مشاكل الأجانب تحت سقف واحد
التأمت مؤخرا في مدينة زيورخ جلسات أول مجلس للأجانب فيها ينتظر أن يساهم بالأفكار والمقترحات في حل المشاكل التي يتعرضون لها في مجالات مختلفة.
ومع أن المجلس ليست له سلطات قوية أو قرارات نافذة، إلا أنه يعتبر أول حلقة وصل جدية بين السلطات والأجانب المقيمين في زيورخ بعد محاولات فاشلة استغرقت 3 عقود.
عقد مجلس الأجانب في زيورخ في 11 يناير الجاري أولى جلساته، بعد ثلاثين عاما من المحاولات المتكررة لتفعيل حلقة وصل تربط بشكل رسمي وجدي بين الأجانب المقيمين في المدينة والسلطات.
وقد برز اهتمام مختلف الجاليات الأجنبية بالمشاركة في هذا المجلس، من خلال العدد الكبير من الترشيحات التي وصلت إلى السلطات الإدارية حيث بلغت 114 طلبا في غضون بضعة اسابيع.
وقد وقع الاختيار في نهاية المطاف على 25 اسما لشخصيات تمثل 19 جنسية هي التركية والألبانية والعراقية والمغربية والصومالية والصربية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والبرتغالية والأمريكية والالمانية والسريلانيكية والهولندية والهندية، وصوت يمثل رعايا الجبل الأسود والكاميرون وتشيلي.
صياغة المشاكل وتقديم الحلول
وتتركز مهام هذا المجلس في صياغة المشاكل التي تعاني منها الجاليات الأجنبية في زيورخ، سواء في التعليم أو سوق العمل أو في الاندماج المباشر وغير المباشر مع المجتمع، ودراسة بعض الحلول الممكنة للقضاء عليها.
وفي البداية سوف يمر عمل المجلس، الذي سيكون رأيه استشاريا وصادرا في شكل توصيات إلى السلطات المعنية، بمرحلة تجريبية أولى (تستمر حتى عام 2007) يتم على إثرها تقييم الأداء ومدى تمكن أعضائه من تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها.
وفي حديث مع سويس انفو، قال بشير غبدون، العضو الصومالي في المجلس، إن الجالية الصومالية (يبلغ عددها في زيورخ حوالي 1200 شخص) مثل غيرها من الجاليات الأجنبية، لا سيما التي تبدو عليها الملامح الأوروبية في شكلها الخارجي، تأمل في أن يكون المجلس حلقة الوصل بين الجانبين، الأجانب والسلطات، على أن ينتقل هذا التفاعل إلى المجتمع.
ويضيف غبدون، المقيم في سويسرا منذ عام 1988، بأن من أهم الملفات التي سيقوم بطرحها أمام السلطات في زيوريخ، الوضعية القانونية للعديد من الصوماليين اللاجئين، والذين لم يتحدد مصيرهم حتى اليوم رغم مرور حوالي 10 سنوات على تقديمهم لطلبات حصولهم على حق الإقامة في سويسرا.
وعادة ما يؤدي هذا الوضع إلى نوع من عدم الاستقرار للأسر والعائلات، كما يخلق أجواء من عدم الثقة بين الجالية والمجتمع من ناحية، وداخل افراد الاسرة نفسها من ناحية أخرى، ويضيف: “إنه من المفارقات أن يحصل الأبناء على أوراق إقامة رسمية واحيانا على جوازات سفر سويسرية، بينما الآباء والأمهات يجلسون في ظل أوضاع غير واضحة”.
التعليم والعمل على رأس المشكلات
ويعتقد غبدون، الناشط في الوقت نفسه في “الجمعية الصومالية السويسرية في زيورخ”، أن وضع المشاكل المشتركة للأجانب بشكل موحد أمام السلطات المحلية في زيورخ سيعمل على النظر فيها بجدية، كما أن المقترحات التي سيتفق عليها المجلس لتقديمها كحلول ستسهل عمل السلطات في اتخاذ قرار بشأنها.
من جهة أخرى، لا يعتقد مُحاورنا بأن هناك تضاربا في اهتمامات الجاليات الأجنبية بسبب التنوع العرقي أو الديني، فالقاسم المشترك بينها هو رغبتها في تذليل العقبات التي تواجهها للاندماج بشكل أكبر في المجتمع، لا سيما لأبناء الجيل الثاني، الذين يعانون أكثر من غيرهم سواء تعلق الأمر بالتعليم أو بفرص العثور على شغل.
وفيما يمكن القول أن اهتمامات ممثلي الجاليات الأجنبية في زيورخ تتركز حول موضوعات محددة، تشمل التربية والشباب، والتعليم، والعمل، الرياضة وممارسة الأنشطة المختلفة، رأى اعضاء المجلس الجديد أن يتم التنسيق بينهم كل حسب اهتماماته بالمجال الذي يراه مناسبا له، والذي تعاني منه الجالية التي يمثلها بشكل أكثر من غيرها.
ومن المتوقع أن تكون المشاكل المرتبطة بالتعليم في مراحل الدراسة الرئيسية(تستمر في سويسرا 9 أعوام)، على رأس قائمة اهتمامات أعضاء المجلس، حيث أن نسبة كبيرة من الأطفال ليس لديها الفرصة لبدء حياتها الدراسية بشكل جيد، بسبب ضعف مستوى الوالدين في اللغة الألمانية.
لذلك ينتظر أن يطالب أعضاء مجلس الأجانب في زوريخ بضرورة دعم فصول تقوية للأطفال وبتنظيم ندوات توعية للأباء حول ظاهرة العنف في أوساط الشباب، وما يرتبط بها من شعور بعض الفئات بالإضطهاد أكثر من غيرها، مثلما يحدث مع أبناء البلقان على سبيل المثال.
آفـــاق جـديـدة
يُشار إلى أن فكرة مشاركة الأجانب في القضايا المتعلقة بهم في كانتون زيورخ تعود إلى عام 1975 عندما حاولت السلطات المحلية تشكيل “منتدى الأجانب”، إلا أن الناخبين السويسريين رفضوا الفكرة في استفتاء شعبي محلي نظم عام 1984، فردت بلدية زيورخ بتأسيس “لجنة شؤون الأجانب”، التي لم تكن ممثلة لجميع الطوائف العرقية المتواجدة في زيورخ، ثم تطورت الهيئة في عام 1998 إلى “اللجنة الثقافية للإندماج”، والتي اقتصر عملها على الجانب الثقافي في فعاليات محددة.
وعلى إثر ضغوط جماعية مارستها 270 جمعية ومنظمة تمثل الجاليات الأجنبية المتواجدة في زيورخ، ونجاح الجمعيات الإيطالية في عام 2002 في الحصول على وعد من سلطات مدينة زيورخ بمنح الأجانب “فرصة أكبر للتعبير عن مشاكلهم وهمومهم في تواصل جاد مع السلطات الرسمية”، أعلنت بلدية زيورخ في شهر مايو 2004 عن حل وسط يقضى بتشكيل مجلس الأجانب بشكله الحالي.
وبهذا التنوع العرقي الكبير سيشكل المجلس فرصة لتبادل الخبرات بين الجاليات الأجنبية العريقة في هذا المجال (كالإيطاليين والإسبان)، وبقية الأجانب الوافدين في الثمانينات والتسعينات (من البلقان والصومال والعالم العربي وإفريقيا وآسيا) الذين لا زالوا يبحثون عن المساواة حتى في الفرص التي حصل عليها غيرهم من الأجانب من قبل.
لذلك يتوقع المراقبون أن يفتح تشكيل المجلس آفاقا جديدة للجيل الثاني والثالث من الأجانب ويشددون على أنه حان الوقت كي تضم زيورخ، التي تعتز بأنها “مدينة عالمية ذات معايير متميزة”، أجانبها إليها بشكل أفضل.
تامر ابو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.