معضلة غلاء الأدوية في سويسرا
كشفت دراسة مقارنة جديدة لرابطة شركات التأمين الصحي في سويسرا "santésuisse" أن أسعار الأدوية في الكنفدرالية أغلى بنسبة تصل إلى 34% مقارنة مع الدول المجاورة.
وتطالب الرابطة التي أدانت بشدة هذا الغلاء أن تتخذ الحكومة في أقرب أجل الإجراءات اللازمة لتصحيح ذلك الفرق الذي يقدر بـ600 مليون فرنك في العام!
“الحاجة مُلحة لإيجاد مقاربة جديدة: السويسريون يدفعون غاليا جدا ثمن أدويتهم”. هذا هو عنوان البيان الصادر عن رابطة شركات التأمين الصحي السويسرية “santésuisse” يوم الأربعاء 20 أبريل في زيورخ.
البيان تضمّن أبرز نتائج الدراسة المقارنة الجديدة التي قامت بها الرابطة مؤخرا والتي أوضحت أن أسعار الأدوية في سويسرا أغلى بكثير من ألمانيا والنمسا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا.
وتأتي هذه الدراسة لتؤكد الاستنتاجات التي توصل إليها مراقب الأسعار في الكنفدرالية في التحقيق الذي نشره في شهر مارس الماضي، والذي كشف فيه أن السويسريين يؤدون ثمن أدويتهم بنسبة ترتفع بمعدل 19% مقارنة مع نظرائهم الألمان.
وتـُظهر الدراسة المقارنة الجديدة -التي شملت الأدوية المائة الأكثر رواجا في سويسرا- أن هذه الأدوية تُباع للمستهلك المحلي بثمن يفوق بنسبة قد تتجاوز الثلث مقارنة ما يدفعه المرضى في الدول المجاورة.
فقد استنتجت المقارنة أن السعر عند الإنتاج (في المصنع) يقل بنسبة 35% في النمسا، وبـ30% في إيطاليا، و27% في فرنسا، و26% في بلجيكا و155 في ألمانيا.
وتصبح هذه الفوارق أكثر وضوحا لدى مقارنة الأسعار العامة للأدوية المائة، أي سعر المصنع زائد تكاليف التوزيع (لكن دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة والتخفيضات والرسوم بأنواعها). وتتراوح الفوارق في السعر على هذا المستوى بين 18 و38%.
محاولة الضغط على الصناعة الصيدلية
رابطة “Santésuisse” تعتقد أن المقارنة الدولية توضح إمكانية تحقيق توفير هام في مجال الأدوية. ويقول في هذا السياق السيد كريستوفر براندلي، رئيس الرابطة ونائب حزب الشعب السويسري (اليميني المتشدد) “ظلت الصناعة الصيدلية تتمتع بالحماية لحد اليوم. لكن أصبح يتعين عليها الآن أن تـُقدم مساهمتها في خفض تكاليف الصحة”.
ويعتقد السيد براندلي أن تلك المساهمة باتت ملحة خاصة أن أسعار الأدوية لم تكف عن الارتفاع خلال السنوات القليلة الماضية، رغم أن محتواها ظل مستقرا.
وترى “santésuisse” أن ذلك يثبت أن ارتفاع التكاليف التي تتحملها شركات التأمين في مجال الأدوية – إذ قفزت الفاتورة الإجمالية بنسبة الثلث خلال أربع سنوات لتصل إلى 3,9 مليار فرنك- ناجم بالفعل عن الأسعار.
دعوة السلطات إلى تحرك سريع
هذا الغلاء دفع رابطة شركات التأمين الصحي السويسرية إلى مطالبة المكتب الفدرالي للصحة العمومية بخفض أسعار الأدوية الموجودة ضمن لائحة العقاقير التي يتم تعويضها من قبل شركات التأمين الصحي والتي انتهت مدة حماية حقوق براءة اختراعها بنسبة 25% على الأقل. أما الأدوية التي مازالت محمية، فتطالب الرابطة بخفض سعرها بنسبة 15%.
ويشدد مارك-أندري جيغر، مدير الرابطة على أن هذا الإجراء، “إذا ما تم تعميمه على مستوى الأسعار الأوروبية، قد يسمح بتوفير 600 مليون فرنك في العام وبخفض معدل أقساط التأمين الصحي بنسبة 3%”.
وتقترح الرابطة على وجه التحديد تطبيق مراقبة دورية لأسعار وفائدة وفعالية الأدوية التي مازالت محمية من أجل تصحيحها عند الحاجة، وكذا الأخذ بعين الاعتبار الأسعار المعتمدة في الدول الأقل غلاء والترويج لتصنيع وتسويق الأدوية البديلة (جينيريك).
وتجدر الإشارة إلى أن الأدوية في سويسرا تمثل حاليا زهاء 25% من النفقات الصحية للسكان. وتُذكر رابطة شركات التأمين الصحية أن تلك النفقات لا تكف عن الارتفاع.
“هجوم مثير للسخرية”
لكن جمعية الدفاع عن مصالح الصناعة الصيدلية السويسرية “أنتيرفارما” وصفت هجوم رابطة “santésuisse” بـ”المثير للسخرية”، كما شككت في البلدان التي اختارتها الرابطة لإنجاز دراستها المقارنة.
وفي تصريح لصحيفة “لوتون” الصادرة بجنيف باللغة الفرنسية (نسخة الخميس 21 أبريل 2005)، قال توماس كويني، الأمين العام لجمعية “أنتيرفارما”: “تمت المقارنة مع دول تنتهج سياسات مختلفة تماما عن سياستنا ولا تتوفر على صناعة صيدلية. إن كانت الشركات الأجنبية تهتم بالاستقرار في بلدنا وإنشاء فرص عمل، فلأننا حافظنا على توازن جيد بين سياسة الصحة والسياسة الصناعية، ولأننا نحترم شهادات براءة الاختراع. نحن مستعدون للتفكير في إجراءات لخفض الأسعار، لكن ليس بأية طريقة”.
وكانت “أنتيرفارما” قد اقترحت في شهر فبراير الماضي –بالتعاون مع رابطة شركات التأمين الصحي السويسرية- إلغاء تعويض التأمين الصحي لعدد من الأدوية. وقد أعرب السيد كويني عن استعداد جمعية “أنتيرفارما” أيضا للنظر في سعر الأدوية التي لم تعد محمية بحقوق براءة الاختراع. لكن هل هذا الإجراء كاف؟
يوضح المتحدث باسم المكتب الفدرالي للصحة العمومية جون دوفالدر في تصريح لصحيفة “لوتون” أن لائحة تلك الأدوية مازالت تحت الدراسة، سواء على مستوى تركيبتها أو من زاوية الأسعار. ويضيف السيد دوفالدر أن عناية خاصة أوليت للأدوية التي طُُرحت في السوق قبل أكثر من 15 عاما والتي لا يوجد لها لحد الآن أدوية بديلة.
وفي كل الأحوال، تفسر إعادة النظر الجارية في أسعار وتركيبة الأدوية كثرة المبادرات الهادفة إلى تخفيف الحمل عن كاهل شركات التأمين الصحي والمستهلك في سويسرا. وبهذا الصدد، أعرب الأمين العام للشركة السويسرية للصيادلة مارسيل ميسنيل، في لقاء مع صحيفة لوتون (عدد يوم الخميس دائما) عن دعم مثل تلك المبادرات حيث قال: “نحن ندعم المجهودات الرامية إلى خفض الأسعار التي نؤديها لشراء الأدوية، وخاصة تلك الهادفة إلى اعتماد شفافية أكبر حول مكونات تلك الأسعار. ونحن نلتزم بالمشاركة في الجهود التي تشجع وصف الأدوية الأقل تكلفة”.
سويس انفو – إصلاح بخات
تطالب رابطة شركات التأمين الصحي السويسرية الحكومة بتخفيض سعر الأدوية التي انتهت مدة حماية حقوق براءة اختراعها بنسبة 25% على الأقل.
أما الأدوية التي مازالت محمية، فتطالب الرابطة بتخفيض أسعارها بنسبة 15%.
وتقترح الرابطة أيضا بالإقدام دوريا على إعادة التحقيق في سعر وفعالية كافة الأدوية التي تقوم شركات التأمين الصحي بتعويض المرضى عن تكاليفها، كما تطالب بتعديل تلك الأسعار إن تطلب الأمر ذلك.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.