مقاربة جديدة في جنيف لتحريك ملف دارفور
اختتمت في جنيف محادثات تشاورية حول دارفور بمشاركة ممثلي بلدان مجاورة للإقليم، تحت إشراف المبعوث الخاص لكل من الأمم المتحدة يان إلياسون، والإتحاد الإفريقي سليم أحمد سليم.
ويهدف اللقاء، الذي تم بدون مشاركة الأطراف السودانية من حكومة ومنشقين، إلى تسهيل عملية السلام بإشراك أكبر قدر ممكن من الدول المجاورة والدول الفاعلة وممثلي المجتمع المدني. وتزامنت تلك المحادثات مع تقديم المقررة الخاصة حول السودان في مجلس حقوق الإنسان لتقرير أثار جملة من الانتقادات.
أسفرت المشاورات التي تمت في قصر الأمم في جنيف ما بين 17 و18 مارس الجاري، تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة لدارفور يان إلياسون، والاتحاد الإفريقي سليم أحمد سليم، عن “الحصول على دعم هام للمسار السلامي في دارفور”، حسب تعبير السيد إلياسون.
وانعقدت هذه المحادثات التي تمت بدون مشاركة ممثلي الحكومة السودانية وممثلي الأطراف المنشقة، على مرحلتين: الأولى شملت ممثلي الدول المجاورة لدارفور، أي تشاد ومصر وأريتريا وليبيا، قبل أن تمتد لمشاركة ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوربي وبعض المنظمات الدولية.
تعدد الشركاء
ويرى ممثل الاتحاد الإفريقي لدارفور السيد سليم أحمد سليم أن أهم ما تم التوصل إليه في هذين اليومين من المحادثات هو “توسيع رقعة الشركاء المهتمين بتسهيل مسار السلام”.
وفي شرحه لما يعنيه ذلك عمليا، عدد ممثل الأمم المتحدة السيد يان إلياسون جملة من الأهداف: الحصول من الدول الفاعلة على دعم هام للمسار السلامي، وتسهيل العلاقات بين تشاد والسودان، والحصول على دعم لوقف الاشتباكات، ودعوة لإشراك ممثلي المجتمع المدني وشيوخ القبائل في المسار السلامي؛ وهو ما أطلق عليه السيد سليم عبارة “تعدد الشركاء المنخرطين في المسار السلامي”.
محادثات عن دارفور بدون مشاركة السودانيين!
في إجابة عن سؤال لسويس إنفو عن كيفية إنجاح محادثات حول دارفور بدون مشاركة المعنيين بالأمر من حكومة سودانية ومنشقين، أوضح السيد يان إلياسون أن “الاجتماع كان تشاوريا مع الشركاء الإقليميين، وأن ممثل الاتحاد الإفريقي سليم أحمد سليم سيتوجه يوم الأربعاء إلى العاصمة السودانية لإطلاع حكومة الخرطوم على النتائج على أن يبلغ الحركات المسلحة في دارفور فيما بعد بنفس النتائج”.
ولكن عدم حضور الممثلين السودانيين يعود أيضا لتعذر جمع المنشقين مع ممثلي الحكومة السودانية.
وعن أسباب تحول قضية دارفور إلى أزمة مزمنة رغم هذا الاهتمام الكبير للمجموعة الدولية ولوسائل الإعلام بها، عدد المسؤولان الأممي والإفريقي الانقسام الذي تعرفه الجماعات المنشقة بل حتى بعض الفصائل المشاركة في الحكومة السودانية.
وقال السيد إلياسون في هذا السياق: “إننا نشتغل مع خمسة فصائل مختلفة، إثنتان منها مناصرة للمسار السلامي، والثالث يطالب بمزيد من الوقت، بينما يضع الفصيلان الآخران شروطا مسبقة مثل ضمان الظروف الأمنية ونزع أسلحة ميليشيا الجنجويد”.
ويعتقد السيد إلياسون أن “الإسراع بنشر القوات الهجينة الأممية والإفريقية يعتبر إشارة قوية تقدمها المجموعة الدولية لإظهار التحسن الأمني في المخيمات”.
لكن ممثل الإتحاد الإفريقي السيد سليم أحمد سليم أعربه عن استغرابه متسائلا “كيف يمكن إرسال قوات سلام قوية في الوقت الذي يتعذر فيه حصول الأمم المتحدة على 26 طائرة هيلكوبتر من بين آلاف الطائرات المتوفرة في العالم”.
وقد عبر الممثلان الأممي والإفريقي عن الأمل في استئناف المفاوضات السلامية بين الحكومة السودانية والمنشقين في أقرب وقت بدون تحديد موعد لذلك.
تحميل الطرفين المسؤولية
موضوع دارفور كان أيضا محط نقاش داخل مجلس حقوق الإنسان بعد ظهر الاثنين 17 مارس حيث قدمت المقررة الخاصة المكلفة من قبل المجلس بمتابعة وضع حقوق الإنسان في السودان، الأفغانية سيما سمر، تقريرا حملت فيه كلا من الحكومة والمنشقين مسؤولية استمرار انتهاك حقوق الإنسان في دارفور.
وأوضحت السيدة سمر أمام المجلس بأن “كلا من الحكومة والمنشقين أخلى بمسؤولياته المتمثلة في حماية المدنيين في المناطق الواقعة تحت إشرافه وواصل ارتكاب الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”.
وقد انتقدت المقررة سمر الوضع خصوصا بعد الهجوم العسكري الذي تم في غرب دارفور، بحيث قالت إنها توصلت بمعلومات عن وقوع عمليات قتل واغتصاب واعتقالات تعسفية”. وفي انتقاد مباشر للحكومة السودانية، أوضحت بأن “القوات السودانية والميليشيات المدعمة بالطائرات هاجمت قرى سيربا وسيليا وأبو سروج ملحقة أضرارا كبيرة، كما أدت الى مقتل أكثر من 100 شخص”.
وأشارت السيدة سمر أيضا إلى “اختفاء 19 شخص من قبيلة المساليت بعد توقيفهم من قبل جيش تحرير السودان عقب هجوم مسلح على قرية جريدة”. كما ناشدت السلطات السودانية من أجل القيام بتحقيق وتعريض الجناة للعقاب.
لكن المقررة الخاصة رحبت بالمعلومات التي قدمتها الحكومة السودانية بخصوص الإجراءات الرامية للحد من العنف الممارس ضد المرأة في دارفور داعية إلى مواصلة الجهود من أجل محاربة الإفلات من العقاب.
انتقاد تقرير السيدة سمر
في رده على التقرير، عبر رئيس الوفد السوداني ونائب وزير العدل عبد الدايم زمراوي عن استغرابه لحديث التقرير عن اعتقال سيدات بسبب “عجزهن عن دفع ثمن المهر”؛ وهو ما انتقده ممثل الجزائر بقوله “إن على السيدة سيما سمر بحكم أصلها ( الأفغاني) أن تعرف ان المهر يدفع الرجل ثمنه وليست المراة”.
كما انتقد الوفد السوداني كون الملخص المُقدم عن التقرير تضمن مقاطع غير موجودة في التقرير الرئيسي، واستغرب لكون التقرير تحدث عن حالات تعذيب بدون تقديم أسماء.
وكانت المقررة الخاصة قد عبرت عن الأسف لكون السلطات السودانية لم تسمح لها بزيارة المناطق الشمالية للوقوف على الانتهاكات الناجمة عن بناء سدود في وادي النيل مطالبة السلطات بتسليط كل الضوء عن سقوط ضحايا في مظاهرات كجبار وعمري في عامي 2006 و2007.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
الخرطوم (رويترز) – طالبت جماعة متمردة قوية من دارفور يوم الاحد 16 مارس بمحادثات مباشرة مع الحكومة السودانية قائلة إنها القوة المتمردة الوحيدة الباقية القادرة على الاستمرار في المنطقة التي تمزقها الحرب.
وقال خليل ابراهيم، زعيم حركة العدل والمساواة، إن المحادثات يجب ان يتوسط فيها الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي أنان وأن المحادثات يجب أن تتطرق إلى ما يتجاوز دارفور لتغطي المناطق “المهمشة” في أرجاء السودان.
ومن المتوقع أن تغضِـب دعوة حركة العدل والمساواة قادة فصائل دارفور الأخرى، الذين يزعمون أن لهم تأييدا كبيرا في غرب السودان النائي.
وهذه أيضا ضربة اخرى لجهود السلام الحالية المتعثرة، التي سعت الى ضم جماعات عديدة منشقة للمتمردين الى جانب الجماعات النسائية ومنظمات مدنية اخرى للمفاوضات.
وقال إبراهيم “حركة العدل والمساواة مستعدة للمحادثات في طرابلس (عاصمة ليبيا)، ولكنها يجب ان تكون محادثات مباشرة مع الحكومة السودانية”.
وقال لرويترز “ونريدهم أن يتعاملوا مع مشاكل المناطق المهمشة عبر كل السودان، وليس في دارفور فحسب، والتعامل مع منطقة ثم التحرك الى المنطقة التالية، يطيل المعاناة”.
وكان ابراهيم يتحدث قبل يوم من اجتماعات غير رسمية في جنيف بين وسطاء جهود السلام الحالية – الامم المتحدة والاتحاد الإفريقي – وممثلي دول مشاركة فيها كمراقبين و”شركاء إقليميين”.
ويأمل يأن الياسون، مبعوث الامم المتحدة لدارفور ونظيره من الاتحاد الافريقي سالم احمد سالم انهاء صراع دارفور بالمفاوضات التي بدأت في مدينة سرت الليبية في اكتوبر الماضي.
غير أن الاجراءات تداعت بعد أن قاطعت حركة العدل والمساواة وأجهزة المتمردين البارزة الاخرى المحادثات. ويسعى الياسون وسالم الى اقناع الجماعات المتمردة بترتيب جولة جديدة من المفاوضات منذ ذلك الحي،ن ولكن حتى الان لم توافق سوى حفنة من الفصائل.
وقالت حركة العدل والمساوة مبدئيا، إنها ستشارك إذا ما انضمت إليها جماعتان متمردتان أخريتان على مائدة المفاوضات، ولكن ابراهيم قال يوم الاحد، إنه لن تشارك جماعات اخرى “اللاعبون الرئيسيون في دارفور، هم حركة العدل والمساواة، ليس هناك في واقع الامر جماعات اخرى في دارفور الى جانب العدل والمساواة”.
ويعتقد أن حركة العدل والمساواة لها أكبر قوة عسكرية من المتمردين في دارفور وزادت مكاسبها في الاشهر الاخيرة خلال سلسلة من الاشتباكات مع القوات الحكومية، ولكن الجماعات الاخرى، ولاسيما فصيل جيش تحرير السودان، الذي يقوده مؤسسه عبدالواحد محمد احمد النور، يحظى بدعم كبير بين النازحين في دارفور.
وقال ابراهيم، ان المناطق الاخرى ستشمل كردفان المجاورة، حيث اشتبكت حركة العدل والمساواة مع قوات الحكومة في العام الماضي وشرق البلاد الذي انتهي فيها تمرد محدود ضد الحكومة في عام 2006.
وأضاف، أنه ايضا ليس سعيدا بفريق التفاوض الحالي المكون من فردين، قائلا “إن شخصا واحدا يتعين أن يكون هو المسؤول، ومن الافضل أن يكون هو كوفي أنان.
ورفض متحدث باسم فريق التفاوض المكون من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي التعليق على مقترحات حركة العدل والمساواة.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 مارس 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.