ملف جماعة العدل والإحسان يعود إلى الواجهة
اعادت مداهمات قامت بها السلطات طوال الاسبوع الماضي في عدد من المدن المغربية فتح ملف جماعة العدل والاحسان الاصولية المغربية شبه المحظورة.
وفيما ينفي مراقبون وجود علاقة ما بين هذه الحملة وبين الإنتخابات البرلمانية القادمة في خريف 2007، لا يستبعد البعض ذلك.
منذ يوم الثلاثاء 30 مايو الماضي، داهمت السلطات مقرات شبه رسمية لجماعة العدل والاحسان ومنازل ناشطيها في المدن المغربية الكبرى، وقامت باعتقال من كان يتواجد فيها لتطلق سراحهم بعد ساعات من التحقيق وصادرت ما كانت تحتويه تلك المقرات والمنازل من حواسيب او اقراص مدمجة او كتب ومنشورات تتعلق بالجماعة وافكارها ورؤيتها.
في تلك المنازل والمقرات كان يتواجد العشرات من ناشطي الجماعة او مواطنين رغبوا في الإستماع إلى ما تقوله في ما تسميه الجماعة “مجالس النصيحة” التي تنظمها في اطار ايام مفتوحة تقول الجماعة انها تعقدها لشرح وتوضيح افكار الجماعة ورؤاها ومواقفها بعد حملة تشويه تعرضت لها منذ اطلاق الجماعة ما وصفته بالقومة الكبرى وحديث شخصيات بارزة فيها عن رؤى أو أحلام.
واذا كانت ملاحقة ناشطي الجماعة التي “لا تتوقف”، حسب فتح الله ارسلان الناطق الرسمي باسم الجماعة، لم تحظى بالكثير من الإهتمام في السابق، فإن اتساعها الاسبوع الماضي لتشمل كل المدن المغربية ومئات من ناشطي الجماعة او المقربين منها، يثير اسئلة حول طبيعة العلاقة التي تحكم علاقة السلطات واقوى التيارات الاصولية المغربية، بعد تواطئ متبادل دام عدة سنوات، تميز بصمت السلطات عن نشاط الجماعة وعدم اثارة الجماعة لاي توتر امني.
ويقول فتح الله ارسلان، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان في تصريحات لسويس انفو ان “حملة المداهمات تعبر عن ارباك لدى السلطات في كيفية التعاطي مع الجماعة، وتكشف عن هشاشة ما تعلنه السلطات عن الحريات وحقوق الانسان والديمقراطية”.
أبرز أهداف السلطة
وكانت جماعة العدل والاحسان قد نأت بنفسها عن العنف منذ تأسيسها واستطاعت ان تتعاطى بهدوء مع الهجمات الانتحارية التي استهدفت مدينة الدار البيضاء في 16 مايو 2003 الا ان تصريحات للناشطة البارزة نادية ياسين، كريمة الشيخ عبد السلام ياسين مرشد الجماعة اطلقتها السنة الماضية واعلنت فيها تفضيلها قيام نظام جمهوري بالمغرب بدلا من النظام الملكي أحرج السلطات لما اوضحته في تلك التصريحات من رفضها استخدام العنف لتحقيق خيارها هذا من جهة ومن جهة ثانية اضافتها بأن الشعب المغربي يفضل في هذه المرحلة النظام الملكي.
ورغم دعم الجماعة لموقف نادية ياسين اثناء تقديمها للمحاكمة، الا ان السلطات لم تحتك بالجماعة او تلاحق اي من اعضاء مجلس الارشاد او ناشطيها.
ويعيد مراقبون الحملات الى قيام الجماعة بشاطات واسعة لم تتوقع السلطات حجمها وحجم المشاركين فيها، خاصة وانها، حسب ما يقول محمد ظريف الباحث المغربي المختص بالتيارات الاصولية، “الحملة الاولى التي يأتي فيها مواطنون الى منازل ومقرات الجماعة بدل ان يذهب ناشطو الجماعة اليهم كما كان يحدث سابقا”.
ويقول ظريف لسويس انفو “إن الجماعة نظمت الايام المفتوحة لمجالس النصيحة بعد ان لاحظت اشتداد حملة التحريض ضدها والتي شاركت فيها السلطات بالتعاون وتيارات يسارية والتيار السلفي الذي تلقى دعما كبيرا من السلطة”.
ويوضح ظريف أن أبرز اهداف السلطة من المداهمات هو الاستنزاف اللوجستيكي المالي للجماعة حيث ان اساس الايام المفتوحة التي نظمتها الجماعة لتصحيح صورتها ولاقت نجاحا ملفتا، كان الاعتماد على الاقراص المدمجة وهي الوسيلة التي استخدمها خصومها في حملات التحريض ضدها وكانت الهدف الرئيسي للمداهمات لتطويق ومحاصرة الجماعة ماديا حيث كشفت مجالس النصيحة عن امكانيات مادية لدى الجماعة، بعد أن ساد الإعتقاد بأن هذه الامكانيات ضعيفة.
تحذيرات استباقية
والى جانب محاصرة الجماعة ماديا قد تهدف السلطات من حملات المداهمة إلى إعادة الجماعة الى وضعيتها القانونية كجمعية محظورة لا يحق لها تنظيم اجتماعات او جمع اموال وهو ما اكد عليه وزير الداخلية المغربي شكيب بن موسى ويطعن به فتح الله ارسلان مستشهدا بأحكام قضائية تعاطت مع جماعة العدل والاحسان باعتبارها جمعية قانونية.
ويقول محمد ظريف إن السلطة لا زالت تعتبر قرار وزير الداخلية الاسبق ادريس البصري الصادر في عام 1991 بحظر نشاط الجماعة وحلها “قرارا قانونيا”، في حين تعتبر الجماعة ان قرار ادريس البصري “يؤكد شرعيتها وقانونيتها” لانه لا يمكن أن يصدر وزير الداخلية قرارا بمنع جمعية او حلها إذا كانت جمعية غير شرعية.
ويشكك كل من فتح الله ارسلان ومحمد ظريف بوجود علاقة بين المداهمات الأخيرة والانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في خريف عام 2007 والتي توقعت مراكز امريكية بفوز الاسلاميين المغاربة المعتدلين وأبرزهم حزب العدالة والتنمية بأغلبية تؤهلهم لتشكيل الحكومة وتدبير الشأن العام.
ويؤكد ارسلان لسويس إنفو أن جماعته لا تفكر بالمشاركة في انتخابات 2007 وهو ما تعرفه السلطات جيدا، الا انه لا يستبعد ان تذهب السلطات في تفكيرها بأن الحملة ضد جماعة العدل والاحسان سيدفع بالمواطنين بالنأي بأنفسهم عن التيارات الاصولية المعتدلة.
ويقول محمد ظريف إن هذا ممكن حيث ان تقرير المعهد الجمهوري الامريكي الذي رشح حزب العدالة والتنمية بالفوز بالانتخابات التشريعية القادمة قد يدفع التيارات اليسارية والسلطة لتوجيه تحذيرات استباقية للتيارات الاصولية المغربية وتذكيرهم بحدود يجب ان لا تتجاوزها.
وإذا ما صحت هذه التخمينات، فإن تكون حملة المداهمات تكون مرتبطة بشكل غير مباشر بالتشريعيات القادمة.
محمود معروف – الرباط
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.