مخاطر “الملوثات العضوية الثابتة”.. تـتـفـاقــم!
تحاول "الشبكة الدولية لإزالة الملوثات العضوية الثابتة" دفع الدول المشاركة في المؤتمر الثاني لمعاهدة ستوكهولم في جنيف الى التحول من الأقوال الى الأفعال.
منظمات بيئية من بلدان نامية قرعت أجراس الإنذار سواء فيما يتعلق بالعودة الى استعمال مواد سامة مثل دي تي تي في إفريقيا أو التلكؤ في معالجة أخطار الديوكسين في المكسيك واستراليا.
إذا كانت معاهدة ستكهولم المعنية بالحد او بحظر استعمال أثني عشر من أخطر الملوثات العضوية الثابتة لم يمر على دخولها حيز التطبيق أكثر من عامين، فإن منظمات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن البيئة المنضوية تحت راية ” الشبكة الدولية لإزالة الملوثات العضوية الثابتة والمعروفة باختصار “IPEN” تحاول تجاوز السلبيات ونقاط الضعف التي تعاني منها هذه المعاهدة.
وهذا ما حاولت جلب الانتباه له خلال الاجتماع الحالي للدول الاعضاء المنعقد في جنيف حتى الخامس مايو.
المشكلة في التمويل
مهما بلغت أية معاهدة من جودة في الصياغة وفي تحديد تفاصيل التطبيق، لن يكتب لها أن ترقى الى مستوى التطلعات إن لم تزود بآليات تمويل تسمح لها بتعميم الفائدة لكي تشمل البلدان النامية أيضا.
وهذا ما ركزت عليه نائبة رئيس شبكة IPEN وكبيرة المستشارين للشبكة الوطنية لمحاربة المواد السامة في أستراليا الدكتورة ماريان لويد سميث في ندوة صحفية في جنيف عندما أوضحت بأن من بين المطالب المقدمة للدول الأعضاء ضرورة توفير التمويل. و كما قالت “بدون توفير التمويل بالنسبة للدول النامية لا يمكن الحديث عن تطبيق بنود المعاهدة”. وما يقلق أكثر في هذه النقطة كون الدول الأعضاء مطالبة بتطوير برامج وطنية لمحاربة انتشار هذه الملوثات العضوية الثابتة، وفي غياب تمويل قد تبقى جل هذه البرامج في الدول النامية مجرد حبر على ورق.
كما أثيرت مشكلة انتشار السياحة وما تخلفه من نفايات بعضها ضار على المدى الطويل، وعدم مراعاة الجوانب البيئية عند الترويج للجذب السياحي.
ومن النقاط التي اثارتها منظمات المجتمع المدني في هذا الاجتماع نقص التطبيق بالنسبة للعديد من بنود المعاهدة .
عودة دي تي تي خطر على افريقيا
أفريقيا التي عرفت جل بلدانها منعا لاستعمال مادة دي تي تي منذ سنوات، تعود اليوم بعض البلدان فيها لاستعمال هذه المادة مع تعاظم ظاهرة الملاريا او حمى المستنقعات.
وهو ما يرى فيه هنلي روني ضيوف من منظمة ” بان افريكا” السينغالية ” خطرا على القارة السمراء”، نظرا لكون المادة سامة ومحظورة بموجب معاهدة ستوكهولم، وثانيا لكون الاستعمال المفرط لهذه المادة أدى الى اكتساب البعوض المتسبب في الملا ريا مقاومة لأي دواء.
وتنصح منظمات المجتمع المدني باعتماد إستراتيجية على المدى البعيد حتى وإن كانت مكلفة مثل معالجة أماكن تكاثر البعوض الناقل للمرض، وتوعية الجمهور لقواعد النظافة ، والسماح للجميع بالوصول الى الأدوية الضرورية لمحاربة حمى المستنقعات، والتشجيع على استعمال البدائل عن مادة دي تي تي.
وإذا كانت منظمات المجتمع المدني الإفريقية تحاول جلب الانتباه الى أخطار العودة الى استعمال مادة دي تي تي ، فإن سويس إنفو حاولت معرفة ما مدى التوعية لباقي الملوثات العضوية الأخرى التي لا تبدو واضحة من الوهلة الأولى خصوصا وأن القارة الإفريقية هي اليوم محط جذب للعديد من الصناعات الملوثة التي ترغب الدول المتقدمة التخلص منها؟ عن ذلك يجب السيد ضيوف معترفا بأن هناك نقصا في التوعية لباقي الملوثات وهو ما يشكل احد المطالب في هذه الدورة لتشجيع الدول الأعضاء في معاهدة ستوكهولم على تخصيص مزيد من الأموال للتوعية في باقي البلدان النامية.
اعلى نسبة ديوكسين في الدم
استراليا التي تبدو بعيدة عن مشاكل التلوث تعرف اعلى نسبة ديوكسين في دم صيادي ميناء سيدني. هذا ما شارت له مستشارة الشبكة الوطنية لمحاربة المواد السامة في استراليا ماريان ليود سميث لحد ان السلطات الإسترالية اضطرت الى إغلاق ميناء سيدني في وجه الصيد. وترى ان السبب في ذلك عائد إلى عدم جدية الحكومة في معالجة قضية تخزين المواد الملوثة وتنظيف الأماكن التي كانت تستعمل لتخزين هذه المواد.
وعلى الرغم من كون الموضوع محط نقاش منذ العام 1990 إلا أن منظمات المجتمع المدني ترى ان الخطر يكمن في كون مخازن هذه المواد أصبحت اليوم محاطة بمساكن ومدارس في ضواحي مدينة سيدني.
وبما أن الحكومة الأسترالية قررت عدم استخدام عملية الحرق للتخلص من مخزونها من مادة دي تي تي، تخشى منظمات الدفاع عن البيئة ان يتم تعميم التلويث بنقل تلك النفايات الى معامل في أوربا وفي وقت تحاول فيه الدول الأوربية الحد من اللجوء الى عمليات الحرق للتخلص من النفايات.
بيض ودجاج ملوث قرب محطات التكرير
الخبير المكسيكي فيرناندو بيجارانو منسق مجموعة امريكا اللاتينية في شبكة IPEN اثار موضوع احتواء بيض ودجاج المنطقة المحيطة بالمحطة البتروكيماوية Pajaritos Petrochemical Complex بنسب من مادة الديوكسين تفوق بست مرات المعدل الأوربي وبتسعة عشر مرة معدل ما هو موجود في الطبيعة.
وقد طالب الخبير بجعل المنطقة من اولويات برنامج التنظيف المكسيكي في إطار تطبيق معاهدة ستوكهولم خصوصا وأن المركب البتروكيماوي ينوي مضاعفة انتاجه من مادة الكلورين والفينيل كلوريد مونومير .
وتشير نشرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة بخصوص القضاء على الملوثات العضوية الثابتة الى وجود ” دراسات ميدانية ومخبرية تشير الى العلاقة بين الملوثات العضوية الثابتة والأمراض التي تصيب الحيوانات”.
وقد أوردت النشرة أن حيتان البلوغا او الدلفين الأبيض في نهر سانت لورنس بكندا تعاني من عدة أنواع من السرطان ومن الأعمدة الفقرية الملتوية والقرحات والإصابات البكتيرية والفيروسية والتشوهات الدرقية . وهي أمراض تقل مشاهدتها في الحيتان التي تعيش في مناطق أقل تلوثا.
وحتى لو ان الدراسات المتوفرة لحد اليوم لا تسمح بتقديم دليل قاطع عن تاثير مباشر للملوثات العضوية الثابتة على جهاز المناعة لدى الإنسان، وعلى الجهاز العصبي واعتلال الغدد الصماء والتشوهات الخلقية عند الولادة، فإن الخبراء ينصحون بتوخي الحذر سواء فيما يتعلق بالمواد الإثنى عشرة المصنفة كأخطر الملوثات العضوية الثابتة وحتى بالنسبة لباقى المواد العضوية الواردة في التصنيف.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.