مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مشاركة سويسرية مـحـدودة لكنها نـوعـيـة

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لدى افتتاحه الدورة 39 لمعرض الجزائر الدولي يوم 1 يونيو 2006 Keystone

لم يتجاوز عدد الشركات السويسرية في الدورة 39 لمعرض الجزائر الدولي الذي انتظم من 1 إلى 8 يونيو الجاري .. ست شركات!.

السفارة السويسرية ركزت في شرحها للموقف على أن “المشاركة السويسرية نوعية أكثر منها كمية”، كما أنه يتضح من استعراض ما تقوم به كل واحدة من المؤسسات الست، أنها تغطي أهم أوجه النشاطات الاقتصادية.

تميّـز الجناح السويسري هذا العام، بانزوائه بعيدا عن ضوضاء عامة الناس والمتطفلين، بعد أن تبيّـن أن من لا علاقة له بعالم المال والأعمال والصناعة، لا يمكنه التسكّـع في جناح أشرفت على تنظيمه السفارة السويسرية وغرفة التجارة الجزائرية السويسرية.

غير أن قلة العدد لا تعني امتناع أهم شركة سويسرية من الحضور شبه الدائم في المعرض، ويُقصد بها هنا شركة “إي بي بي” المختصة في إنشاء وتركيب أهم مواقع التحكم الكهربائي والإلكتروني في العالم.

وفي تصريح خاص لسويس إنفو، أكّـد نبيل الشايب، الوكيل التقني والتجاري لـ “إي بي بي” في الجزائر، أن مؤسسته “ستعمل كل ما في وسعها لكسب زبائن جُـدد من القطاع الخاص، رغم أن الشركة تملك كلمة السبق لدى القطاع العام الجزائري”.

ويضيف نبيل الشايب: “لقد قمنا بالإشراف على مشاريع كثيرة للقطاع الخاص، ونملك القناعة التامة، أن بإمكان شركتنا العمل مع من نعتقد أنهم كثيرون في الجزائر، وهم مدراء المؤسسات الذين يهتمّـون بأفضل تكنولوجيات المراقبة الموجودة في السوق العالمية”.

ويبدو أن أمام فرع “إي بي بي” في الجزائر، فرص واعدة بسبب تزايد المؤسسات الجزائرية الخاصة التي تتعامل مع مؤسسات في الاتحاد الأوروبي، تموينا وإنتاجا، وبالتالي، فنشاطها مرهون باقتناء أفضل وسائل الإنتاج التي تضمن لهم تواصلا أكبر مع شركائهم في الخارج والداخل.

كما أن تعامل مؤسسات جزائرية كبرى في عالم النفط والإسمنت والمياه، من شأنه رفع أسهم شركة “إي بي بي”، بالإضافة إلى وجود شركات دولية مثل المصرية “أورساكوم”، التي تتعامل مع منتجات “إي بي بي” عالية الجودة كمسلمة لا يمكن تجاوزها.

شهرة المنتوجات السويسرية

في نفس السياق، أكّـد إبراهيم بودغن إسطمبولي، الأمين العام لغرفة التجارة والصناعة الجزائرية السويسرية لسويس إنفو بأن: “إي بي بي، ليست الوحيدة ضمن المؤسسات السويسرية المشاركة ممّـن يملك قدرة كبيرة على الإقناع، واسمح لي أن أشرح لك ما تقوم به المؤسسات الأخرى المشاركة”.

ويُضيف السيد إسطمبولي: “لديك أولا مؤسسة “بوساك شامبان”، المتخصصة في صناعة الوصلات على اختلاف أنواعها، بدءا بعالم السيارات ووصولا إلى دنيا الطيران. لقد فضل ممثل هذه الشركة الاستقرار في ولاية قسنطينة، 400 كلم شرق العاصمة، واختياره هذا ليس اعتباطيا، بل لأنه قريب من منطقة صناعية في غاية الأهمية، تحتاج إلى كميات هامة من الوصلات الصناعية”.

وفي حديثه لسويس إنفو، اهتم اسطمبولي بشكل خاص بشركة “إس جي إس”، المختصة في دراسة عمل المؤسسات ومنح شهادات الجودة المعترف بها عالميا، حيث يؤكّـد الأمين العام لغرفة التجارة السويسرية الجزائرية، “أن القطاع الخاص الجزائري، إن أراد تصدير ما لديه إلى بقية دول العالم، لا مناص له من استشارة “إس جي إس”، لأنها الصوت المسموع والموثوق به خارج الجزائر عن أي مؤسسة وطنية تنوي التصدير، بعد تحسين أدائها الإنتاجي والتنظيمي”.

وفي معرض حديثه عن باقي المؤسسات السويسرية، قال السيد أسطمبولي: “أنت تعرف أن السوق الجزائرية مليئة بالمنتجات السويسرية، بدءا بالساعات ومرورا بالشوكولاته والمنتجات الغذائية، ووصولا إلى النسيج، إلا أنني أريد الإشارة إلى شركة “سانجيرما” المتخصصة في الأبحاث الزراعية، ورغم أن لها سوقا عالمية ضخمة، إلا أنها مقتنعة بنجاحها في الجزائر، خاصة وأن منتوجها قد اكتسب شهرة لا بأس بها بين المختصين، بعد تجربته في الميدان”.

السوق السويسرية واعدة .. ولكن

وبطبيعة الحال، لفت انتباه المختصين استمرار شركة “بوهلر” على تقليدها في عدم ترك كرسي المعرض شاغرا، بل وتُـصرّ الشركة على خطأ القول بأن “زمان مصانع طحن القمح قد ولّـى، وأن على بوهلر الرحيل من الجزائر”، لأن العديد من المتعاملين الجزائريين الخواص، سيحتاجون إلى خبرة “بوهلر” في إقامة مصانع لغير طحن القمح والشعير وصناعة المعجنات، وهو ما بدأ العمل به في عرض مصانع حديثة للشوكولاته ومنتجات كثيرة أخرى.

وبعيدا عن معرض الجزائر الدولي، يبدو أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، يمارس في الوقت الحالي سياسة خاصة تُـجاه المؤسسات السويسرية العاملة في مجال النقل والسكك الحديدية، كي يجنّـبها متاعب الرشوة والبيروقراطية التي تعاني منهما الجزائر، إذ أمر بوتفليقة بمنح عقود مجزية لمؤسسة “ستادلر” السويسرية لصناعة مركبات النقل بالسكك الحديدية، حيث ستصنع الشركة السويسرية أربعا وستين مركبة يستعملها “ترامواي” الجزائر بعد مدة أقصاها أربعة أعوام.

وعلمت سويس إنفو أن بوتفليقة قد فهم رسالة الوزراء السويسريين الذين تعاقبوا على الجزائر، والمتمثلة في رفض أي منطق للرشوة، الذي قد ينجر عنه عزوف تام للشركات السويسرية عن الاستثمار في البلاد، وهو ما يعني آثارا دبلوماسية سيّـئة على السمعة الجزائرية.

وبالجملة، فإن السوق الجزائرية بالنسبة للسويسريين واعدة، غير أن دخولها صعب بسبب غلاء أسعار المنتجات السويسرية من جهة، ومن جهة أخرى ثقل خطوط التواصل ما بين رجال الأعمال من البلدين، ويبدو أن غرفة التجارة والصناعة الجزائرية السويسرية تقوم بالكثير، إلا أن كثيرا آخر ينبغي عمله، خاصة وأن مشكلة اللغة غير قائمة، حيث أن الجميع يحسن الفرنسية، مع غياب عامل مهم، وهو أن المتحدث السويسري بالفرنسية ليس وراءه ماض استعماري، فالعُـقَـد هنا غائبة، بل الأرجح أنها منعدمة.

هيثم رباني – الجزائر

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية