معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية التي أبرمت قبل 40 عاما
قبل أربعين عاما وقعت مصر وإسرائيل أول اتفاقية سلام بين الدولة العبرية ودولة عربية لتغير وجه العلاقات الدبلوماسية والعسكرية في الشرق الأوسط.
في 26 آذار/مارس 1979 تم إبرام معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية لتتوج اتفاقيات تم التوصل إليها العام السابق في قمة تاريخية في كامب ديفيد قرب واشنطن، بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن.
ووقعت المعاهدة في حفل أشرف عليه الرئيس الأميركي جيمي كارتر لتنهي ثلاثة عقود من الحرب والنزاع بين الدولتين الجارتين. ولا تزال المعاهدة سارية حتى الان.
فيما يلي خلفية عن المعاهدة:
– وساطة أميركية –
في تشرين الأول/أكتوبر 1973 شنت مصر وسوريا هجوما على إسرائيل بهدف إجبارها على إعادة أراض استولت عليها من البلدين في حرب 1967 والتي تشمل شبه جزيرة سيناء المصرية.
ورغم أن القوات المصرية والسورية أحرزت تقدما في البداية على الارض، إلا أن القوات الإسرائيلية تمكنت من صدها. ولكن النجاح الأولي لمصر في تلك الحرب عزز مكانة السادات على الساحتين الاقليمية والدولية.
وتدخلت الولايات المتحدة – التي كان السادات يسعى إلى التقارب منها – لإجبار إسرائيل على الانسحاب الجزئي من سيناء.
في تشرين الثاني/نوفمبر 1977 توجه الرئيس المصري إلى القدس لإجراء محادثات سلام، ليصبح أول رئيس عربي يزور الدولة العبرية.
وتوجت رحلته بعد عام بالتوصل إلى اتفاقيات كامب ديفيد بوساطة الولايات المتحدة، والتي وقعها السادات وبيغن في أيلول/سبتمبر 1978، وتنص على التوصل إلى معاهدة سلام بين البلدين خلال ثلاثة أشهر.
– المعاهدة “المعجزة” –
بعد أن مرت ثلاثة أشهر دون التوقيع رسمياً على معاهدة سلام، قرر بيغن تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما تنص عليه اتفاقات كامب ديفيد.
ولإنقاذ معاهدة السلام زار كارتر البلدين.
وأثمرت جهوده. ووقع بيغن والسادات على المعاهدة في 26 آذار/مارس خلال مراسم استغرقت عشر دقائق في البيت الأبيض وحضرها نحو الفي شخصية بارزة.
وقال كارتر الذي وقع على المعاهدة بوصفه شاهدا “لقد ربحنا أخيرا خطوة أولى باتجاه السلام، وخطوة أولى على طريق طويل وصعب .. وعلينا عدم التقليل من شأن العقبات التي لا تزال تقف أمامنا”.
وأشاد السادات بكارتر ووصفه بأنه “الرجل الذي صنع المعجزة”.
والتصريح الوحيد المثير للجدل جاء من بيغن الذي أعرب عن أمله في “توحيد” القدس التي استولت إسرائيل على القسم الشرقي منها في حرب 1967 والتي لا يزال يدور حولها خلاف حساس.
– إنهاء 30 عاما من الحرب –
أصبحت مصر أول دولة عربية توقع اتفاق سلام مع إسرائيل التي كانت في حالة حرب مع القاهرة وغيرها من الدول العربية منذ تأسيسها في 1948.
وأدت المعاهدة إلى استعادة مصر لشبه جزيرة سيناء في 1982 وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية التي كانت مقامة عليها.
وبالمقابل قدمت مصر لإسرائيل إنهاء العداوات وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية معها.
ونصت المعاهدة على العبور الحر للسفن الإسرائيلية في قناة السويس، وعلى أن يكون مضيق تيران وخليج العقبة ممرين دوليين.
– غضب في العالم العربي-
أغضبت المعاهدة العالم العربي الذي اعتبر أنها أخرت مصر من الصراع مع اسرائيل، وقوضت وحدة الموقف العربي.
ووصف العرب المعاهدة بأنها خيانة تضرب حقوق الفلسطينيين.
وعلى الفور عُلّقت عضوية مصر في الجامعة العربية التي نُقل مقرها من القاهرة إلى تونس. واستدعت معظم الدول العربية سفراءها من القاهرة وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها.
وكذلك واجه السادات انتقادات واسعة في بلاده. وبعد ثلاث سنوات اغتاله متطرفون مصريون.
– “سلام بارد”-
ترتبط مصر وإسرائيل حاليا ب”سلام بارد”، أي أن بينهما علاقات دبلوماسية رسمية وتعاونا أمنيا، بينما الشعب المصري لا يزال معاديا لإسرائيل.
إلا أن المعاهدة صمدت في وجه النزاعات الإقليمية من بينها الحروب في لبنان (1982 و2006)، والانتفاضتان الفلسطينيتان (1987 و2000) ومفاوضات السلام الفاشلة بين إسرائيل والفلسطينيين.
كما مكّنت معاهدة السلام مصر من الاستفادة من مساعدات اقتصادية وعسكرية أميركية كبيرة.