محاولة جديدة لتقنيين عمل المرتزقة
تعتزم سويسرا تنظيم ندوة دولية في جنيف في شهر نوفمبر القادم حول عمل المرتزقة بغرض فرض معايير واضحة لهذه المهنة.
وتدر الشركات الخاصة، التي تنشط في أكثر من 100 بلد، دخلا سنويا يفوق 100 مليار دولار، وهو رقم ينتظر أن يتضاعف عام 2010.
أطلقت الحكومة الفدرالية السويسرية، بالاشتراك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر إجراءا يهدف الى تحديد إطار قانوني لمهنة “غير معتادة”، أي مهنة المرتزقة.
وستقوم وزارة الخارجية السويسرية بالاشتراك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإطلاق مبادرة تهدف الى توضيح مسئولية الدول فيما يتعلق بتصرفات الجيوش الخاصة وشركات الأمن الخاصة . ويتعلق الأمر بمبادرة جديدة ستنطلق من نقطة الصفر.
وفي إطار هذه المبادرة ستقوم وزارة الخارجية في شهر نوفمبر 2006 بتنظيم لقاء دولي للخبراء في مدينة مونترو بهدف تبادل الأفكار والخبرات بين ممثلي الدول. ولا يتعلق الأمر بمؤتمر دولي ينتهي بقرارات عملية وفعلية، كما أنه لقاء غير مفتوح أمام الجمهور.
وستقوم وزارة الخارجية السويسرية بتنظيم لقاء مع وسائل الإعلام في 19 أكتوبر 2006 في مدينة برن لإطلاع وسائل الإعلام المهتمة بالموضوع عن تفاصيل المبادرة السويسرية
سمعة السويسريين
ينطلق الجميع من ان خدمة المرتزقة تُـعد من المهن القديمة التي عرفها العالم منذ ان بدأ بنُـو البشر في الاقتتال فيما بينهم. ومما لا شك فيه أن سويسرا تعرف الكثير في هذا المجال.
فقد كسبت الكنفدرالية السويسرية القديمة بعض الشهرة في مجال فن القتال، بحيث تم تقدير عدد السويسريين الذين ساهموا في ساحات المعارك خارج بلادهم ولدى الأجانب بحوالي مليوني سويسري.
وليس هذا هو السبب الوحيد، الذي دفع الحكومة الفدرالية الى الاهتمام منذ عام 2004 بالشركات العسكرية الخاصة، هذه الشركات التي كثُـر اللجوء إلى خدماتها في مناطق الصراعات في شتى أنحاء الكرة الأرضية في السنوات الأخيرة.
فقد عرف الصراع الدائر في العراق لوحده مشاركة ما بين عشرين وخمسة وعشرين ألف مرتزق تشغّـلهم شركات مثل “دين كورب” أو “كاكي انترناشيونال” أو “تيتان” أو “غلوبال ريسك”.
تقرير الحكومة
وكان هدف سويسرا من الإهتمام بهذا الملف في بداية الأمر، معرفة ما إذا كانت مقرّات هذه الشركات موجودة فوق أراضيها.
ذلك أن تواجد مقرات هذه الشركات الأمنية وشبه العسكرية الخاصة فوق التراب السويسري، في زيورخ او جنيف مثلا، كان سيثير بعض العراقيل بالنسبة لسياسة الحياد، لو وجّـهت لها اتهامات بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي.
ولكن هذا الخطر يظل قائما، إذ أشار تقرير حكومي، نُـشر في شهر ديسمبر 2005 إلى “أن كانتون ريف بازل يُؤوي مقرات ثلاث شركات لها نشاط في مناطق حرب او صراعات (…). إثنتان منها لها مقرات رئيسية في سويسرا، بينما الثالثة لها مقر في الخارج ولها فرع في سويسرا”.
وأشار تقرير الكانتون إلى أن “اثنتى عشرة شركة أعلنت بأنها قد تقوم في المستقبل بنشاطات في مناطق صراعات”.
مرتزقة من جنوب افريقيا
كانت سوق المرتزقة وما تزال هامشية في سويسرا، إلا أنها قد تشهد إقبالا في المستقبل القريب، إذ يشير التقرير الى “أنه من غير المُـستبعد ان تقوم شركات باختيار سويسرا لإقامة مقراتها الرئيسية، من أجل الاستفادة من السُّـمعة التي تتمتع بها سويسرا، وبالاخص تلك المرتبطة بسياسة الحياد”.
يضاف الى ذلك، أن سويسرا اعترفت بـ “أنها قد تلجأ من حين لآخر إلى خدمات شركات أمنية خاصة”، تستعملها في مناطق صراعات مسلحة في الخارج. وقد لجأت لتلك الخدمات بالفعل في بغداد، حينما وفرت حماية لمكتب اتصالها في العاصمة العراقية عبر شركة “ميتيوريك تاكتيكل سولوشين”، الجنوب إفريقية، التي كثُـرت الانتقادات بشأنها.
فراغ قانوني
لقد عملت كل هذه النشاطات لشركات الحراسة الخاصة على تطوير سوق مربحة جديدة، استفادت فيها تلك الشركات من وجود فراغ قانوني.
ففي الوقت الذي تمت فيه محاكمة وسجن الجنود الأمريكيين المتهمين بارتكاب اعمال تعذيب في العراق، نجد أن مرتزقة شركات “كاكي” و”تيتان”، اللذين ارتكبوا نفس الانتهاكات، افلتوا من اية محاسبة او عقاب، لأنه كي يتسنى تقديم شخص أمام محكمة عسكرية، يتطلّـب الأمر ان يكون الكونغرس الأمريكي قد أعلن رسميا الحرب ضد العراق، وهو ما لم تقم به الولايات المتحدة إلى حدّ الآن.
لذلك، تقول كريستين شارنر “دفعَـنا ذلك الى التفكير، ليس فقط على المستوى السويسري، بل على المستوى الدولي”. وكانت وزارة الخارجية السويسرية قد نظمت في شهر يناير 2006 ورشة عمل حول هذا الموضوع، جمعت خبراء من تسع دول معنية بظاهرة المرتزقة.
تشاور مع الصليب الأحمر
من جهته، يقول كلود فوال، المسؤول على الاتصال مع القطاع الخاص باللجنة الدولية للصليب الأحمر، “إن القيام بذلك، لا يعني تبرير عمل المرتزقة، بل يوضح أنه نشاط لا يمكن أن نستمر في تجاهله او التغافل عنه”، ويرى هذا الخبير ان الجميع يلتجئ إلى استعمال خدمات شركات الحراسة هذه، بما في ذلك الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية والصحفيين وغيرهم.
ويضيف كلود فوال “إن مهمتنا تتلخّـص في تحديد إطار قانوني لهذا القطاع، بشكل يسمح بتوضيح الحدود الموجودة بين شركات عسكرية خاصة ومهنية تحترم القانون الإنساني الدولي، وبين كل ما عدى ذلك”.
سويس انفو – يان هامل
(ترجمه وعالجه محمد شريف)
في 28 سبتمبر 1995، شارك سويسري في محاولة انقلاب قام بها بوب دينار في جزر القمر.
1 يونيو 2004: اول نقاش برلماني في سويسرا حول نشاط المرتزقة
16 ديسمبر 2004: التماس برلماني حول لجوء سويسرا إلى خدمات شركات أمنية أو عسكرية خاصة.
نوفمبر 2006: انعقاد أول مؤتمر دولي للخبراء في جنيف حول نشاط الشركات العسكرية والأمنية الخاصة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.