مقترحات خبير أمريكي لتجاوز الخيبات في العراق
أكّـد البيت الأبيض أن الرئيس بوش سيستخدم حق النقض للمرة الثانية ضد مشروع قانون يناقشه مجلس النواب، يربط بين توفير المخصصات المالية الطارئة لتمويل الحرب في العراق على دفعات، وبين تأكيدات دورية من البيت الأبيض بتحقيق الأهداف المرجوة.
وفيما يتزايد الشد والجذب بين البيت الأبيض والكونغرس، الذي يحظى فيه الديمقراطيون بالأغلبية في مجلسيه، أعد الدكتور أنتوني كوردسمان، دراسة تحت عنوان “إستراتيجية لأمريكا في العراق وأفغانستان تتخطى الفشل الحزبي والخداع”.
أكّـد البيت الأبيض أن الرئيس بوش سيستخدم حق النقض للمرة الثانية ضد مشروع قانون يناقشه مجلس النواب، يربط بين توفير المخصصات المالية الطارئة لتمويل الحرب في العراق على دفعات، وبين تأكيدات دورية من البيت الأبيض بتحقيق الأهداف المرجوة، فيما تعهد الديمقراطيون بتنفيذ رغبة الشعب الأمريكي في إنهاء الحرب وسحب القوات الأمريكية من العراق.
وفيما يتزايد الشد والجذب بين البيت الأبيض والكونغرس، الذي يحظى فيه الديمقراطيون بالأغلبية في مجلسيه، أعد الدكتور أنتوني كوردسمان، الخبير الاستراتيجي بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن دراسة جديدة تحت عنوان: “إستراتيجية لأمريكا في العراق وأفغانستان تتخطى الفشل الحزبي والخداع”، اتَّـهم فيها كلاّ من البيت الأبيض والكونغرس الديمقراطي بالإخفاق في الوفاء بما كان الشعب الأمريكي يأمل في تحقيقه، والفشل في تأكيد دور له مغزى في الحربين اللتين تخوضهما الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.
أوجه إخفاق بوش
يرى الدكتور كوردسمان أن إدارة بوش أخفقت من جديد في القيام بدور الزعامة وعادت إلى السقوط في فخّ المبالغة والتهويل والتلاعب بالحقائق، وضرب مثالا على ذلك، برفض البيت الأبيض أي حديث عن جدول زمني للانسحاب من العراق، بحُـجة أن الانسحاب سيُـحوِّل العراق إلى ملاذ آمن لتنظيم القاعدة ولشنِّ هجمات ضدّ الولايات المتحدة، وقال إن إدارة بوش تتجاهل حقيقة المقاومة القوية والمتنامية من السُـنة في مواجهة أي محاولة لدخول مقاتلي القاعدة إلى مناطقهم، ناهيك عن قوة مركز كل من الشيعة والأكراد في العراق.
ويقول الدكتور كوردسمان، إن التحدي الرئيسي الذي يواجِـه إدارة الرئيس بوش الآن، هو التوصل إلى إستراتيجية تنطوي على فُـرص للنجاح في العراق، بدلا من الإخفاق المتواصل للرئيس بوش في إعداد خُـطط بعيدة المدى لمواجهة السيناريوهات المحتملة، سواء في العراق أو مع إيران أو حتى فيما يتعلّـق بالحرب المعلنة على الإرهاب.
وبدلا من وضع تلك الخُـطط، تكتفي إدارة بوش بتقديم الوعود بتحقيق نجاح أسرع ممَّـا يُـمكن أن يأمل أي متعقل في إنجازه، والمبالغة في تصوير ما يتِـم إحرازه من تقدُّم بسيط على أنه إنجاز رائع، مما أفقد إدارة بوش ثِـقة الشعب والكونغرس في أي تقييم يصدُر عن بوش حول التقدم في تشكيل قوات الأمن والشرطة والجيش العراقي أو نجاح الحكومة العراقية في إدارة شؤون البلاد وبسط سيادة القانون أو حتى فيما يتعلق بتنفيذ برنامج فعَّـال للمساعدات الاقتصادية للعراق.
ويقول الخبير الاستراتيجي الأمريكي: “إن إصرار بوش على أن إستراتيجيته الأخيرة بزيادة عدد القوات الأمريكية ستوفِّـر النجاح في تأمين بغداد، يتجاهل حقيقة أنه يضع القوات الأمريكية أمام تحدٍّ ليست مؤهلة لخوضه وحدها، سواء فيما يتعلق بالقوة أو الإمكانيات المدنية العسكرية”، ويقول إن القادة العسكريين الأمريكيين حذّروا مِـرارا وتِـكرارا من أنه، لكي يمكن إحراز النتائج المرجوة، تلزم إستراتيجية حقيقية تعتمِـد على عناصر محدّدة هي:
أولا، تحقيق نجاح كبير في عملية المُـصالحة السياسية في العراق.
ثانيا، تمكّـن الحكومة العراقية من إظهار فعاليتها في بغداد أولا، ثم في أرجاء العراق.
ثالثا، التمكّـن من تشكيل قوّة شرطة وجيش عراقي فعّـال في الوقت الزمني المتاح.
رابعا، تمكّـن الولايات المتحدة من تنفيذ برنامج قوي للمساعدات المدنية والعسكرية للعراق.
ولكن الدكتور كوردسمان يرى أن العناصر الأربعة لن يُـمكن توفيرها في المدّة المتاحة أمام الرئيس بوش لإظهار نجاح خطّـته الأمنية، مما يجعل منها مهمّـة غير معقولة، بل ومهمّـة فاشلة، إذا ارتبط تنفيذها زمنيا بحملة انتخابات الرئاسة الأمريكية في العام القادم.
وينبِّـه الدكتور كوردسمان إلى أن نجاح المهمّـة قد يحتاج إلى 6 أعوام أو أكثر، ويقول، إن النجاح في العراق يحتاج قبل كل شيء إلى زعامة نزيهة تبلِّـغ الشعب الأمريكي بحقائق الفترة الزمنية اللازمة والنفقات والتضحيات التي يجب تقديمها، بدلا من إدارة بوش التي تواجه الجداول الزمنية التي يطالب بها الكونغرس، بتقديم وعود زائفة حول ما تمّ إنجازه وما يمكن تحقيقه في المستقبل، والإصرار على عدم الاعتراف بإخفاقات عديدة، منها إهدار ما يصل إلى 38 مليار دولار من الأموال الأمريكية والعراقية والدولية، التي كانت مخصَّـصة لمساعدة العراق اقتصاديا.
إخفاقات الكونغرس “الديمقراطي”
ورغم أن أحدث استطلاع لآراء الشعب الأمريكي، يظهر أن 60% من الأمريكيين يؤيِّـدون وضع جدول زمني لسحب القوات الأمريكية من العراق، فإن 68% منهم يُـقِـرون بأنه، إذا انسحبت القوات الأمريكية من العراق في العام القادم، فإن حربا أهلية مدمِّـرة ستندلع في العراق، ولذلك، يرى الدكتور أنتوني كوردسمان أن الكونغرس الديمقراطي ليس أفضل حالا من البيت الأبيض، حيث يعتقد أنه من المستحيل ألا يكون الزعماء الديمقراطيون في مجلسي الكونغرس مُـدركين لحقيقة أن الضوابط ومعايير النجاح التي يحاولون إلزام الرئيس بها لكي يوافقوا على تمويل الحرب في العراق، لا يمكن تطبيقها.
وبالتالي، يتهم الدكتور كوردسمان الكونغرس الديمقراطي بعدم النزاهة والاهتمام باستعراض المواقف كسْـبا للتأييد الشعبي وإحراز مكاسب حزبية والإمعان في تجاهل الحقائق التالية:
أولا، أن سلطة الحكم الأمريكي المؤقَّـت هي التي حالت دُون إجراء الانتخابات المحلية في العراق وأخفقت في تنفيذ خُـطط حل الميليشيات، وكانت الولايات المتحدة مسؤولة عن إفراغ مؤسسات الدولة العراقية من الكوادر العِـلمانية، بسبب الإصرار على تسريح كل من كانت له منهم صلة بحزب البعث العراقي، والأخطر من ذلك، هو تسّرع الولايات المتحدة في إجراء انتخابات قومية في العراق، اتّـبعت فيها نظاما انتخابيا أجبَـر العراقيين على الانقسام على أسُـس طائفية وعرقية، دفع بزعامات عراقية ضعيفة ومنقسمة ولا تتوفر لها الخبرات السياسية اللازمة لتولي السلطة، وكانت الولايات المتحدة، هي التي دفعت العراقيين إلى صياغة دستور جديد في وقت تضافرت فيه الظروف السائدة لتكريس صراع عرقي وطائفي على السلطة، تسلل إلى كل وجه من وجوه النظام السياسي العراقي وفقد فيه السُـنة فرصتهم وحقّـهم في التمثيل.
ثانيا، من المستحيل تصوّر أن تحديد جدول زمني للانسحاب أو ضوابط غير واقعية لتفعيل النظام السياسي في العراق سيكون من شأنه دفع العراقيين إلى وضع يسُـود فيه الاستقرار أو تتحقق فيه الوحدة الوطنية، ويجب أن يُـدرك الديمقراطيون كذلك، أن إعداد الجيش وقوات الشرطة العراقية لتولي مهام الأمن، لن يتأتّـى بين عشية وضحاها وسيلزم وقت طويل قبل أن يتحسّـن أداء الحكومة العراقية والاقتصاد العراقي.
ثالثا، أن محور تحقيق النجاح في العراق، هو المصالحة الوطنية، ولذلك، فلن يمكن الاعتماد في وضع معايير إحراز التقدّم على ما تتّـخذه الحكومة والبرلمان العراقي من قرارات، حيث أن العراق حاليا لا يتمتّـع بحكومة مركزية فعّـالة ولا يسُـود فيه حكم القانون، وبالتالي، فإن النجاح يتوقف على إمكانية توصّـل الفئات العراقية المتنافسة إلى حلول وسط، تتَّـسم بالواقعية، وسيستغرق ذلك وقتا أطول وجهودا تفاوضية أمريكية هادئة تتحلّـى بالصبر والمثابرة.
ما الذي يُـمكن عمله في العراق؟
ويخلِّـص الدكتور كوردسمان في تقريره إلى أن هناك مجموعة من الخطوات التي يمكن بإتباعها أن تنجح الجهود الأمريكية في توفير الاستقرار والأمن للعراق خلال السنوات القادمة من بينها:
أولا، منح السُـنة تمثيلا حقيقيا في كافة مستويات الحكومة العراقية يتناسب مع حجمهم، مع العمل على مزج عادل للسُـنة والشيعة والأكراد في وزارات ومؤسسات الدولة.
ثانيا، إعادة كل كوادر المؤسسات العراقية من أعضاء حزب البعث السابقين إلى وظائفهم، بشرط عدم تورّطهم في الماضي في جرائم عنف.
ثالثا، تعديل الدستور العراقي، بحيث تتوفّـر الحماية لكل المواطنين العراقيين، وتتم إزالة كل الصيّـاغات التي تكرّس الفرقة والانقسام على أسُـس عرقية أو طائفية.
رابعا، حل وتفكيك الميليشيات وتشكيل مراكز لإعادة تأهيل أعضاء الميليشيات، لكسب الرِّزق بعيدا عن الاقتتال.
خامسا، التركيز على خِـدمة المواطن العراقي وتوفير الخدمات الحكومية له، بدلا من التركيز على الجانب السياسي ومحاولة التعجيل بنموذج ديمقراطي على النسق الغربي في العراق.
سادسا، تقبّـل حقيقة أنه لن يُـمكن إحراز نصر في العراق خلال ما تبقّـى للرئيس بوش من وقت في البيت الأبيض، ومن ثم، بذل جهود يتعاون من خلالها الحزبان، الديمقراطي والجمهوري، على التوصل إلى قناعة مشتركة بأن الحلّ في العراق يحتاج إلى سنوات، وليس إلى شهور.
محمد ماضي – واشنطن
واشنطن (رويترز) – رفض مجلس النواب الامريكي يوم الخميس مشروع قانون قدمه ديمقراطيون معارضون للحرب لسحب جميع القوات الامريكية المقاتلة من العراق بحلول أوائل العام القادم.
والمشروع الذي رفضه المجلس بأغلبية 255 مقابل 171 صوتا كان يقضي بأن يبدأ سحب القوات الامريكية المقاتلة في غضون ثلاثة أشهر مع منح البنتاجون ستة أشهر أُخرى لاتمام تحريك القوات بما ينهي فعليا الحرب التي مضى عليها أربعة أعوام.
وقال النائب الديمقراطي جيمس مكجفرن “هذه الحرب مأساة رهيبة وحان الوقت لوضع نهاية لها.”
لكن النائب الجمهوري جيري لويس وصف المشروع بأنه “قصير النظر وخطير”.
ومن المتوقع ان يصوت مجلس النواب في وقت لاحق من يوم الخميس على مشروع قانون يقدم تمويلا جديدا كافيا لحرب العراق لشهرين أو ثلاثة أشهر أُخرى مع خيار للموافقة على حزمة أُخرى من الاموال في يوليو تموز. وتوعد الرئيس جورج بوش باستخدام سلطة النقض ( الفيتو) ضد المشروع.
ووفقا لمشروع القانون يمكن لبوش الحصول على 42.8 مليار دولار كدفعة مقدمة. وبعد تلقي المجلس تقارير من البيت الابيض عن سير الحرب في يوليو يصوت الكونجرس في أواخر الشهر نفسه على ان كان من الممكن توفير 52.8 مليار دولار أخرى لمواصلة الحرب في العراق حتى سبتمبر أيلول أو استخدام الاموال لسحب أغلب القوات بنهاية هذا العام.
ويريد بوش المبلغ كاملا لتمويل العمليات القتالية على الفور ودون أية شروط.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 11 مايو 2007)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.