مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

محاولة جديدة لوقف “هجوم الإسمنت” في سويسرا

يعتبر أصحاب المبادرة أن سويسرا مهددة بزحف المباني والإسمنت Ex-press

أطلقت لجنة، تتشكل من منظمات مدافعة عن البيئة ونواب من اليسار والوسط، مبادرة تدعو إلى وضع حدٍّ لانتشار المباني وتوسيع المدن بشكل غير منظم في سويسرا.

وتطالب المبادرة، التي قد تُـعرض يوما ما على تصويت الناخبين، بتجميد المناطق الصالحة للبناء لفترة تستمر 20 عاما.

مرة أخرى، يحاول قطاع من الرأي العام السويسري استعمال الأدوات، التي تتيحها الديمقراطية المباشرة، لتمرير أفكاره ومطالبه. هذه المرة، تأتي المبادرة الشعبية، التي تحمل عنوان “مزيد من الفضاء للإنسان والطبيعة”، كمحاولة لإقامة توازن مع المراجعة التشريعية، التي ستُـعرض على البرلمان الفدرالي الجديد، الذي سيتمخّـض عن الانتخابات العامة المقرر أجراؤها في أكتوبر القادم.

في هذا السياق، أطلقت عضوة مجلس الشيوخ الاشتراكية سيمونيتا سومّـاروغا، لدى عرضها لنص المبادرة أمام وسائل الإعلام في برن، تحذيرا قالت فيه “إن البعض يريدون تحرير سويسرا من قانون التهيئة الترابية، وهذه الأفكار تجد من يُـروِّج لها في غرفتي البرلمان، في حين أن الحصيلة الحالية (لكيفية تطبيق القوانين المنظمة للتهيئة الترابية والعمرانية – التحرير)، كارثية”.

الإسمنت المسلح يغزو سويسرا

المعطيات المتوفرة، تشير إلى أن حوالي 30% من البناءات، مُـقامة خارج المناطق المهيأة للبناء وإلى أن حوالي متر مربّـع من المساحات الخضراء يختفي كل دقيقة على مدى العشريات الماضية، ليغمُـره إسمنت الطرقات والمراكز التجارية الكبرى ومرائب السيارات والبيوت السكنية، وهو ما يوازي مساحة 10 ملاعب لكرة القدم يوميا.

“ففي الأراضي، التي كانت تُـزهر فيها أشجار مثمرة وترعى فيها قطعان الأبقار أو الأغنام، ترتفع اليوم مراكز استهلاكية ضخمة لا وجه لها أو عمارات بلا هوية”، على حد تعبير النائبة الديمقراطية المسيحية كاتي فيكلين.

من جهته، ذكّـر عضو مجلس النواب من حزب الخُـضر لوك روكوردون، بـ “قضية غالميتز” واعتبر أن الفشل الذي لحق مشروع تشييد مصنع لإنتاج المواد الصيدلانية في بلدة غالميتز، المشهورة بمستنقعاتها المائية وسط كانتون فريبورغ من طرف شركة أمغين Amgen الأمريكية، قد كشف عن وجود ثغرات سياسية خطيرة فيما يتعلق بمسار الترخيص في تحويل صفة الأراضي من زراعية أو طبيعية إلى صالحة للبناء.

تجميد لفترة لا تقل عن 20 عاما

المبادرة الجديدة تسعى لوقف هذا التطور، لذلك، تدعو إلى وضع حدٍّ للزيادة في مساحة المناطق الصالحة للبناء لفترة تستمر 20 عاما وتطالب بأن يؤدّي إنشاء منطقة صالحة للبناء جديدة إلى التخفيض في المقابل، من مساحة منطقة أخرى.

وتدعو المبادرة أيضا إلى أن تحرِص الكنفدرالية والكانتونات على أن يكون استعمال الأراضي “متبصِّـرا ومحدودا” وإلى أن يتمّ ترسيخ الفصل بين الأراضي الصالحة للبناء وغير المسموح بالبناء فوقها في نص الدستور، إضافة إلى حماية الأراضي الصالحة للزراعة.

من جهة أخرى، يُـفترض – حسب ما ورد في المبادرة – أن يتم الحفاظ بشكل أفضل على الأراضي الزراعية والغابات والمناطق الطبيعية وتخصيصها لإنتاج الأغذية والمواد الأولية أو استعمالها كفضاءات للراحة والاستجمام. في المقابل، يتوجّـب أن يقتصر تطور المناطق العمرانية على داخلها.

وعلى الرغم من تنصيص المبادرة على حماية الأراضي المستصلحة للزراعة، فقد رفض الاتحاد السويسري للمزارعين الانضمام إلى قائمة المنظمات الداعمة لها، وبرّر جاك بورجوا، مدير الاتحاد، هذا القرار بالرغبة في “الاحتفاظ بهامش المناورة”، استعدادا للنقاش المرتقب في البرلمان، مشيرا إلى أن الاتحاد يشاطر انشغالات أصحاب المبادرة، لكنه يرى أنها “تتسم بالتشدد، لأنها تدعو إلى تجميد المناطق الزراعية”.

المزيد

المزيد

المبادرة الشعبية

تم نشر هذا المحتوى على توفّـر المبادرة الشعبية لعدد من المواطنين إمكانية اقتراح تحوير للدستور الفدرالي. تحتاج المبادرة كي تكون مقبولة (من الناحية القانونية)، إلى أن يتم التوقيع عليها من طرف 100 ألف مواطن في ظرف 18 شهرا. يُـمكن للبرلمان أن يوافق مباشرة على المبادرة، كما يمكن له أيضا أن يرفضها أو أن يعارضها بمشروع مضاد. في كل الحالات، يتم…

طالع المزيدالمبادرة الشعبية

لا زال المجال متاحا

استباقا لبعض الانتقادات والمخاوف، يرى المحامي إنريكو ريفا، أن المبادرة الجديدة لن تؤدي إلى تجميد البناءات في سويسرا، ويشير إلى أنه، بالإضافة إلى 160 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للبناء، التي تم استعمالها، توجد حاليا 60 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للبناء غير المستعملة، وهو ما يعني وجود فضاءات حياة قادرة على استقبال حوالي 2،5 مليون ساكن إضافي.

وقد حظيت المبادرة إلى حد الآن، بمساندة أكثر من 10 منظمات مدافعة عن البيئة وحزب الخُـضر، إضافة إلى عدد من السياسيين المنتمين إلى تيارات اليسار وإلى الحزب الديمقراطي المسيحي وإلى الحزب الإنجيلي.

كما تضم اللجنة الداعمة لهذه المبادرة، عضوي مجلس النواب رودي أيشباخر (من الحزب الإنجيلي) ومايا غراف (من حزب الخُـضر)، إضافة إلى عضوي مجلس الشيوخ أوجين دافيد (من الحزب الديمقراطي المسيحي) وجيزيل أوري (من الحزب الاشتراكي).

وتأمل اللجنة في أن تتمكّـن من جمع التوقيعات الضرورية (100 ألف توقيع قانوني قبل 10 يناير 2009) في ظرف لا يزيد عن عام واحد.

سويس انفو مع الوكالات

يستقطع البناء 29 كيلومتر مربع سنويا من مساحة سويسرا البالغة 42 ألف كيلومتر مربع.

يبلغ نصيب الفرد في سويسرا من المساحات المبنية حاليا 410 متر مربع.

أكثر من 70% من سكان سويسرا يعيشون في ضواحي المدن، التي تغطي 22% من مساحتها.

(إحصائيات رسمية لعام 2004)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية