفيسور بيات كيلير Beat Keller رئيس كلية علوم الأحياء النباتية بجامعة زوريخ، إن اختبار البذور الزراعية المصنعة تناسليا في حقول الهواء الطلق، هو أمر حيويّ وهام لإثبات النتائج التي توصل إليها الباحثون في مختبراتهم الزراعية بعد سنوات من البحث العلمي والتقني.
ويُبرّر البروفيسور كيلير ضرورة التجارب في الهواء الطلق، بعدم وجود نفس الظروف الضوئية والظروف المناخية الطبيعية في المختبرات الِعلمية، حيث تدور التجارب الزراعية تحت إجراءات أمنية مشدّدة، كي لا تنتشر النباتات أو البذور الزراعية المصنعة تناسليا وغير المرغوب فيها، في البيئة الطبيعية.
هذا وبموجب القوانين الجديدة التي تتحكم بالتقنيات التناسلية والتي تصبح سارية المفعول في سويسرا في الفاتح من يناير 2004، ستتوفر إمكانية تجريب المصنعات الزراعية في الحقول العادية، ولكن في ظل إجراءات أمنية شديدة ووفق شروط محدّدة، ما دامت التأثيرات البعيدة الأمد لمثل هذه النباتات على البيئة الطبيعية غير معروفة ولا مضمونة.
ويقول البروفيسور كيلير الذي يشرف على الفريق الذي طوّر في جامعة زوريخ صنفا من الحنطة المقاومة لبعض الأمراض، إنه على قناعة بأن تجريب الحنطة المصنعة تناسليا في حقول منفصلة تبعد عن حقول الحنطة العادية مسافة 100 إلى 200 متر، تقلل تقليلا حاسما من مخاطر انتشار غبار أو حبوب الحنطة المصنعة تناسليا إلى الحقول المجاورة.
لكن عالم الأحياء بجامعة زوريخ يُصرّ على ضرورة تجريب البذور المصنعة تناسليا في ظروف ضوئية ومناخية طبيعية مجرّدة، بطريقة لا تترك مجالا للشك في جودة أو عدم جودة التعديلات التناسلية التي أجريت على البذور.
مـورّثـتـان فقط!
وعلى هذه الأرضية، لا يُحبّذ رئيس كلية علوم الأحياء النباتية بجامعة زوريخ، مقترحات نظيره كريستوف ساوتِر Chistof Sautter من المعهد التقني الفدرالي العالي بمدينة زوريخ أيضا، بعزل حقول الحنطة المصنعة عن الحقول الأخرى وراء خيمة أو جدران عازلة، لأن ذلك يُزيّف نتائج الاختبار كما يقول البروفيسور كيلير.
جدير بالملاحظة أن فريق المعهد التقني الفدرالي في زوريخ يحاول منذ 3 سنوات تقريبا الحصول على تصريح بزرع بذور الحنطة المعدّلة تناسليا في الحقوق الطبيعية. وكاد يتم له ذلك لو لم تتدخل الحركات المدافعة عن البيئة التي أرغمت السلطات الفيدرالية المعنية بالأمر، على سحب التصريح الذي منحته مبدئيا للمعهد.
أما فيما يتعلق بالأبحاث الجارية في زوريخ، فإنها تهدف في الواقع لابتكار صنف من القمح أو الحنطة المقاومة لمرض الفطريات البُنية اللون التي تظهر على الورق أولا والسنابل بعد ذلك، وتتلف مقادير كبيرة من حقول الحنطة.
وقد وجد الباحثون السويسريون حتى الآن أن اثنتين من جينات أو مورثات القمح التي يُقدّر عددها بحوالي 50 جينة أو مورّثة، تلعب دورا حاسما في حماية القمح أو الحنطة من ضرر تلك الفطريات المعروفة حول العالم.
شفافية تناسلية..
ولذا تركزت الأبحاث في كليات الأحياء والنباتات، سواء في الجامعة أو في المعهد الفدرالي بمدينة زوريخ، على تعديل تلك المورثات من جهة وتنشيطها من جهة أخرى، بطريقة تزيد من مقاومة الحنطة للفطريات البُنية.
ويؤكد الباحثون أن المورّثتين المعنيتين بمقاومة القمح للفطريات، تختلفان كل الاختلاف عن بعضهما البعض، وأن الأبحاث تتواصل على الجينات الباقية لمعرفة أدوارها في حماية الحنطة من الأمراض أو في زيادة مقاومتها للظروف المناخية العسيرة.
أما صعوبة هذه الأبحاث التناسلية التقنية، فقد تبدو واضحة جلية، إذا أخذ المرء بعين الاعتبار بأن القمح يملك ست مجموعات من الصِّبغيات أي الكروموسوم مقابل مجموعتين عند الإنسان، وأن حجم المادة التناسلية للقمح يبلغ في ذلك خمسة أضعاف حجم المادة التناسلية الإنسانية.
جورج أنضوني – سويس إنفو
تحت ضغط الحركات البيئية ألغت الدائرة الفيدرالية السويسرية للبيئة والغابات والمناظر الطبيعية في أوائل هذا العام، تصريحا كانت قد منحته لفريق من علماء النباتات بجامعة زوريخ لتجريب صنف من البذور المصنعة تناسليا في الهواء الطلق. لكن قوانين الجديدة تسمح الآن بإجراء مثل هذه التجارب ابتداء من غرة يناير 2004.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.