مقاومة الإرهاب وتعزيز الأمن الداخلي
أعلنت وزيرة العدل والشرطة روت متزلر في مؤتمر صحفي صباح الخميس "برنامج حماية الأمن الداخلي في سويسرا" ومواصلة التعاون مع المجتمع الدولي في الحرب ضد الإرهاب.
أكدت السيدة ميتزلر خلو سويسرا من أية قواعد ثابتة لجماعات إرهابية، إلا أن هذا لا يمنع – حسب قولها – أنه يمكن لبعض أعضاء هذه الجماعات أو المتعاطفين معها استخدام البنية التحتية السويسرية في أنشطتها أو التنقل عبرها إلى دول أخرى.
وفي رد على سؤال لسويس انفو حول كيفية تحديد المنظمات الإرهابية من وجهة النظر السويسرية، أشار رئيس دائرة الاستخبارات اورس فون داينيكن أن المنظمة الإرهابية الوحيدة المحظورة في سويسرا هي “تنظيم القاعدة”. أما الجماعات الأخرى المشتبه فيها أو التي يمكن وصفها بالإرهابية ويتواجد لها مؤيدون في سويسرا، فتوضع تحت المجهر وتراقب عن كثب وتستوي في ذلك مختلف الجماعات بغض النظر عن توجهاتها السياسية أو الدينية مثل حزب العمال الكردستاني أو منظمة ايتا الباسكية أو الانفصاليين التبت.
قائمة طويلة.. وسويسرا ليست مستهدفة!
وفي تصريح خاص لسويس انفو، أوضح السيد فون داينيكن “أن قائمة الأشخاص الممنوعين من دخول سويسرا أصبحت تضم الآن عددا غير قليل من الأسماء من العالمين العربي والإسلامي، سواء من تعتبرهم سويسرا عناصر خطرة على الأمن أو من المطلوبين للمثول أمام العدالة الدولية”. وأضاف “يحق لسويسرا رفض دخول هؤلاء الأشخاص باعتبارهم يشكلون خطرا على الأمن العام كما يمكن أيضا أن تلقى السلطات القبض عليهم، وهذا يختلف من حالة إلى أخرى”.
ولحساسية الأوضاع الراهنة واشتراك سويسرا في الجهود الدولية لكشف خيوط الشبكات المشبوهة، أوضح السيد فون داينيكن “يحق للسلطات مراقبة المشتبه فيهم طالما تواجدوا في أماكن عامة” مؤكدا أن هذه المراقبة “تتوقف حال دخول الشخص إلى مكان خاص”. ولكنه في الوقت نفسه لم يخف رصد المكالمات الهاتفية التي تأتي إلى سويسرا من بلدان مثل باكستان وأفغانستان، واعترف بوجود بعض الصعوبات في التعرف على هوية متقلي المكالمات المشبوهة في سويسرا، الذين عادة ما يستخدمون هاتفايحمل بطاقة الكترونية غير مسجلة.
أما وزيرة العدل والشرطة، فقد شرحت أن برنامج حماية الأمن القومي في سويسرا يحرص على متابعة الموقف عن كثب وأن جهاز المخابرات السويسرية ودائرة العلاقات الخارجية والأمن الداخلي يعقدون اجتماعا دوريا كل شهر للوقوف على آخر التطورات والتنسيق بين الجهات المعنية فيما يستجد. في الوقت نفسه، حرصت الوزيرة على طمأنة الرأي العام بأن سويسرا تحديدا ليست مستهدفة من قبل الإرهابيين.
وعلى صعيد أمن المطارات والرحلات الجوية، ليس خافيا أن سويسرا كانت في طليعة الدول التي أدخلت احتياطات أمنية مشددة على المسافرين جوا، علاوة على وجود ضابط أمن بصفة منتظمة في رحلات شركة الطيران الوطنية (سويس اير سابقا وسويس حاليا).
شبكات التمويل
ولا يمكن الحديث عن مكافحة الإرهاب دون التطرق إلى إحكام السيطرة على منابع تمويله ودور الساحة المالية السويسرية، فقد نوهت الوزيرة السويسرية إلى إشادة المسؤولين الأمريكيين بالدور السويسري “الناجح” في هذا المجال و”التعاون البناء” في متابعة ورصد الحسابات المشبوهة.
في الوقت نفسه، ستعمل الحكومة السويسرية على تشديد قوانين مكافحة غسيل الأموال حيث سيتحتم على البنوك والمؤسسات المالية الإبلاغ فورا عن أية عمليات مالية يشتبه أن تكون على صلة بالإرهاب أو الجماعات الداعمة له، وهو تطبيق عملي لقرارات الأمم المتحدة الداعية إلى قطع الإمدادات المالية عن الجماعات الإرهابية.
كما ستعمل سويسرا على تشديد عقوبة تمويل الإرهاب، بمعنى أن تمويل الجماعات الإرهابية أو المشتبه في تورطها بالإرهاب (أو مجرد التفكير في ذلك) سيصبح جريمة حتى وان لم تقع عملية إرهابية، ويأتي هذا التصريح في الوقت الذي لم يتفق فيه المجتمع الدولي بعد على تعريف واضح للإرهاب.
التيارات المتطرفة
الحديث عن الأمن الداخلي لا يقتصر فقط على الإرهاب الدولي ودور سويسرا في مكافحته، بل يشمل أيضا التيارات العنصرية واليمين المتطرف وأعمال الشغب والجريمة المنظمة في سويسرا وأوروبا، حيث ستعمل الحكومة الفدرالية على مواجهة هذه التيارات بشكل أقوى، لاسيما بعد أن لوحظ ارتفاع في أعداد المؤيدين للتيارات اليمنية وتوغل عصابات الجريمة المنظمة في أكثر من مجال مثل تهريب السجائر والمخدرات وإدارة شبكات الرقيق الأبيض والدعارة.
ومن الخطوات الجديدة التي أعلنت عنها وزيرة العدل والشرطة يوم الخميس، مصادرة جميع الشعارات والشارات التي تحمل علامات النازية القديمة والجديدة مثل الصليب المعقوف أو الشعارات التي تحض على كراهية قومية أو عرق أو دين ومنع توزيع المنشورات والمطبوعات التي تبث روح الكراهية والعداء ضد آخرين، وذلك انطلاقا من مبدأ “ان الحرية الشخصية لها حدود ولا يجب أن تتجاوزها للتأثير سلبا على أمن وسلامة الحريات العامة”.
وعلى الرغم من أن سويسرا قامت منذ 11 سبتمبر بزيادة الحراسة على بعض السفارات الأجنبية في برن وتحديدا الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، إلا أنها قررت زيادة عدد الجنود المخصصين لحماية البعثات الأجنبية في جنيف حيث سيرتفع عددهم من 15 إلى 60 وهو ما يعني ارتفاع ميزانية حماية البعثات الدولية في جنيف من مليون وربع المليون فرنك إلى خمسة ملايين فرنك.
وعندما يتعلق الأمر بالأمن الداخلي، فإن السلطات السويسرية لا تتهاون، فالاستقرار السياسي الداخلي هو أحد المميزات التي تنفرد بها سويسرا وسط القارة الأوروبية، ولا يبدو أن المسؤولين على استعداد تحت أي ظرف من الظروف للتفريط في هذه الخاصية المتعددة المزايا.
تامر أبو العينين
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.