معركة جديدة حول المُستقبل الأوروبي لسويسرا
أعربت وزيرة الخارجية السويسرية مؤخرا عن اعتقادها أنه من الخطأ الربط بين الخلاف الضريبي مع الاتحاد الأوروبي وملف حرية تنقل الأشخاص.
وبعد مطالبتها بفتح جولة جديدة من المفاوضات مع بروكسل، انتقدت ميشلين كالمي – ري موقف زعيم معارضة اليمين المتشدد السويسري، كريستوف بلوخر.
بعد انقضاء فترة العطل وعودة الجميع إلى مواقعه، يبدو أن المواجهة حول السياسة الأوروبية لسويسرا قد انطلقت مُجددا بالفعل. ففي حديث مع صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” الصادرة في زيورخ يوم الأحد 20 يناير الجاري، صرحت وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري: “لا يمكننا ببساطة عدم القيام بأي شيء”.
ومثلما عبرت عن ذلك في خطاب ألقته يوم الخميس 17 يناير الجاري في منتدى انعقد في مدينة انترلاكن (كانتون برن)، أكدت الوزيرة رغبتها في فتح جولة مفاوضات مع بروكسل حول ملفات جديدة.
وأضافت السيدة كالمي – ري في تصريحاتها لصحيفة الأحد: “إن الاتحاد الأوروبي يواصل تطوره بينما تظل الاتفاقيات الثنائية ساكنة”. ولئن كانت الوزيرة على قناعة بأن الأولوية الأولى تظل ضمان تلك الاتفاقيات المُبرمة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي، فإنها جددت الحديث عن فكرة تحسين بُنيان العلاقات بين برن وبروكسل بواسطة اتفاق – إطار أو شراكة.
وترى السيدة كالمي – ري أن نهج الاتفاقيات الثنائية بين الجانبين لا يمكن أن يستمر إلا إذا تم الحفاظ على خيار حرية التنقل، وبالتالي فهي تعتقد أن تنظيم استفتاء شعبي في سويسرا حول هذا الموضوع سيكون من قبيل “المجازفة الخطرة”.
بـلوخر يُكرر اتهـامـاته
وهذا بالضبط هو التهديد الذي رفعه وزير العدل والشرطة السابق وزعيم حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) كريستوف بلوخر يوم الجمعة 18 يناير الجاري خلال الاجتماع التقليدي لفرع الحزب في زيورخ في ألبيسغوتلي.
فحسب بلوخر، لا يكتسي توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص مع البلدين الجديدين في الاتحاد الأوروبي، رومانيا وبلغاريا، “أهمية كبرى” بالنسبة للاقتصاد السويسري. وفي رد على أسئلة صحافة يوم الأحد، أعرب الوزير السابق عن اعتقاده أن سويسرا تستقبل “ما يكفي من العمال الأجانب دون (الحاجة إلى إقرار) حرية التنقل”.
وكان بلوخر قد صرح خلال اجتماع يوم الجمعة الماضي أن حزبه سيحارب توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص للعضوين الجديدين في الاتحاد في حال رفض مقترح حزبه الداعي إلى إقرار مهلة خمس سنوات إضافية للمرحلة الانتقالية للإتفاق.
وكرر بلوخر في تصريحات أدلى بها إلى صحيفتي “نويه تسورخر تسايتونغ” و”سونتاغس بليك”، أن حزبه سيطلق استفتاء شعبيا إذا ما لم يقبل الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي السيادة الضريبية السويسرية كما هي.
المزيد
الاستفتاء
ربطٌ “ضال” حسب وزير المالية
وهو موقف تنتقده ميشلين كالمي – ري التي تعتقد أن رفع سلاح الاستفتاء ضد توسيع حرية تنقل الأشخاص وربط هذا الأخير بالخلاف الضريبي القائم مع الاتحاد الأوروبي هو بمثابة “تسجيل سويسرا لهدف في مرماها”.
ومن جانبه، وصف وزير المالية هانس – رودولف ميرتس في حديث مع صحيفة “سونتاغس تسايتونغ” الربط بين حرية تنقل الأشخاص والخلاف الضريبي بـ”الضال”. وقال في هذا السياق: “بهذا التصرف، سيثير السيد بلوخر ما يريد تفاديه، أي (إجراء) مفاوضات بين سويسرا والاتحاد الأوروبي حول الملف الضريبي”
ويذكر أن السفير السويسري الجديد لدى بروكسل، جاك دو فاتفيل، نوه يوم الجمعة 18 يناير الجاري، بمناسبة عقد مؤتمره الصحفي الأول في بروكسل، إلى أن رئيس المفوضية الأوروبية خوسي مانويل باروسو “يريد رؤية نتائج” في هذا الملف.
المزيد
الاتفاقيات الثنائية
“أمر ملح” حسب سفير الاتحاد
وبينما ستفتتح جولة ثانية من المحادثات بين سويسرا والاتحاد الأوروبي حول الخلاف الضريبي يوم الأربعاء 23 يناير، دعا سفير الاتحاد الأوروبي في برن، ميكاييل ريترير، سويسرا إلى إيجاد حل لتسوية هذا الملف الشائك.
ويذكر أن الخلاف بين الجانبين حول الامتيازات الضريبية الممنوحة للشركات الأجنبية في بعض الكانتونات السويسرية يتواصل منذ عدة أشهر. ورغم رفض برن التفاوض حول هذه النقطة، فقد بدأ الجانبان محادثات “تقنية” في شهر نوفمبر الماضي، وسيلتقيان مجددا يوم الأربعاء المقبل في بروكسل.
وفي تصريح لصحيفة “سونتاغ”، وصف ريترير تسوية هذا الملف بالأمر “الملح”، موضحا أن بروكسل ستقدم اقتراحات خلال المحادثات القادمة مع برن. وذكر الدبلوماسي الأوروبي أنه تم بعد إيجاد حلول داخل الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالسياسة الضريبية الممارسة من قبل كل من أيرلندا واللوكسمبورغ.
وفي هذا السياق، أضاف في تصريح لإذاعة سويسرا الرومانـدية (الناطقة بالفرنسية) يوم الأحد 20 يناير الجاري: “نحن لا نتدخل في الشؤون السويسرية. لكنه يمكن لسويسرا أن تتقدم بمقترح يحترم نظامها (الضريبي) الخاص”.
وفيما يخص تهديدات حزب الشعب السويسري بطرح استفتاء شعبي حول الموضوع، شدد سفير الاتحاد الأوروبي على أنها تأتي من حزب “لا يمثل سوى 30% من الناخبين، فما يهمني هو رأي 70% المتبقية”.
المزيد
حرية تنقل الأشخاص
سويس انفو مع الوكالات
هي جزء من حزمة الاتفاقيات الثنائية الأولى المُبرمة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي التي صادق عليها الشعب السويسري في تصويت شعبي في عام 2000.
دخل الاتفاق حيز التطبيق يوم 1 يونيو 2002 مع الدول الخمسة عشر “الأولى” الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
في سبتمبر 2005، وافق الشعب على توسيع هذا الاتفاق ليشمل الدول العشر الجديدة في الاتحاد (استونيا، ليتوانيا، لاتفيا، هنغاريا، بولونيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، تشيكيا، مالطا، قبرص) التي انضمت الى الاتحاد الأوروبي في 1 مايو 2004.
مازال توسيع الاتفاق إلى كل من رومانيا وبلغاريا، اللتين انضمتا إلى الاتحاد في 1 يناير 2007، في مرحلة النقاش.
تنتهي صلاحية اتفاق حرية تنقل الأشخاص المبرم مع الاتحاد الأوروبي في نهاية 2008. وبينما سيمدده الاتحاد الأوروبي ضمنا، ستقوم سويسرا بتمديده بواسطة قرار فدرالي قابل للطرح في استفتاء شعبي.
في سبتمبر 2005، انتقدت المفوضية الأوروبية كتابيا السياسة الضريبية في كانتوني تسوغ وشفيتز.
حسب الاتحاد الأوروبي، تنتهك الامتيازات الضريبية التي تمنحها بعض الكانتونات للشركات الأجنبية المستقرة في سويسرا اتفاق التبادل الحر المبرم بين الجانبين في عام 1972.
من جهتها، تعتقد سويسرا أن تلك الامتيازات لا علاقة لها باتفاق 1972، وأنها تدخل ضمن صلاحيات الكانتونات وليس الكنفدرالية.
ويمكن تلـخيص الموقف السويسري في هذا الملف إزاء مطالب بروكسل بـ: “نعم للنقاش، لا للتفاوض”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.