مسلمو سويسرا يتطلعون إلى الإندماج الإيجابي (1/2)
بمناسبة شهر رمضان المبارك،تجدد سويس انفو لقاءها مع الجالية الإسلامية المقيمة في سويسرا وأوضاعها ومشاكلها.
وقد تجمع عدد من أفراد هذه الجالية مؤخرا في منطقة البحيرة السوداء للمشاركة في الملتقى السنوي الثالث عشر لمسلمي سويسرا.
حُلول شهر رمضان المبارك في ديار الغربة مناسبة للحديث عن أوضاع وظروف ومشاكل الجالية المسلمة في سويسرا التي تزداد كثافة يوما بعد يوم.
ففي عام 1990، لم يكن عدد المسلمين المقيمين في الكنفدرالية يتجاوز 200 ألف شخص، أما اليوم، فإن رابطة مسلمي سويسرا تقدر عددهم بحوالي 450 ألف. وقد نظمت الرابطة في شهر سبتمبر الماضي الملتقى السنوي الـ 13 لمسلمي سويسرا في منطقة البحيرة السوداء بكانتون فريبورغ.
وكان هذا التجمع مناسبة انتهزتها سويس انفو للحديث مع عدد من الشخصيات المشرفة على تنظيم الملتقى، ومع المحاضرين والجمهور لبناء فكرة عامة عن المشاكل التي تعيشها الجالية المسلمة في الكنفدرالية والإنجازات التي حققتها على مدى العقد الأخير وعن آمالها المستقبلية أيضا.
“حتى يغيروا ما بأنفسهم”
السيد سليمان عبد القادر كان أول مُحاور لنا بصفته الرئيس الجديد لرابطة مسلمي سويسرا خلفا للسيد محمد كرموص الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في سويسرا.
اتسمت مجمل تصريحات السيد سليمان عبد القادر بالتركيز والتشديد على ضرورة تحقيق “الإيجابية” للمسلمين في الديار السويسرية وفقا لما يقتضيه الإسلام من أخلاق ومبادئ تساهم في اندماجهم بصورة صحيحة ومتوازنة في المجتمع السويسري، وتعطي الصورة المثلى عن الإسلام والمسلمين كي يخرجوا مما أسماه بـ “قفص الإتهام” الذي وُضعوا فيه، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر التي صادفت ذكراها الثانية انعقاد ملتقى مسلمي سويسرا.
عبارة “الإندماج الإيجابي والفعال” وردت مرات عديدة في حديث السيد عبد القادر الذي أكد أن تغيير أوضاع المسلم في هذه الديار يبدأ بتحقيق التغيير أولا في نفسية المسلم، وأن مسؤولية التغيير تقع على عاتق كل فرد، وليس بصدفة اختيار شطر الآية الكريمة “حتى يغيروا ما بأنفسهم” شعارا للملتقى.
وفي هذا السياق، يقول رئيس الرابطة: “هذا الشعار موجه للجالية المسلمة في سويسرا وطبعا من خلاله نلتقي في صور للصحابة الكرام الذين تأثروا بشطر هذه الآية الكريمة فصاغوا للبشرية أفضل الدروس”.
واستشهد السيد عبد القادر بالخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي استحدث فرض كفالة اجتماعية لرجل نصراني من ذمة المسلمين. فبمثل هذه الصور، يؤكد رئيس رابطة مسلمي سويسرا، يمكن تحقيق الإندماج الصحيح في المجتمع السويسري أو الغربي عموما.
وأعرب السيد عبد القادر عن أمله في أن يخرج الإسلام والمسلمون “من دائرة الدفاع عن النفس إلى دائرة أرحب تتمثل في المشاركة بإيجابية في الحياة الإجتماعية السويسرية.
“نحقق الشعارات التي ترفعها سويسرا”
وفي هذا الصدد، جاء تدخل السيد جمال الخطيب، رئيس قسم الدعوة وعضو لجنة تحضير الملتقى الثالث عشر لمسلمي سويسرا.
السيد الخطيب الذي شارك في معظم الملتقيات منذ نشأة الرابطة، نوه إلى أن هذه الملتقيات “ليست بعيدة عن هموم الجالية أولا، ثم هي أصلا تحقق الأهداف والشعارات التي ترفعها الدولة السويسرية نفسها” في إطار سياسة إدماج الأجانب في المجتمع السويسري.
ويضيف السيد الخطيب أن الملتقى “ليس موجها للجالية المسلمة فقط وإنما يتوجه للجالية باعتبارها جزء من المجتمع لا بد أن تحقق التغيير في نفسها حتى تحقق التغيير داخل المجتمع باعتبارها أقلية مسلمة”.
وأشار السيد الخطيب في هذا الصدد إلى حرص الرابطة على الاحتفاظ بالتواصل الدائم مع السياسيين والإعلاميين السويسريين الذين تستدعيهم الرابطة أحيانا لتقديم محاضرات تتناول الواقع الاقتصادي والإجتماعي والسياسي.
وبالتالي، يستخلص السيد الخطيب أن رابطة مسلمي سويسرا تجتهد لبلوغ نفس الأهداف التي تشتغل عليها الدولة السويسرية في برامج إدماج الجاليات أو الأقليات في الكنفدرالية.
ويضيف السيد الخطيب أن هذه الملتقيات، التي وزعت إعلاناتها باللغة العربية بالإضافة إلى اللغات الفرنسية والألمانية والإيطالية، “لا تعتبر منعزلة عن الواقع ولا موجهة فقط للمسلمين لتزيد من عزلتهم، وإنما العكس هو الصحيح”.
وأصر السيد الخطيب على التذكير بأن هذا الملتقى هو المنشط الوحيد على المستوى الفدرالي الذي يتمكن من جمع أكبر عدد من المسلمين.
مقارنة مع الجوار الأوروبي؟؟
وكان حضور الدكتور أحمد جاب الله، نائب رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا والذي قدم من فرنسا لإلقاء محاضرات في الملتقى، فرصة لتكوين فكرة عن الفرق بين الجالية المسلمة في بلد صغير كسويسرا وفي بلدان أكبر مثل فرنسا.
فقد أوضح الدكتور جاب الله في البداية أن الجالية المسلمة في سويسرا ليست كبيرة العدد كما هو الشأن في فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا. ثانيا، “من حيث العمل الإسلامي، تعتبر الجالية حديثة نسبيا مقارنة مع بلاد أخرى وجد فيها النشاط الإسلامي منذ عقود عديدة”.
في المقابل، أوضح الدكتور جاب الله أن “هذه الفوارق لا تعني أن هنالك تباينا في الأوضاع والإهتمامات” لهذه الجالية أو تلك، مشددا على أن أوضاع المسلمين وتحدياتهم متقاربة جدا.
ولعل أبرز هذه التحديات، معادلة الإندماج الصحيح، التي يصفها الدكتور جاب الله بـ “غير المستحيلة لكن لا تخلو من صعوبة”.
ويقول في هذا الشأن: “في الغالب، يتجه الناس إلى أحد أمرين، إما المحافظة المؤدية إلى الإنعزال أو الانسحاب من المجتمع، أو باسم الإنخراط في المجتمع يذوبون ويفقدون كل خصوصية”.
ومن التحديات الكبيرة التي أشار إليها أيضا الدكتور جاب الله في حديثة مع “سويس انفو” القضاء على الصورة السلبية التي تكونت عن الإسلام والمسلمين في الغرب خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، والتي ربطت صورة الإسلام والمسلمين بـ”الإرهاب والعنف”.
وأعرب في هذا السياق عن اعتقاده أن هذه الأحداث الإرهابية ساهمت في “تأخير ما بذلته المؤسسات الإسلامية لإعطاء وجه آخر عن الإسلام، وجه ناصع ومنفتح”.
إصلاح بخات – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.