مساعدات سويسرا التنموية سترتفع لكنها تبقى أقل من المطلوب
أقر مجلس النواب السويسري ميزانية المساعدات الموجهة للتنمية للفترة الممتدة ما بين 2009 و 2012 في حدود 0،4% من إجمالي الناتج الداخلي، لكنه لم يستجب لطموحات اليسار والمنظمات الإنسانية الراغبة في بلوغ نسبة 0،7%.
النقاش البرلماني يتزامن مع الإصلاحات المعتزم إدخالها على بنية ونشاط الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية الساهرة على تنفيذ المشاريع التنميوية الممولة من طرف الكنفدرالية في البلدان النامية في أعقاب الانتقادات التي تعرضت لها والتغيير الذي طرأ على رأسها.
وافق مجلس النواب السويسري في نقاشه الذي استمر يومي الاثنين والثلاثاء 9 و 10 مايو على مساهمة سويسرا في جهود مساعدات تنمية البلدان الفقيرة للفترة ما بين عامي 2009 و 2012 بحوالي 5،3 مليار فرنك موزعة على الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في حدود 4،5 مليار وكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية بحوالي 800 مليون فرنك.
وقد تم هذا رغم محاولات حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد لرفض الدخول في مناقشة الموضوع أصلا وإعادة الملف للمجلس الفدرالي بحجة انتظار إدخال الإصلاحات على بنية ونشاط الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، المتهمة من قبل البعض “بنقص في الشفافية” و “بانتهاج منهج منفصل” عن وزارة الخارجية التي تتبع لها إداريا.
زيادة 300 مليون فرنك في الميزانية العادية
الدعم الذي جاء من غالبية نواب للوكالة السويسرية للتعاون والتنمية لم يتمثل فقط في رفض معارضة حزب الشعب لفتح الملف للنقاش بأغلبية 130 صوتا مقابل 50، بل تجلى من خلال الموافقة على رفع الميزانية العادية للوكالة الى حدود 4،5 مليار فرنك للفترة ما بين 2009 و 2012. وهذا يعني زيادة بنسبة 300 مليون فرنك عما كانت عليه للفترة السابقة (2003 – 2008).
وكان حزب الشعب السويسري قد طالب على لسان نائبه عن زيورخ كريستوف مورغلي، برفض فتح الملف للنقاش أمام مجلس النواب بدعوى “إصلاح أولا الأخطاء التي وجدت لجنة التسيير التابعة للبرلمان أن الوكالة تعاني منها”.
وفيما يتعلق بميزانية التنمية التي تشرف عليها كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية والمقدرة بحوالي 800 مليون فقد بقيت في نفس الحجم الذي كانت عليه في الفترة السابقة.
وبمساهمة سويسرا بما مجموعه 5،4 مليار فرنك كمساعدات للتنمية، تكون قد خصصت 0،4% من إجمالي ناتجها الداخلي لفائدة البلدان الفقيرة في الوقت الذي طالبت فيه الأمم المتحدة في القمة الاجتماعية في كوبنهاجن برفع النسبة الى حدود 0،7% لتحقيق أهداف الألفية في مجال التنمية بحلول عام 2015.
إصلاح ضروري في نظر الجميع
قد يجد البعض من العاملين في الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في المثل القائل “رب ضارة نافعة”، ما ينطبق على ما تشهده هذه الوكالة التي تشغل حوالي 650 موظفا والتي تعتبر أكبر إدارة تابعة لوزارة الخارجية السويسرية. إذ بعد الانتقادات التي وجهت للوكالة في عهد المدير السابق فالتر فوست من “استقلالية وانفراد في انتهاج سياسات تنقصها الشفافية”، جاء التغيير في أعلى هرم هذه المؤسسة ليسهل إدخال الإصلاحات.
وهذا ما اعترفت به وزيرة الخارجية ميشلين كالمي-ري في تصريحات صحفية قالت فيها “إن وكالة التعاون والتنمية عرفت في السنوات الأخيرة تقوقعا على نفسها ويعود هذا أساسا لخوفها من تدخل السياسيين في نشاطاتها”. وأضافت بأن على الوكالة أن تخضع لإصلاحات “من أجل أن تعود للإندماج داخل وزارة الخارجية والإدارة الفدرالية عموما”.
هذه الرغبة في الإصلاح هي التي شدد عليها المدير الجديد للوكالة منذ شهر مايو الماضي مارتين داهيندن بحيث من المفروض أن تخضع الوكالة لإصلاحات تولت عشرون لجنة صياغتها ستنتهي مرحلتها الأولى في شهر سبتمبر القادم على أن يتم الاهتمام بإدخال الإصلاحات على مكاتب الوكالة في الخارج في عام 2009.
وكانت لجنة التسيير التابعة لمجلس الشيوخ قد انتقدت في تقرير أصدرته عام 2006 “افتقار الوكالة لإستراتيجية واضحة، وتصرفها في الموارد بطريقة غير اقتصادية، وبدون تحديد أولويات واضحة”.
خيبة أمل المنظمات الإنسانية
هذا النقاش حول ميزانية سويسرا في مجال مساعدات التنمية لفترة ما بين 2009 و 2012 دفع التيارات اليسارية ومنظمات سويسرية متخصصة في مجال العون الإنساني والحزب الديمقراطي المسيحي الى مطالبة الكنفدرالية برفع مستوى مساهمتها في مجال مساعدات التنمية الى النسبة التي حددتها الأمم المتحدة أي 0،7% من إجمالي الناتج الداخلي.
ولتعزيز هذا المطلب تم تشكيل تحالف يضم إحدى عشرة منظمة خيرية مسيحية سويسرية تحت اسم “تحالف للعمل من أجل مواجهة الفقر”. وقد قام هذا التحالف بجمع حوالي 200 ألف توقيع في إطار حملة رفعت شعار “0،7%، جميعا ضد الفقر”، لدعم مطلبهم الموجه للبرلمان والداعي لزيادة نسبة مساهمة سويسرا في مجال المساعدات التنموية الى حدود 0،7% بحلول عام 2015 ملما تطالب بذلك منظمة الأمم المتحدة.
لكن هذا المطلب قوبل بالرفض من طرف أغلبية أعضاء مجلس النواب الذين صوتوا لصالح الاحتفاظ بمستوى المساهمة السويسرية حتى عام 2015 في حدود حجمها الحالي (أي 0،4%).
وكانت كل من وزيرتي الخارجية ميشلين كالمي-ري ووزيرة الاقتصاد دوريس لويتهارد قد شككتا في إمكانية قبول مجلس النواب لرفع مستوى المساهمة السويسرية الى الضعف من هنا حتى العام 2015.
هذا الرفض انتقدته المنظمات الإنسانية السويسرية على غرار “تحالف الجنوب” التي اعتبرت أن مجلس النواب بقراره هذا “إنما يخالف التزامات سويسرا الدولية المتمخضة عن القمة الاجتماعية والتي حددت ضرورة رفع مستوى مساهمة الدول في مجهودات التنمية الى حدود 0،7% من إجمالي ناتجها الداخلي”.
وتبقى آمال المطالبين بزيادة مستوى المساهمة السويسرية في مجال المساعدة من أجل التنمية متجهة لمجلس الشيوخ الذي كان قد فشل بنسبة ضئيلة في تمرير حل وسط يتمثل في قرار يقر رفع النسبة الى حدود 0،5%.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
4،5 مليار فرنك ميزانية وكالة التنمية والتعاون السويسرية للفترة ما بين 2009 و 2012 و800 مليون فرنك ميزانية كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية لنفس الفترة.
هذه المبالغ تمثل زيادة بحوالي 300 مليون فرنك عن الفترة السابقة ويمثل 0،4% من إجمالي الناتج الداخلي السويسري.
أحزاب يسارية ومنظمات غوث مسيحية سويسرية طالبت برفع النسبة إلى حدود 0،7% من إجمالي الناتج الداخلي على مراحل تدريجية حتى العام 2015، لكن هذا الطلب رفضه مجلس النواب الذي صوت لصالح إبقاء الأوضاع على ما هي عليه حتى العام 2015.
وبنسبة 0،4% من الدخل القومي العام تحتل سويسرا المرتبة 12 في ترتيب الدول الـ 22 الأكثر غنى في تساو مع ألمانيا وأمام إيطاليا ولكن وراء كل من فرنسا والنمسا.
وقد تجاوزت دول مثل النرويج والسويد ولوكسمبورغ وهولندا النسبة التي حددتها الأمم المتحدة أي 0،7% لتصل الى ما بين 0،8% و 0،95% من إجمالها ناتجها الداخلي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.